الحلقة الثالثة ..الانضباط التنظيمي ،والسلوك الثوري ؟؟

بقلم: طلعت الصفدي

الحلقة الثالثة
عشية المؤتمر الخامس لحزب الشعب الفلسطيني

( الحزب الشيوعي الفلسطيني ) سابقا

الانضباط التنظيمي ،والسلوك الثوري ؟؟

وبالاستناد لقوانين الثورات الاجتماعية ،والتجارب والخبرات التي كدستها الشعوب ،والحركات الثورية عبر التاريخ ،والمعارك التي خاضتها ،والتضحيات التي قدمتها الجماهير ضد العدو القومي والطبقي كلها تؤكد " بان لا نظرية ثورية دون تطبيق ثوري " وان نجاح أية ثورة لا بد من توفر عامليها الذاتي والموضوعي ،وبغياب أو عدم نضوج أحدها يعيق الثورة ويؤخر انجاز أهدافها . لقد انتصرت ونجحت حركات التحرر العربية والعالمية من نيل استقلالها السياسي ،باستثناء حركة التحرر الفلسطينية ،فهي تواجه احتلالا استيطانيا عنصريا من نوع جديد ،يمارس سياسة التطهير العرقي بحق السكان الفلسطينيين الأصليين ،مدعوما من النظام الرأسمالي الامبريالي وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية ،وتبعية وتواطؤ الرجعية العربية.

لقد تحولت الافكار الماركسية كمرشد وملهم للعمل ،واسترشدت بها قيادات هذه الثورات والانتفاضات ،وتعددت أدوات النضال التي استخدمتها ما بين السلمية والدبلوماسية والمفاوضات ،والكفاح المسلح ،وحرب العصابات والغوريلا ،والتحرير الشعبية ،وبين الجمع بينها ،دون التنازل عن هدف الاستقلال السياسي والاقتصادي ،والخلاص من المحتلين والحكام الاستبداديين الذين حاولوا اخضاع هذه الشعوب واستغلالها ،وراجت بعد الحرب العالمية الثانية الافكار الاشتراكية والشيوعية ،تسلحت بها حركات ثورية ،وكان سر نجاح هذه الثورات استعداد الشعب تقديم كل تضحية في سبيل احراز النصر،وقدرة القيادة على التحليل الموضوعي والعلمي للواقع ،ومعرفة لموازين القوى مع العدو ،وتحديد الحلقة المركزية ،والهدف الاستراتيجي والتكتيكي ،وقدرتها على توحيد الشعب ،وتنظيمه وتعبئته من أجل المقاومة دون تردد وخوف ،وتشكيل الجبهات الوطنية الواسعة تضم كل القوى والأحزاب السياسية والطبقات الثورية ،ولم تكتف برفع الشعارات الطنانة والقومجية والرايات الحزبية الضيقة بل عززت حركتها بين الجماهير ،وسعت لها في أماكن تواجدها حتى في النقابات الصفراء ،كما لم تستثن أى تحرك على الجبهة الاقليمية والدولية ،ومنظماتها المختلفة ،واستطاعت بمساندة ودعم من القوى الثورية في العالم وحركات التحرر العالمية الأخرى ،وتأييد الشعوب التقدمية في العالم بأسره ،أن تحقق اهدافها.


ان قدرة الحزب الماركسي الثوري ،في دفاعه عن أهداف ومصالح الجماهير المسحوقة، والفقيرة من العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين ،وتمسكه بوحدة الارادة والعمل ،والانضباط الواعي ،والالتزام بقراراته ،بعيدا عن النمط البرجوازي والفوقي في التعامل مع الجماهير ،يشكل مدخلا لتعاطي الجماهير مع برنامجه السياسي وتأييدها له ،خصوصا ان تجارب وخبرات الشعوب ،وقواها الثورية تؤكد ان المدخل للعمل السياسي هو العمل الاجتماعي والديمقراطي ،وتبني قضايا الجماهير.

لقد كان الانتساب لهذه الاحزاب الماركسية ،مفخرة للمناضلين الثوريين ،واعتدادا بالنفس ،ونيشانا على صدورهم ،وبسبب ثورية الحزب ،وقدرته في الدفاع عن مصالح الشعب الوطنية والطبقية ،أن تعاظم نفوذه ،وتزايدت شعبيته بين قطاعات جماهيرية واسعة ،من العمال والفلاحين والمثقفين والطلبة والمرأة ،وتعزز دوره النقابي والمهني ،وانخرطوا في الدفاع عن الوطن والشعب ،والمثل الاشتراكية ،والعمل على الخلاص من استغلال الانسان لأخيه الانسان ،وفك التبعية من الاستعمار القديم والحديث. ولم يكن انتساب العضو الى هذه الاحزاب في اية لحظة بهدف الحصول على فوائد وامتيازات ،ومكافأة وترقية في الوظيفة ،أو تحويله لمشروع استثماري والاستقواء على الآخرين. ان الامتياز الوحيد وجوده في طليعة المناضلين والثوريين لتحقيق الاستقلال الوطني والاقتصادي ،ومن أجل الحرية والديمقراطية والعدالة

الاجتماعية ،وعلى العضو المنتسب أن يبذل أقصى جهد وتضحية من أجل قضايا الوطن والإنسان متسلحا بالمقولة التي تؤكد أن الثوري هو آخر من يأكل ،وآخر من ينام ،وأول من يموت ولهذا لا تكمن قوة الحزب في عدد أعضائه بل بمقدار ايمانهم الفكري وانتظامهم وانضباطهم وقدرتهم على جذب الجماهير لبرنامجه السياسي. ان المنتسبين للحزب يتوقعون في كل لحظة من عدوهم القومي والطبقي الاستشهاد والاعتقال والملاحقة ،والطرد من الوظيفة،والتعذيب في سجون الاحتلال والطغمة الاستبدادية ،ولأنهم محصنون بالفكر الثوري والوعي الطبقي ،وبالرؤية ألسياسية وباليقظة الثورية ،كانوا الأكثر صلابة في السجون والمعتقلات ،وشكلوا نماذج بطولية من التضحية وحملوا شرف شعبهم وحزبهم حتى آخر لحظة في حياتهم، دون أن يدلوا بمعلومات عن رفاقهم في النضال ،وحافظوا على اسرار حزبهم ،وبرغم التعذيب فلم يستنكروا شيوعيتهم ،وبقوا صامدين حتى النهاية. فهل يمكنكم البحث عن سر هذه القوة الفولاذية الجبارة التي امتلكها هؤلاء الثوريون؟؟؟؟!!!!. .

ان الوحدة الفكرية هي أساس الحزب تتعزز بوحدة التنظيم ،والالتزام بالمبادئ والأصول التنظيمية التي يقرها المؤتمر العام ،وهي ملزمة لجميع ألأعضاء ،ان النظام الداخلي هو القانون الذي يضبط عمل الهيئات الحزبية المختلفة ،ويحدد مسؤولياتها وكيفية متابعتها ومراقبتها ومحاسبتها . ان شروط العضوية تؤكد على ضرورة أولا الالتزام ببرنامج الحزب السياسي وبنظامه الداخلي،وثانيا أن يكون عضوا في أحد منظمات الحزب ويشارك في انشطته واجتماعاته،ثالثا يدفع الاشتراك الحزبي .ان الالتزام بشروط العضوية هو الضمانة الاكيدة لاستمرار الحزب في نشاطه ،وضمان وحدة الارادة والعمل ،وهو بحاجة الى أعضاء واعين يحترمون رفاقهم ،ولا يتعالون على الناس البسطاء ويدافعون عن الوطن والشعب والقضية ،وليس بحاجة الى أعضاء ثرثارين ومتعجرفين يقولون ولا يفعلون، ولا يشاركون في أنشطة الحزب المختلقة ،فان اخطر ما يواجه اى حزب الميوعة التنظيمية ،والشللية وامحاء الحدود بين الهيئات الحزبية ،والقيل والقال وغياب المتابعة والمساءلة وتعطل التقارير الدورية ،وغياب النقد والنقد الذاتي والمحاسبة التربوية ،والفهم المغلوط للديمقراطية والتجييش والحشد المزعوم ،كلها تعكس حياة حزبية هشة واجتماعات روتينية دون تحديد مهمات ،ان هذه الأمراض البرجوازية لا يمكن أن تخلق حزبا مناضلا ومقاتلا تثق به الجماهير وتؤهله لقيادتها ،ولن يشفع له ماضيه النضالي وعدد شهداؤه ،لأنه غاب عن حركة الشارع وغيب دوره ،بسبب صراعاته الداخلية ،وتقاعسه عن اداء مهماته وواجباته الحزبية التي اكد عليها برنامجه السياسي ونظامه الداخلي باعتبارهما دستورا لجميع الاعضاء .

ان من يستحق لقب عضوية الحزب بجدارة ،عليه أن يلتزم بسياسته وببرنامجه وبنظامه الداخلي وبقرارات هيئاته ،ويعي حقوقه وواجباته ،وبهذا يستحق شرف الانتماء لهذا الحزب ،ويحوز بطاقة العضوية،وهي شهادة تقدير من الحزب. ان تجاهل أحد شروط العضوية ،تكشف عدم جديته ،واستهتاره ،وعدم فهمه لواجباته ،فمحاولة التهرب مثلا من دفع الاشتراك الحزبي ،وخلق الذرائع والحجج الواهية ،يعكس عدم احترامه لحزبه ،وانعدام الانضباط لديه ،ويعطي انطباعا بعدم الاعتماد عليه في الدفاع عن قضايا شعبه ،فقيمة الاشتراك ليست مادية ،بل تهدف لتعزيز روابط العضو بحزبه ،وتساهم في توفير متطلبات العمل ،وتحمل المسؤولية تجاه منظمته ،خصوصا ان الحزب يعتمد في ماليته الاساسية على اشتراكات الاعضاء والتبرعات ،وحتى يحافظ الحزب على استقلالية مواقفه السياسية على العضو ،أن لا يتأخر عن دفع الاشتراك في موعده حتى يتم صيانة حزبه ،ومنعه من الوقوع فريسة للضغوط السلطوية مع غياب قانون الاحزاب .

طلعت الصفدي غزة – فلسطين

الاثنين 1/10/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت