نغضب لفلم مُحمد .. ولا نغضب لمسرى مُحمد !؟

بقلم: منذر ارشيد

بسم الله الرحمن الرحيم
( 1)
نغضب لفلم مُحمد .. ولا نغضب لمسرى مُحمد !؟

اللهم صلي على سيدنا وحبيبنا محمد, صلاة بعدد ما السموات والأرض من شجر وبشر وحجر وذرات تراب وحبات رمل وقطرات ماء ونسمات هواء
تمر السنوات والعقود والقرون على الأمة الإسلامية ونرى التراجع والتخاذل لا بل الإنحطاط في كل نواحي الحياة التي من المفترض أن تنضبط مع أسس ومبادي ديننا الحنيف الذي نزل رحمة للناس مع رسول الرحمة ليعدل مسار البشرية ويخرجها من الظلمات إلى النور ويضبط إيقاعهم مع تطور الزمان
إلا أننا نتقهقر وننحدر حتى نكاد ننسحق كأمة كانت خير أمة أخرجت للناس وقد نهضنا مع عهد الرسالة نهضة نوعية في كل نواحي الحياة العلمية والثقافية والاجتماعية ناهيك عن الإقتصادية من خلال العدل والمساواة بين الناس وتقدمنا في كل شيء حتى أصبحنا الدولة العظمى الأولى
كيف لا ودولة الاسلام التي أسسها النبي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلت إلى روما وفارس والصين وفتحت آفاق المعرفة والعلم وأنارت ظلام الدنيا
صحيح أننا اليوم كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم غثاء كغثاء السيل , مما أسعد وأفرح أعدائنا ,
وقد سيطروا على كل مقدراتنا التي أنعم الله علينا بها .. (وهل البترول للعرب) ..!
لو كان للعرب والمسلمين فعلاً لكان وضع العرب ليس كما هو الان ولما تجرأ أرذل الناس على أعز الناس وعلى ديننا وقراننا وتراثنا , ولما كانت فلسطين تتسول العالم الغربي ولما كان الفقر هو سمة العالم العربي , ولما كانت إسرائيل تتفوق بغطرستها علينا وعلى مقدساتنا ولما كان حكام البترول إمعات ينساقون لسياسات أمريكا وأوروبا بما يخدم الكيان الصهيوني
ربما يراهن الغرب المتصهين أن أمة الإسلام قد غاب وعيها ونامت نومة أهل الكهف وأنهم باستطاعتهم تحقيق كل مخططاتهم الشيطانية مع هذا الغياب
إلا أن حركة من حركاتهم الشيطانية أطلقت شرارة النهوض والوعي للإنسان المؤمن فرأينا هذا الهيجان العارم في مختلف بلدان العالم وبصرخة رجل واحد خرج مئات الملايين ليقولوا للعالم ( إلا محمد )
شيء عظيم أن نرى هذا الحب والوفاء لنبينا الكريم الحبيب على قلوبنا صلوات الله وسلامه عليه
ولكن أين الحب والوفاء الحقيقي والضروري للرسول وللدين والعقيدة الاسلامية ..!
ألا يمارس كل أنواع الشتم والمهانة للنبي وفي عقر داره ومسراه العظيم ومعراجه إلى السماء .!
ماذا عن المسجد الأقصى الذي تمارس عليه أبشع الممارسات العدوانية وبشكل يومي من خلال الحفر والاستفزاز والتنجيس , ألا يرى المسلمون دخول الجنود الصهاينة الى باحات المسجد
ألا يشاهدون ضرب المصلين ودخول الحاخامات واقامة الصلوات الشيطانية مقابل الحرم .!
ألا يعرف العرب والمسلمون أن مسرى محمد ذاهب إلى التدمير ..!
ألا يرون ما يجري للقدس من تهويد ومن عمليات طرد للمقدسيين وقد كانت هناك مطالبات لتثبيتهم من خلال دعمهم المالي وتوسيع دائرة صمودهم حتى تبقى القدس عصية على الصهاينة
ولكن عرب البترول وعدوا وعد عرقوب لا بل خذلوا القدس ومسرى محمد
أليست القدس أغلى على محمد صلى الله عليه وسلم من بقاع الأرض وفيها ومنها صعد إلى الله .!
أعتقد أن الذي جرى خلال الأيام الماضية من صحوة مفاجئة وقسرية يجب أن تضعنا كأمة إسلامية وعربة أمام مسؤولياتنا المستقبلية وأن يكون هناك عمل جماهيري منتظم ومدروس لتفعيل دور مجتمعاتنا العربية والإسلامية والتواصل من خلال التجمعات البرلمانية والمنظمات الوطنية والمدنية وعقد ورشات عمل أو مؤتمرات وندوات تدرس وضع الأمة وكيفية مواجهة العدوان الدائم على مقدساتها وقيمها وعقيدتها
وعلى رأس كل ذلك وضع المدينة الأقدس في العالم للمسلمين والمسيحيين ونطور المسألة حتى نوصلها إلى بقية شعوب العالم لأعادة طرحها عليهم خاصة أن الأجيال الجديدة في العالم الغربي منخدعة بالدعاية الصهيونية ولا تعرف حقيقة ديننا الحنيف ولا يعرفون أن إسرائيل تحتل أرضنا ومقدساتنا بل يعرفون أن إسرائيل دولة مظلومة بين غابة من العرب والمسلمين الإرهابيين
وكما أنه على الشباب الواعي والمثقف أن يستغل شبكات التواصل إستغلالاً مفيداً من خلال توجيه رسائل ناصعة عن ديننا ومعتقداتنا ونشر ثقافة التسامح والاحترام والسلام التي هي رسالة الإسلام
وإفهامهم أننا لسنا طلاب حروب ولا سفك دماء وحربنا فقط على من يغتصب حقوقنا وبلادنا
وأن ثورتنا وغضبنا فقط على من يجاهر بعدائنا والعدوان على بلادنا واحتلال مقدساتنا
وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون
صدق الله العظيم
انتهى
لمن يرغب المتابعة ..موضوع ذو صلة
...........................................
( 2)
(إنا كفيناك المستهزئين )
بيت المقدس المسجد الأقصى ..صرخة تُطلق كل يوم منذ أن تم حرقه وتنادي شيخ الاسلام الفلسطيني
بطل الأقصى الشيخ رائد صلاح وقد كان أول من أطلق النداء
( القدس في خطر )
نعم ربما يحق لنا القول أن القدس ضاعت أو تكاد تضيع مع كل أنواع الاستفزاز من قبل الصهاينة
من تهويد وهدم وسلب أراضي وبيوت العرب وما يتم فعله في محيط المسجد الأقصى من حفريات تهدد أساساته وحكام العرب لئام ونيام , وقيام فقط لتلبية مطالب أمريكا وأوروبا ناهيك عن تمويلهم لعلميات القتل والتدمير في المنطقة العربية لما يحقق إنجاح مخططاتهم
هبة مؤقتة تأتي مع كل مناسبة كتلك التي نحن بصددها وبعد أيام تنتهي وكأن شيئاً لم يكن
ولا ندري لماذا لا يكون الشعوب العربية والإسلامية في حالة استنفار دائم وغضب عارم أزاء ما يجري لمسرى رسول البشرية محمد صلى الله عليه وسلم .!
ما جرى هذه الأيام وقد تنادت أمة لا إلاه إلا الله أمام فلم شيطاني تافه وأقول تافه حيث أنه ماذا يهم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في أعلى درجة في جنان الخلد , ما يضيره والله تعالى قال في محكم التنزيل
(إنا كفيناك المستهزئين )
ولكن هل نكتفي بهذا والله تعالى قد كفى نبي البشرية المستهزئين من الكفار والمنافقين
وقد كلفنا الله تعالى أن نكون مسلمين مؤمنين من خلال تعاليمه السمحة حتى نكون أهلاً لتحمل المسؤولية , ومن أهم عوامل التكليف أن نحمي ديننا وعقيدتنا وندافع عنها لا بل نجاهد بالغالي والنفيس
عندما يتم التعدي على حدود الله , ومن أهم حدود الله الدفاع عن القران وحامل رسالة القران صلى الله عليه وسلم , وأعجب من أمة لم يحركها أيضاً قتل عشرات الالاف من إخوانهم المسلمين في بورما..!
ربما أن هذا الفيلم بكل تفاصيله وتبعاته كان موجهاً وفي هذا الوقت بالذات لأهداف منها نعرفها ومنها لا نعرفها , وأيضاً لمعرفة ردود الفعل لدى أمة الاسلام وخاصة أن العالم العربي والاسلامي كلٌ منشغل ٌ بهمومه الداخلية التي غيرت الكثير .
بدون أدنى شك أن توقيت فضح هذا الفيلم لم يكن صدفة بل جاء ضمن توقيت ومخطط مدروس
وأمريكا الرسمية ليست بريئة من هذا الأمر خاصة أن التوقيت جاء مع ذكرى الحادي عشر من أيلول
التي قلبت الدنيا ولم تقعدها حتى أيامنا هذه
وكأن هناك ما يراد تنفيذه من مخططات عاجلة في المنطقة ولمعرفة نتائجه لدى الشعوب العربية والإسلامية
بمعنى (جس نبض ) , فإذا كان هذا هو المقصود أو أي هدف آخر ..ربما أيضا ًشيء يخص الانتخابات الأمريكية . . ولربما أيضاً لإشغالنا بهذه المسألة عن قضايا أخرى والأيام حبلى بالوقائع والأحداث .
الآن وقد حدث ما حدث وتوالت الاحتجاجات ومنها ما كان دمويا بامتياز

كان واضحاً أن الشعوب العربية والإسلامية سينفجر بركانها في وجه المتغطرسين في العالم وعلى رأسهم أمريكا رأس الأفعى ومن يسير في ذيلها هنا وهناك مع أي حدث يمس المعتقد الديني
ولكن ما كان يجب أن تصل الأمور لحد القتل ..وقتل من ..!
ليس دفاعاً عن سفير أكبر دولة تمارس الإجرام في منطقتنا وفي العالم , ولكن ما جرى هو بعيد عن الثأر والدفاع عن النبي الكريم ممن أساء له والله يقول ..
( و لا تزرو وازرة وزر اخرى ) ولا يجوز قتل النفس البشرية إلا إذا كانت تستحق القتل , وهذا يدلل على العجز عند من قاموا بهذا العمل لأن الأولى أن يتم قتل الجاني فقط
وإذا لم يكن الجاني بمتناول اليد فلا مبرر لقتل من يقع في اليد .. ليس هذا من الإسلام في شيء

والله تعالى لم يخصص القتل بدين أو مذهب بل قال تعالى ( من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً) صدق الله العظيم وكذب كل من يحاول أن يقول عكس ذلك
وعلى الأمة أن تتنبه لمثل هذا الأمر البغيض لأنه يدخلنا في باب ليس لنا مصلحة به وخاصة أن الشعوب لا تنسى أبنائها ونحن لسنا بصدد تأليب الشعوب علينا , وكما أنه يضيع الحق لا بل يخلط الحق بالباطل
وهنا علينا أن ننتبه لمن يتسللوا بين صفوف الأمة ليغرقوها بتفاصيل مربكة ويقلبوا الأمور
ويحرفوننا عن أهدافنا النبيلة , وأهم ما في الأمر أن تمتلك أمتنا الوعي ولا تغلب الإنفعال والغضب
والغوغاء على منطق العقل والحكمة
أعتقد أن منتجوا الفلم سيحققوا أرباحاً طائلة جراء هذه الدعاية التي جائتهم بلا مقابل
كان يكفي أن تخرج الجماهير بتظاهرات سلمية وترفع شعارات الغضب وتصرخ صرخات الإيمان
وترسل رسالة مكتوبة للسفراء الأمريكيين في بلدانهم يحددوا فيها مطالبهم وينبهون إلى خطورة المساس بالمعتقد والدين وصاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم .
إن ما يجري الان في بعض الدول من خلال حرق وتدمير يساعد أعدائنا على أن يتفوقوا علينا في كسب الرأي العام وكسب المواقف من خلال هدوئهم وعقلانيتهم التي يبدونها مع بداية كل حدث,
بينما نحن نموج ونهوج ونحرق الدنيا ونقتل من أنفسنا ما نقتل وأعدائنا يتفرجون علينا بفرح
و بعد أن تهدأ النفوس وتُستهلك الطاقات ويذهب كلٌ إلى بيته سعيداً بما قام به من تظاهر وحرق وتدمير
فنفاجأ بالرد العسكري العنيف لقوى الإستكبار بعد أن يهيئوا الظروف ويجمعوا الدعم العالمي
وتصبح القضية بعد أن كانت لصالحنا من خلال الإساءة للرسول الأكرم , تصبح القضية للأسف
جريمة قتل السفير الأمريكي , ونبدأ من الصفر مطالبين بوقف العدوان على البلد العربي المستهدف
الحقيقة أننا نحتاج لوقفة مع الذات ولو لمرة واحدة في عالمنا العربي والإسلامي
علينا أن نبحث عن الخلل الذي ينتابنا ونحن لا نستطيع أن نمارس حريتنا بشكل منضبط
وللأسف لا نحقق نتائج تعزز من تقدمنا بل على العكس نحصد الخيبة والخذلان رغم أن الفرص تأتينا
على طبق من ذهب فنبتلعها بلعاً دون أن نمضغها مما يسهل هضمها , فنصاب بعسر الهضم وتبعاته .
إن المشكلة ليست في الإسلام لأن الإسلام فيه الحل لكل مشاكلنا , فالمشكلة فينا نحن المسلمين
ومن هذا المنطلق نقول ..علينا أن نرى إسلامنا الحقيقي ونميز بينه وبين ما هو دخيل علينا من تنظيمات وأسماء تطرح الإسلام على طريقتها , وتنتهج التدمير والتخريب والعنف فقط والذي لا يستند للحكمة ولا للقوة الفعلية , أللهم القدرة على القتل والتدمير والإنتحار فقط , دون حساب الربح والخسارة وعواقب الأمور
إستشهادي فجر نفسه وقتل أربعون , خمسون , أحيانا مئة شخص من المارة والمتسوقين أو من الأطفال الآمنين في البيوت ونرى أشلاء النساء بلحمهم العاري بما تهتز له الضمائر الحية
بالله عليكم أي جنة يدخلها هذا الإستشهادي ..!
علينا أن نقف وقفة رجل واحد وننظم أنفسنا تحت راية لا إلاه إلا الله محمد رسول الله
وننظر إلى كل التيارات المستحدثة والتي تفسر الدين على مزاجها علماً أن الدين الإسلامي واضح وضوح الشمس ولا يحتاج إلى عبقرية لتفسير مبادئه وأوامره ونواهيه
ديننا دين الحرية والاستقلال وعدم التبعية.. إلا لله ورسوله ..ديننا دين السلام بين الشعوب المسالمة
ديننا دين الجهاد (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ) وليس القاء النفس إلى التهلكة
ديننا دين الجهاد لتحرير فلسطين والأقصى
(وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)
ولكن ما يجري ما هو إلى حرف فاضح عن أوامر الله وتشتيت لقوى الأمة وإبعادها عن الهدف والعدو الحقيقي
لقد أمرنا الله أن نتوحد من أجله ونستعد من خلال العلم والفهم والحنكة وبذل التضحيات وعون أهل بيت المقدس مادياً ومعنوياً من أجل صمودهم وبقائهم
أين هؤلاء الذين يدعون الإسلام والجهاد وهم يخوضون كل المعارك في العالم ويفجرون القنابل في الآمنين العرب والمسلمين , ولم نراهم يحاربوا من يغتصب مسرى نبيهم محمد عليه الصلاة والسلام .!
وأخيراً نقول إن ما جرى وسيجري إنما هو مرحلة من مراحل عودة المسلمين إلى نبع الدين الحقيقي
من خلال تنوع الأفكار وهنا سيأتي الفرز من خلال الهجوم الشيطاني على الإسلام ,
ويجب أن لا ننزعج كثيرا ً من مثل هذا الفلم وما سيأتي لاحقاً ..نعم نغضب وننهض ونثور ولكن ثورة الرجال ومعهم قادة حكماء لا غوغاء ولا إستعلاء ولا خيلاء
إنهم الشياطين وهم أعداء الله ..فاليسيئوا لديننا ولنبينا ويفعلوا كل ما يحلوا لهم وليستفزوننا لعل وعسى ننهض وننظر نظرة ثاقبة إلى مستقبلنا ومستقبل أمتنا بعض طول ضياع ..ربما هي إرادة الله وهي كذلك
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين
وسيظهر الغث من السمين وسيكتشف الناس من هم المسلمين الحقيقيين ومن هم المزيفين
وأعتقد أننا رغم ما نحن فيه من ظلم وفساد وسفك دماء أننا ذاهبون إلا المفرزة التي هي كالمعصرة
والمعصرة كما نعرف في معصرة الزيتون تهرس كل شيء ولكنها تنتج الزيت الصافي في النهاية
أما الجفت الذي لا ينفع الناس فيذهب الى المزبلة
وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون
صدق الله العظيم

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت