غزة- وكالة قدس نت للأنباء
أجمع محللان سياسيين فلسطينيين على صعوبة تعديل اتفاق "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل بسبب عدم تغير موازيين القوى بين الطرفين حتى اللحظة، بالإضافة إلى أن إسرائيل سوف ترفض إي تعديل خوفاً من أن يدفع هذا التعديل ما إن حدث لفتح اتفاقيات عربية أخرى لتعديلها، وقد أتفق المحللان على أن هناك عامل مشترك بين أتفاق "أسلو" و "كامب ديفيد" من حيث ما احتواه من نصوص لكن رأى أحدهما أن أتفاق كامديفيد كان بمثابة القشة التي قسمت الصف العربي .
ويرى المحلل الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب، لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" أن تعديل أتفاق "كامب ديفيد" ممكن أن يكون له أثر على القضية الفلسطينية والمنطقة العربية بشكل عام، ويرجع ذلك إلى طبيعة التعديل إذا تم من حيث المبدأ، حيث أن مصر لم تطالب حتى هذه اللحظة بشكل رسمي في تعديل الاتفاقية، بل أعلنت أنها متمسكة في الاتفاق، مقابل إعطاء حكم ذاتي للفلسطينيين .
وأضاف أن الموقف المصري له عدة اعتبارات جعلتها لا تطالب بشكل رسمي في تعديل الاتفاق، متابعاً بالقول :" ليس لأنها لا ترغب بل لأنها تنكفئ على ذاتها في هذه المرحلة وتعمل على بناء قدراتها خاصة العسكرية منها، وإلى حد معين فإن الاتفاق يشكل الحصن في هذا الوقت لحين ما إن تفرغ من بناء قدرتها ويعود الاستقرار داخلها".
وقال :" أما الجانب الإسرائيلي فإنه لا يرغب في تعديل الاتفاق وأي تعديل يطرأ على الاتفاق لا يصب في مصلحة السياسات الإسرائيلية، بالإضافة أن فتح وتعديل هذا الاتفاق قد يؤدي لتعديل أتفاق وادي عربة بين الأردن وإسرائيل واتفاق أوسلو مع الفلسطينيين".
ويقول بأنه "إذا ما حدث تعديل على أتفاق "كامب ديفيد" فإن هذا التعديل لن يتجاوز البنود الأمنية في الاتفاقية لأن الحديث يدور في هذه النقطة، مشيراً أنه من شأن ذلك أن يؤدي إلى أن تصبح سيناء أكثر أمناً وبتالي يتم تعزيز العلاقة بين قطاع غزة وسيناء ".
ولفت بأن أتفاق "كامب ديفيد" كان أكثر تأثيراً من أتفاق أسلو، بسبب ما تبعه من تغيرات سياسية أدت إلى ترهل تهتك في الوضع العربية، أما أسلو فكان مقصوراً تأثيره على الفلسطينيين فقط وجاء بعد كامب مديفيد .
ومن المعروف أن اتفاق كامب ديفيد عمل على إنهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل، حيث تمتعت كل البلدين بتحسين العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وأدى إلى إنهاء حالة الحرب وفتح الباب أمام مشاريع لتطوير السياحة خاصة في سيناء، وتم تبعهُ تعليق عضوية مصر في جامعة الدول العربية من عام 1979 إلى عام 1989 نتيجة التوقيع.
من جانبه يقول المحلل السياسي أكرم عطا الله، :" إن تعديل أتفاق "كامب ديفيد" يندرج في نطاق التمنيات فقط والتاريخ لا تصنعه التمنيات، فكل سطر في هذه الاتفاقية ملغم، وإسرائيل عندما وقعت الاتفاق كانت تدرك أن كل ما تضمنته هذه الاتفاقية يخدم مصلحها , في حين كان الطرف العربي دائماً يهرول وراء توقيع الاتفاقيات بعشوائية دون الرجوع للمختصين في هذا الشأن ".
وأضاف" أن إسرائيل عندما تريد توقيع أو تعديل اتفاقية فإن "دبابات التفكير الإسرائيلية" ومراكز المعلومات تبدأ بالتحرك، وهي من تحدد إمكانية التعديل أو عدمها بما يتلاءم مع المصالح الإسرائيلية فقط ولا شيء آخر ".
وأوضح أن من يصوغ أي أتفاق سياسي هي موازين القوي على أرض الواقع، ومن هذا الجانب عندما ننظر نجد أن موازين القوي على الأرض لم تتغير منذ أن وقع أتفاق كامب ديفيد حتى يومنا هذا ’ مشيراً إلى أن مصر أضعف مما تقاس علية بالسابق ولذلك لن يتم تعديل الاتفاقية .
ويقول بأن النظام السياسي في مصر هو من تغير، لكن ميزان القوي بين مصر وإسرائيل ما زال كما هو منذ أن وقع الاتفاق , ويمكن أن نقول أن الشيء الوحيد الذي يدخل في التفكير الإسرائيلي هو غضب الجماهير العربية .
ويري أن هناك عامل مشترك يجمع بين اتفاق أسلو واتفاق كامب ديفيد حيث نجد أن الاتفاقيتين نصت على ضرورة أن تكون أراضي الطرف العربي منزوعة السلاح , وهنا يتضح خبث الجانب الإسرائيلي .
ولفت إلى المخاوف التي تظهر بين الحين والآخر بشأن علاقة سكان قطاع غزة في سيناء حيث ختم قوله أنهُ "إذا ما أردنا أن نقوم في عملية تفتيش بالعقل الإسرائيلي نجد بأنهم يفكرون لخمسين عام قادم، ولذلك فإن إسرائيل تعلم علم اليقين أن قطاع غزة على وجهة الانفجار بسبب التعداد السكاني المتزايد في مساحة صغيرة , ومن هذه الزاوية تعمل إسرائيل على دفع قطاع غزة بالانفجار لجهة سيناء وهذا بات مكشوف ".
وذكرت وكالة الأنباء التركية أناضول، أن مستشار الرئيس المصري محمد سيف الدولة قال بأنه في الأيام المقبلة سيقدم اقتراحاً لتغير اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل، وحسب أقواله سيتم عرض اقتراحه على كبار المسؤولين في الحكومة المصرية.
وأضاف الدولة قائلاً:"إن التعديل يطول بند رقم 4 في اتفاق كامب ديفيد والذي يقيد حق مصر بالدفاع عن سيناء"
وأكد أن تعديل معاهدة "كامب ديفيد" مسألة وقت فقط، مشيرًا إلى ضرورة هذا التعديل لاستعادة السيطرة المصرية الكاملة على سيناء، فلا يعقل أن تستمر اتفاقية ثلاثة عقود كما هي دون تعديل، فهذا الأمر لا يمكن أن يستمر في ظل النظام المصري الجديد، لاسيما أنها تحفظ الأمن القومي الإسرائيلي، أكثر مما تحافظ على الأمن القومي المصري ، بشكل يعتبر انتهاكًا صريحًا للسيادة المصرية، ولا يمكن لهذا أن يستمر.
و كامب ديفيد عبارة عن أتفاق تم توقيعه في 17 سبتمبر 1978 بين الرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن بعد 12 يوما من المفاوضات في المنتجع الرئاسي كامب ديفيد في ولاية ميريلاند القريب من عاصمة الولايات المتحدة واشنطن. حيث كانت المفاوضات والتوقيع على الاتفاق تحت إشراف الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر. ونتج عن هذه الاتفاق حدوث تغييرات على سياسة العديد من الدول العربية تجاه مصر .
ونص الاتفاق بأن يكون "سلام دائم في الشرق الأوسط" بالإضافة على ضرورة حصول مفاوضات بين إسرائيل من جهة ومصر والأردن والفلسطينيين من جهة أخرى , كما نص الإتفاق على انسحاب الجيش الإسرائيلي من شبه جزيرة سيناء وأن تكون منطقة منزوعة السلاح .