رام الله - وكالة قدس نت للأنباء
اعتبر رئيس الوزراء سلام فياض، أن التقدم نحو إجراء الإنتخابات العامة يشكل المدخل الصحيح للمصالحة، وجدد دعوته لإجراء الانتخابات التشريعية في أسرع وقت.
وكان رئيس الوزراء يتحدث في حفل إطلاق برنامج يعنى بتأهيل الخريجين للدخول الى سوق العمل، بشراكة بين "باديكو القابضة" ومنتدى "شارك" الشبابي والمنظمة الدولية للشباب وعدد من الجامعات.
وقال فياض "الحوار ضروري، وهو مطلوب، ولكن بعد أن جرت جولات عديدة من الحوار لانهاء الانقسام لم يتم التوصل إلى نتيجة، وقد آن الأوان لأسلوب مختلف في التعاطي مع هذا الأمر، بأن تكون الانتخابات مدخلاً لإنهاء الإنقسام واتمام المصالحة وليست نتيجة لها".
وأقر رئيس الوزراء أن السلطة، والمجتمع عموما، مشغولون بالأزمة المالية والإقتصادية الناجمة عن إرتفاع الاسعار، والتي شكلت عنوانا لموجة الاحتجاجات الأخيرة ، لكنه شدد على أهمية استمرار السلطة في العمل لمعالجة القضايا الأخرى، سواء على صعيد العملية السياسية والنضال من أجل إنهاء الاحتلال، أو إنهاء الانقسام، أو العمل على معالجة بعيدة المدى للقضايا الإجتماعية الضاغطة كالبطالة والتباين بين مخرجات التعليم وسوق العمل.
وقال "نتفهم ما جرى، بل يجب أن يستحوذ على الاهتمام من منطلق التفهم لمعاناة المواطنين، فهناك الكثير مما هو محبط، وأتفهم هذا الإحباط وأسبابه، لكن علينا أن نتحلى دوما بالأمل وبالقدرة على تجاوز هذه الحالة".
وأشار فياض إلى قرار الحكومة بإعادة تنظيم قطاع العدالة، وبما يساهم في تعزيز استقلال القضاء وترسيخ الشعور بالعدل والإنصاف لدى كافة المواطنين، باعتبارها الخدمة الأساسية التي يقدمها قطاع العدالة، وقال " بالإضافة إلى التعامل مع متطلبات المرحلة التي نمر بها، لا بد من الاستمرار في التعامل مع كافة المسؤوليات التي ليس لها علاقة بالأزمة، فعلى سبيل المثال، فإن أداء قطاع العدالة يشكل مصدراً دائماً للشكوى، وقد اتخذ مجلس الوزراء بالأمس قرارا بإعادة تنظيم هذا القطاع بشكل جذري وجوهري، وفي هذا ترشيد لعمله، ويصب بشكل مباشر في مصلحة استقلال القضاء ومجلس القضاء الاعلى، والفصل بين السلطات، وبما يقود إلى وضع لن يكون فيه لوزارة العدل تمثيل في مجلس القضاء الأعلى، وفي نفس الوقت سيمكِّن هذا التعديل من أن يتولى وزير العدل بحكم منصبه مهمة النائب العام".
وقال رئيس الوزراء إن الوضع الاقتصادي الصعب والأزمة المالية، والانقسام، وغيرها من المشاكل "كل هذا يستدعي اعادة النظر في اليات الحكم والادارة". وفي هذا السياق، أشار فياض إلى أن السلطة الوطنية افتقدت على مدى السنوات الماضية لمجلس تشريعي فاعل، وقال " افتقدت على مدار الخمس سنوات الماضية وجود مجلس تشريعي، ومخطئ من يظن أن الحكم اسهل في ظل غياب سلطة تشريعية . لا يوجد مفتاح سحري لحل كل هذه المشاكل، لكن آمل أن يعطي ذلك فرصة للتفكير في الانتخابات التي اعتقد أنها توفر حلاً لكثير من هذه المشاكل".
وأضاف " فيما يتعلق بانسداد الأفق السياسي، فإن إعادة بناء النظام على أساس ديمقراطي يجعلنا أكثر قدرة على مواجهة الواقع، وكذلك فيما يتعلق بالانقسام".
وأكد فياض أن الحكومة مستعدة لاتخاذ اجراءات غير تقليدية للتخفيف من حدة الأزمة المالية والاقتصادية، وقال "لا علاقة لها بما يقال عن وصفات للبنك الدولي أو صندوق النقد أو غيرهما من المؤسسات الدولية، فنحن نعيش في أوضاع غير تقليدية، وبالتالي مستعدون لاتخاذ إجراءات غير تقليدية". و أشار أن الحكومة تعتبر الأزمة الإقتصادية قائمة، طالما هناك أنين لأي مواطن بسبب ضغط الأوضاع المعيشية، وأن هناك الكثير مما يسبب الإحباط إلا أن الشعب يجب أن يتحلى بالأمل لنتجاوز هذه الحالة، و أن تفعيل دور الشباب يمثل بوابة لتخطي الأزمة الراهنة .
وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء إنفتاح الحكومة على كل ما يطرح من أفكار، وقال "نحن ملتزمون بالانصات التام، والاستفادة من كل ما يطرح من أفكار، فلا يمكن لأحد، بما في ذلك الحكومة، أن يدعي احتكار الحقيقية، لكن مرة أخرى، فإننا نفتقد قنوات المشاركة الشعبية على أساس ديمقراطي، وأنا أتحدث هنا بالتحديد عن غياب المجلس التشريعي . إعادة فتح هذه القنوات مطروحة للتفكير كعنوان أساسي للبدء بجهد جدي لمعالجة ما يواجهنا من مشاكل".
وأشاد فياض بجهود "باديكو" ومنتدى "شارك" الشبابي والجامعات الشريكة في مبادرة "تميز"، التي اعبترها برنامج استراتيجي طويل المدى، وليس لسنوات. وقال" البرنامج يشكل إضافة نوعية للتفكير التنموي والتخطيطي، فمجابهة واقع الأزمة يتطلب قدراً كبيراً من المسؤولية في التعامل معه، وبما يقلل من إمكانية حدوث أزمات ومشاكل في المستقبل". مؤكدا على أن مبادرة "تمَيَّز" تشتمل على عناصر الابداع و التحفيز التي تبث الأمل في الشباب. وقال" ننظر إلى الشباب كرؤية ومفهوم وأجندة ، وهذا ما يركز عليه البرنامج، فمن اسمه، على الشباب ألا ينتظر ما يأتي له وإنما السعي الى تحقيقه".
وحول إرتفاع عدد الجامعات في الاراضي الفلسطينية (13 جامعة مقارنة مع 8 جامعات فقط في إسرائيل)، في وقت بقيت نوعية التعليم متواضعة، قال رئيس الوزراء "نعم عدد الجامعات كبير، لكنني وبالرغم من ذلك أرحب بانشاء الجامعة ال14 إذا كانت جامعة أو كلية زراعية في الأغوار على سبيل المثال سواء في أريحا أو في الجفتلك، وأرحب بكل ما ينسجم مع جهود السلطة الوطنية في فرض الوقائع الإيجابية على الارض".
ويهدف برنامج "تميز" الى دمج الخريجين وإكسابهم مهارات، حياتية وتخصصية تؤهلهم للدخول إلى سوق العمل، عبر برنامج تدريبي يمتد لسنتين في احدى الشركات.
وحيا رئيس الوزراء هذه المبادرة " هذه المبادرة تشكل نموذجاً للعمل، حتى من قبل الحكومة . فمن الاْهمية بمكان اعطاء الطلاب فرصة للتفاعل مع بيئة العمل، وبما يهيؤهم للانخراط في سوق العمل، وهذا بحاجة الى العناصر التي تقوم عليها هذه المبادرة".
وأعرب فياض عن أمله في أن تتاح الموارد اللازمة "بما يمكن الحكومة من دعم هذه المبادرة وعدم الاكتفاء بالتصفيق، وبما يضمن توسيعها لتشمل كل الخريجين، وليس عددا محدودا فقط".
وشدد رئيس الوزراء على ضرورة تركيز مؤسسات التعليم على نوعية مخرجاته، وليس على الكم، وقال "هناك العديد من أوجه القصور في هذا المجال، حيث قاد التنافس بين الجامعات الى توسع أفقي في التعليم، وليس إلى التطوير النوعي، والسلطة تتحمل جزء من المسؤولية عن ذلك، لكنه أيضا مسؤولية ذاتية للجامعات، فلا أحد يمنع جامعة ما من أن تبدع وتتميز وأن تتطور عمودياً". كما أشار فياض إلى ضرورة الإسراع في إعادة تنظيم مجلس التعليم العالي ودورة في المساهمة بوضع الحلول لهذه المعضلات، وجدد التزام الحكومة بدعم قطاع الشباب ودعاهم للاستفادة من المبادرة في خدمة المجتمع الفلسطيني.
