لأنك مولود من رحم الظلم التاريخي ، فأنت متهم بقرار دولي بجريمة تعكير صفو الطغاة ماعليك سوى الرحيل قبل ان يحصل ما لا تحمد عقباه ، لم يعد لك مكان آمن على وجه الارض البسيطة تلجأ اليه ، لا فوق الارض ولا تحت الارض ، فهي مصادرة لصالح الاساطير الموعودة هنا ، او هناك ، ومع ذلك ارحل الى الجذور ، بلاد الزيتون والبرتقال ، ارض الرسالات السماوية ، كل الطرق الاخرى تؤدي الى اللامكان واللازمان ، احذر خطاك بعناية فائقة لأن الاضواء مسلطة تجاهك عبر الاقمار الصناعية ، خشية انتهاك لوائح التعليمات التي تبدأ عند المحطة الاولى عنوان المسرحية الهزلية حدود الاوطان ، اي حدود ، فلقد قررت جامعة الدول الناجمة عن " سايكس بيكو " اثر انهيار الامبراطورية المريضة وصمك بوثيقة تمييز ازلية خاصة باللاجئين ، من اجل ان تعود ، حريصون على ان تعود من خيمة لاخرى لا تتوفر بها ادنى مقومات الحياة البشرية ، تتقاذفها رياح الصحارى ولسعات الشمس الحارقة ، الى وطن قيد التكوين مكبّل بقيود الحاخامات وخبث النفاق الدولي ، لذلك لا تخشى اجراءات التفتيش العاري في المطارات او المعابر ، ولا تكترث لغرف الحجز ، ولا لساعات الانتظار الطويلة قبل ان تعود ادراجك من حيث لم تأتي ، لن تعترض دربك اجهزة المخابرات التي تضاهي عدد السكان ، لا وجود لملفات المنع من الدخول ، كل شيء عادي ، اكثر من العادي ، عليك ان تدرك ذلك بنفسك عندما تختفي ابتسامة موظف الامن المدرب عليها بدقة متناهية فور ان يكتشف محتوى جهاز الحاسوب ...
إذهب بعيدا الى حيث شئت ، لا تبالي ان اصابتك رصاصة طائشة ، او قذيفة عمياء ، او صاروخ موجّه ، لانك رقم ، مجرد رقم " وطني " ، لم يمنحك اياه الوطن ، او لون بطاقة زرقاء ، خضراء ، صفراء ، الوان قوس قزح في لهيب صيف حارق ، اصدرتها دوائر التشخيص عن سابق اصرار ، ولكن لا تحزن فالامرسيان ، لا اهمية لذلك لان البطاقة الحمراء وحدها هي ما ستحصل عليها بعد اجراءات التحقيق المعتادة ...
إياك ان تئن من الالم المزمن ، عندها ستكون قد كسرت معادلة الحياد المطلق بين المعارضة والموالاة وتصبح شريكا فاعلا بالمؤامرة الكونية الهادفة الى تقويض اسس النظام ، للحروب ضحاياها الابديون فأصمت ولا تعاند الاقدار ان كنت من اؤلئك الذين كتب عليهم دفع ضريبة المرور عبر حقول الاحتمالات المتعددة ، انك مدان بالفطرة حتى يثبت العكس ، والعكس لن يأتي بلا ثمن بما في ذلك التجرد من كل شيء يحفظ كرامة الانسان .
إهتف بما لديك من قوة لاجل ان يحيا الحاكم المطلق ، عدالة الحاكم الراشد ، المقاوم ، الممانع ، الديمقراطي ، الاشتراكي ، المؤمن ، الموعود الفاتح للقدس ، الذي يبشر بالنصر المؤزر على جند ابرهة الجديد ، فان لديه ما يكفي من اسلحة السجّيل ، كفيلة بازالة قوى الشر من الوجود ، لا تتعجل الامور ، انتظر ثم انتظر حتى يكتمل بناء التوازن الاستراتيجي واختيار اللحظة المناسبة .
الفرسان ترجلوا عند اول الطريق ، عند منتصف الطريق ، رفضوا احتمال نتائج الممرات الاجبارية نحو مستنقعات الاذعان ، وحسابات التهويل التي تؤدي حكما الى دائرة العجز عن فعل اي شيء يتسم بالصواب ، الخيول الاصيلة تمردت شاقة طريقها الى البراري الشاسعة ، لم تعد تطيق التدجين على ايدي الاغرار الذين تستهويهم اضواء وسائل العصر الالكترونية ، ولا خريجي مدارس حلقات الذكر الظلامية الذين نهضوا من رقادهم الازلي في الاوقات الضائعه بحثا عن غنائم ، فتات ، طعم يلقيه القرصان لاصطياد الغنيمة الكبرى ...
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت