غزة – وكالة قدس نت للأنباء
للوطن حكاية وجدتها في ملامح الجالسين على مقاعد مركز رشاد الثقافي بمدينة غزة، خلال احتفالهم باليوم العالمي للمسنين الذي يصادف الأول من أكتوبر الجاري، فهم يتأملون كل من يدور حولهم بالاحتفال الذي أقامته جمعية الوداد للتأهيل المجتمعي بإشراف المؤسسة الدولية لرعاية كبار السن، لكن عيونهم كان شاردة هناك حيث الوطن بأشجار اللوز والزيتون في حيفا ويافا وعكا، حيث قصص الوجع وحكايات الألم بعمرها الــ 64 عاماً .
فهم أصحاب التاريخ الشفوي ورواية الماضي حيث بداية القصة، فكلا منهم جاء يحمل بيده مسبحة يذكر الله فيها وفي اليد الأخرى عكازاً يتعكز عليه، فبات المشهد يشبه فلسطين بحلمها الذي يلتقط أنفاسه الأخيرة، في ظل صراعها مع محتلاً هجر وقتل واغتصب، وأخ بات يوجه اصبع الاتهام لآخاه الآخر، الأمر الذي دفع مراسل وكالة قدس نت للأنباء سلطان ناصر لطرح سؤالاً وسط زحام الاحتفال لماذا لا يكونوا هؤلاء –أجدادنا- أبطال قصة الوطن ليعرف جيل الحاضر الفلسطيني وجع الأمس.
وهنا أتفق رئيس جمعية الوداد للتأهيل المجتمعي نعيم الغلبان مع الشاعرة الفلسطينية رحاب كعنان بأن فئة المسنين هي التاريخ الحي للذاكرة الفلسطينية ولا يمكن التخلي عنها، لأنها عانت وطردت من أرضها تحت تهديد السلاح من قبل احتلال لا يعرف للإنسانية طريق، ولا يحترم حقوق أصحاب الأرض الأصليين.
ويصف الغلبان كبار السن بأنهم " ممثلين لرمزية القضية الفلسطينية على مدار التاريخ بألمه ووجعه"، مبيناً أنهم كجيل ثالث من أجيال الشعب الفلسطيني حصلوا عن المعلومات التاريخية عن الوطن من خلال سماع قصصهم التاريخية التي ينبغي أن تنال اهتمام أصحاب القرار الفلسطيني بتسجيلها وتوثيقها لأنها الشاهد الحي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي الذي قتل الأطفال والنساء والشيوخ وحتى الأشجار.
ويوضح الغلبان أن جمعيته تهتم بالمسنين منذ خمس سنوات، موضحاً بأنه منذ العامين السابقين أصبح هناك اهتمام في شريحة المسن بخلاف الفترة السابقة، فلم يكن الاهتمام إلا بالطفل والمرأة والمعاق، قائلاً " لدنيا مشروع نفذ على مدار العشر شهور السابقة وباقي منه شهرين جارى التعامل معهم، ويشمل جملة من الفعاليات الخاصة بالمسنين منها الرعاية الصحية، إضافة لتوجيه الناس كيفية التعامل مع المسن".
وتابع "الهدف من المشروع يدعوا إلى رفع متطلبات الوعي بما يحتاجه المسن سوء في الأسرة أو المجتمع الفلسطيني" ؛ وشهد الحفل حضوراً واسعاً من الشخصيات من كل أطياف المجتمع الفلسطيني لا سيما مخاتير ووجهاء العائلات الفلسطينية وعزفت أغنية " الجد" على ألحان العود، وعرض فيلماً وثائقي واسكتش مسرحي انتهاء بمسيرة خرجوا فيها إلى مقر المجلس التشريعي بمدينة غزة.
وبدورها تقول الشاعرة كنعان" إن كبار السن هم التاريخ الحقيقي للشعب الفلسطيني وإذا ماتوا بدون توثيق تاريخهم المرتبط بالقضية فإنه من المتوقع أن يموت تاريخنا الفلسطيني، رغم أني أستبعد موت التاريخ الفلسطيني ولكن الأهم الآن هو الاستفادة بقدر الإمكان من الروايات التاريخية التي يحملها كبار السن".
وتقول" إن يوم المسن الفلسطيني هو حق وليس منة من أحد فهو(المسن) من قدم نفسه وروحه من أجل الوطن ويجب تقديره وتكريمه والعمل على تدوين تاريخه ونضاله على مدار سنوات عمره منذ أن تهجر في النكبة والنكسة إلى يومنا هذا"، موجة رسالة لأصاحب القرار بالاستفادة من ذاكرة كبار السن بما يخدم القضية الفلسطينية.
وتابعت الشاعرة كنعان" عندما أخبرنا الكبار أن المواطنين هربوا في 1948م لم يكن هناك وعي كافي ولكن اليوم نمتلك الوعي الكافي لنشر جرائم الاحتلال الإسرائيلي، والصمود أمامه على الرغم من فرق المجازر ما بين اليوم والماضي، لكن أدركنا أنه لا يمكن أن نترك أرضنا ونكرر النكبة ونكرر التجربة".
وترى أنه من الضروري أن تكون لقاءات واجتماعات دائمة ومستمر بين المسنين والأجيال الصاعدة من الشباب الفلسطيني لتنقل إليها ذاكرة الوطن كي يحافظوا عليها من الضياع وينقلوها لمن بعدهم، ليتمكنوا من مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الذي يحارب الفلسطينيين بكل الأسلحة وأهمها القضاء على الجيل الأول الذي عاش النكبة والنكسة.