مجزرة صبرا وشاتيلا واحدة من اكبر جرائم العصر

بقلم: عباس الجمعة


تمر علينا هذه الأيام الذكرى الثلاثون للمجزرة المريعة في صبرا وشاتيلا وضحاياها لا يزالون ينتظرون من يقتص لهم من القتلة ويحقق لهم بعض من العدل، حيث نرى اليوم ان ميزان العدل يختل ويسود منطق قوة الباطل ، وغياب الحق الذي لا تسنده سوى استمرار الشعب الفلسطيني بنبرته العالية.
ان مجزرة صبرا وشاتيلا الذي ذهب ضحيتها اكثر من ثلاثة الاف وخمسمائة مواطن فلسطيني ولبناني معظمهم من الاطفال والنساء والشيوخ، على ايدي الكيان الصهيوني الطفل المدلل للولايات المتحدة الامريكية خلال اجتياحه للبنان وبعد انسحاب قوات الثورة الفلسطينية من بيروت العربية عام 1982 واحتلال قوات العدو بقيادة السفاح المجرم شارون لبيروت ليرتكب جريمة حرب تهز شعوب العالم أجمع لا تهز حكومات الغرب والشرق قيد أنملة، بعدما غابت الحقيقة خلف الأفق كالشمس ولكن بلا عودة وبعدما كان كل مخيم وكل ساحة ملعب لتركيع وسفك دماء الشعب الفلسطيني واللبناني .
ان مجزرة صبرا وشاتيلا ليست أول المجازر الصهيونية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطينى ، ولم تكن الاخيرة ، فقد سبقتها مجازر قبية ودير ياسين والطنطورة، وتلتها مجزرة مخيم جنين، ومجازر غزة ،وان هذه المجزرة اتت انتقاما من الشعبين الفلسطيني واللبناني الذين صمدوا في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية الذي لقنته القوات المشتركة الفلسطينية واللبنانية ومعها الجيش العربي السوري درسا في الصمود والتحدي .
الاحتلال الصهيوني ومعه المليشيات الانعزالية طيلة ثلاثة أيام ارتكب أبشع مجزرة بكل الأساليب الوحشية الحاقدة ، بلغت الأوج ، وعلى أنقاض هذه المجازر يجب الانتقال إلى المآثر ، مآثر الصمود والوحدة الوطنية ، وتفجر الطاقات الشعبية الجبارة في وجه أعداء السلام ، هذا هو السلاح الوحيد الذي لم يجرب على نطاق العالم العربي ضد نظم استحدثتها الان الولايات المتحدة حتى تكون حليفتها الاستراتيجية التي تؤمن لها سيطرتها على مقدرات الامة وثرواتها ، الا اننا على يقين بان الشعوب العربية التي انتفضت لتغيير انظمة الاستبداد والفساد لا يمكن ان تنحني قامتها وهامتها وستبقى الى جانب فلسطين القضية والشعب والارض بمواجهة المتغطرسين المجرمين الذين ارادوا من خلال فيلم الاساءة للرسول محمد صلى الله عليه ، هذه القوى الرجعية المتساوقة والمنساقة مع اكبر نظام إرهابي في العالم فهم يتعمقون أكثر في العمالة.
لم يعرف التاريخ رجعية أكثر من هؤلاء ، وهذا يتطلب من القوى التقدمية والقومية العربية استنهاض طاقاتها لمواجهة المخاطر المحدقة واعادة البوصلة الى واجهتها الصحيحة ومقاومة الفوضى الخلاقة ورسم سايكس بيكو جديد او شرق اوسط جديد هدفها قمع الحريات وعدم تمكين الشعوب من تحقيق ما ناضلت اليه من اجل حريتها وعدالتها الاجتماعية .
انه سجل الكيان الصهيوني الاسود حافل في المجازر ضد الشعب الفلسطيني منذ ما قبل عام النكبة 1948، غير ان المجزرة الاشد ترويعا وخطورة وبشاعة في ذلك السجل الصهيوني، تبقى مجزرة صبرا وشاتيلا، المنقوشة على لوحة لم ينجح غبار الزمن والاحداث والكوارث والمجازر الاخرى في إخفائها ولم تنجح كل محاولات التزييف ومحو التاريخ طمسها، من الذاكرة الفلسطينية والعربية والدولية.
وهنا السؤال الكبير متى سيدفع قادة الإرهاب الصهيوني فاتورة الحسابات المتراكمة ، والتي لم تكن المجزرة المروعة في صبرا وشاتيلا سوى واحدة منها ،فدولة الاحتلال لم تحترم أي اتفاق والتاريخ حافل بالشواهد من خلال ما نراه من تدنيس للمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس او من خلال تهويد الارض والقيام في النشاطات الاستيطانية في الضفة الفلسطينية بما فيها النمو الطبيعي وتستمر ببناء الجدار العنصري رغم قرار المحكمة الدولية, وترتكب المجازر يومياً بحق شعبنا الفلسطيني في الضفة وغزة.
إن مجزرة صبرا وشاتيلا هي عنوان شعب مضطهد ضاقت به الأرض على اتساعها. ووجود مخيمات الصفيح على الحدود العراقية- الأردنية, والعراقية-السورية, التي بنيت بعد حملة من القتل والتنكيل مارستها قوات الاحتلال الامريكي وحلفائها ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في العراق وفي حيّ البلديات تحديداً، اضافة الى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في مخيمات سوريا من قتل وتهجير .
ختاما: لا بد من القول ان مجزرة صبرا وشاتيلا ستبقى في الذاكرة الفلسطينية وستبقى برسم المحاكم الدولية ، وان التاريخ الفلسطيني لن ينسى ابدا دموية تلك المجازر مهما طال الزمن أو قصر فسوف يأتي اليوم الذي يعود الحق لأصحابه .. وهذا أقل وفاء لمن استشهدوا بدم بارد وأعدموا في بيوتهم ومثل بجثثهم ، ولقد أثبت التاريخ أن صاحب الحق لا يموت ، ولا حق يموت وخلفه مُطالب.
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت