يمتلك الشعب الفلسطيني طاقات خلاقة إن أحسن استخدامها وتوظيفها فإنها ترتقي إلى مستوى إبداع قانون القدوة الذي نحن في أمس الحاجة إليه في وقتنا الحاضر، فالأمة التي يخرج من رحمها رواد يحافظون على القدوة الحسنة لتصبح قانوناُ يحتذى به، و لتبقى سطورها حاضرة في أذهان الأجيال يتوارثونها ويورثونها من أجل وأد الفتنة ورفعة أبناء شعبهم، هي أمة حية تحمل بشائر الأمل المقاوم لحالات اليأس والإحباط والفرقة وتثبيط العزائم، فقد كان لي شرف الحضور والوقوف أمام نتائج العطاء الموصول بالصدق والانتماء لرواد فلسطينيين بدا حصاد زرعهم ظاهراُ للعيان، وهذا القول تجسد فعلاً على أيدي رجال مخلصين شهد لهم القاصي والداني ممن أدركهم الخبر، حيث كان يوم الجمعة الماضي الموافق 21/9/2012 موعداً لمهرجان العفو والتسامح بين عائلتي الدحدوح و الحسنى في ديوان آل الدحدوح على إثر حادث السير المؤسف بتاريخ 10/8/2010 والذي أودى بحياة الشهيد/ أدهم خالد الدحدوح نجل الشهيد القائد /خالد الدحدوح "أبو الوليد" وإصابة الشاب/ شعبان جابر الدحدوح – شفاه الله- على يد السائق محمود الحسنى، ليتدخل الرجال المسكونون بحب شعبهم ووطنهم، هؤلاء الجنود الذين عملوا بصمت بعيداً عن عدسات الإعلام دون كلل أو ملل لتأدية واجبهم الديني والوطني تجاه العائلتين الكريمتين (آل الدحدوح وآل الحسنى) من خلال لجان الإصلاح الوطنية بقطاع غزة التابعة لحركة فتح بقيادة علم من أعلام فلسطين المفوض العام للجان الإصلاح الأخ الفاضل/ عبد الفتاح حميد "أبو علاء"، وبمساعدة إخوانه أعضاء اللجان والمخلصين من أبناء شعبنا تكللت جهودهم ومساعيهم الخيرة بالنجاح وأثمرت صلحاً عشائرياً أحيا الأمل لدى الحشود التي قدمت من كل حدب وصوب ، كما هزت مشاعرهم وعواطفهم كلمات المتحدثين ، حيث شهد المهرجان كرماً وأخلاقاً وقيماً ومثلاً عليا جسدها آل الدحدوح الكرام بمواقفهم الإيجابية مع رجال لجان الإصلاح، وبعفوهم وصفحهم عن السائق ومسامحتهم لآل الحسنى الكرام محتسبين ابنهم ابن فلسطين شهيداً، وكذلك رفضهم لتلقى أي مال لمعالجة ابنهم المصاب، فهذه الصورة المشرقة والمشرفة التي رسمت بمداد التقوى والإخلاص على أيدي رجال لجان الإصلاح الوطنية والعائلتين الكريمتين إنما تجسد جوهر السلوك الحقيقي لأبناء شعبنا المستمد من الإطار الدلالي لموروثنا الثقافي والاجتماعي و من سماحة ديننا الإسلامي الحنيف، فشعب يحتضن في نسيجه الاجتماعي مثل هذه العائلات ومثل هؤلاء الرجال لهو قادر على تجاوز الصعاب والمحن، وقادر على طي صفحات مظلمة تعرض لها شعبنا المرابط على أرضه، وكل أحداث أو ممارسات دخيلة لا تنسجم والإطار الدلالي لمجتمعنا الفلسطيني ستذهب أدراج الرياح وسيبقى الشعب الفلسطيني متسلحاُ بعاداته وتقاليده الأصيلة المستوحاة من سماحة الإسلام .
بقلم الدكتور/ حسن أحمد
* أستاذ الإعلام بجامعة غزة
* رئيس اللجنة الثقافية والدراسات / اللجنة الشعبية بالشاطئ
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت