شهد مهرجان حركة "الجهاد الإسلامي" بغزة بمناسبة انطلاقتها الـ31 ، والذكرى الـ17 لاستشهاد مؤسسها الدكتور فتحي الشقاقي، التفاف جماهيري وفصائلي كبير وغير مسبوق، تخلله توجيه حركة فتح والرئيس محمود عباس أبو مازن تهنئة للجهاد الإسلامي بانطلاقتها، وحضور فاعل من قبل قيادة حركتي حماس وفتح..
هذا الحضور والمشاركة الفصائلية تؤكد على مدى الاحترام والثقة التي تحظى بها حركة الجهاد الإسلامي في الشارع الفلسطيني، وتلقي مزيد من الأعباء على كاهل تلك الحركة التي بات صوتها وفعلها يشكل عاملاً مهماً ومؤثراً في صناعة القرار الفلسطيني حتى وان لم يكن ذلك ملموساً لدى المجتمع أو بعض الساسة..
فمنذ الانقسام في عام 2007 علا صوت الجهاد الإسلامي ضد الانقسام، ثم تناغمت سياسة الجهاد الإسلامي مع حماس بشكل ملحوظ، لتفرج مرة أخرى حركة الجهاد عن صوتها وتضغط باتجاه بدء الحوار عام 2010 وبالفعل توج ذلك باتفاقات لا زالت حبر على ورق، وعادت في مرحلة الربيع العربي حركة الجهاد الإسلامي للتناغم مع رؤيتها الداعمة للمشروع الإسلامي بعد سيطرة الإسلاميين على الحكم في مصر وتونس ليكون لسان حالها الصمت في ملف المصالحة..
وفي مهرجان الانطلاقة الاخير في 4-10-2012 تمكن الأمين العام للجهاد الإسلامي من توصيف الحال الذي وصلت له القضية الفلسطينية بقوله "أن فلسطين في زمن الربيع العربي أصبحت في أحسن الأحوال مؤجلة"، ليثير هذا التوصيف العديد من التساؤلات والاستفسارات عن الدور المطلوب من الجهاد الإسلامي..
نعلم أن بداية معالجة الألم الوصول إلى توصيفه بدقه متناهية، وبما أن القضية الفلسطينية دخلت في حالة احتضار في مستشفيات الأنظمة العربية والدولية، أصبح التدخل بالتنفس الصناعي والصدمات الكهربائية مطلوباً بأسرع وقت قبل أن تموت القضية الفلسطينية في ظل التهميش العربي واللامبالاة بل وحالة التأمر الدولية..
ثمة علاج وتحرك مطلوب وبشكل عاجل، ومثلما يقول المثل الشعبي "ما بحك جلدك إلا ظفرك"، أصبح لزاماً على الفصائل الفلسطينية والفعاليات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني وفي مقدمتها حركة الجهاد الإسلامي التي تحظى بثقة حماس في غزة، وفصائل اليسار التي تحظى بثقة فتح في الضفة أن تشكل غرفة عمليات للخروج برؤية من حالة الجمود التي تعيشها المصالحة الفلسطينية، بعيداً عن حسابات الانقسام السقيمة..
إن أي انتظار لتحرك إقليمي عربي لتحريك ملف المصالحة المجمد سيبوء بالفشل، لان الإقليم العربي لن يتعامل في الوقت الراهن إلا مع الملفات المفروضة عليه، وسيجمد أي تحرك في الملفات الأخرى، وبالتالي فان الحل أن نخرج من حالة التوهان والحسابات المفرغة بتصميم على فرض قضيتنا ضمن الأجندة الإقليمية والدولية من خلال الضغط في ملف المصالحة على طرفي النزاع فتح وحماس والوسائل متاحة بالعمل الجماهيري والعمل السياسي وغير ذلك..
إن تحريك الشارع، وإخراج الجماهير من حالة اللامبالاة تجاه ملف المصالحة هي مسؤولية جماعية ملقاة على عاتق الفصائل القادرة على العمل وفي مقدمتها حركة الجهاد الإسلامي وحركات اليسار..
إن المراهنة على تغير الظروف الإقليمية أو الدولية لصالح احد طرفي الانقسام، رهان خاسر بكل المقاييس لان ذلك قد يحتاج لسنوات والشعب لن ينتظر طويلاً حتى يكتسب احد الأطراف نقاط لتعزيز موقفه ضد الطرف الآخر..
وبما أن التهدئة المجانية الممنوحة للاحتلال الإسرائيلي باتت أمراً يصعب تجاوزه حالياً، فان حركة الجهاد لديها عمل كبير وهو بقيادة العمل الجماهيري وتسخير الحشود الجماهيرية الكبيرة والتي فاقت المائة ألف في حفل الانطلاقة الأخير للضغط على حركتا فتح وحماس للتحرك في ملف المصالحة..
ختاماً، كل التهاني للجهاد الإسلامي على نجاح مهرجانه تنظيماً وإدارة ومشاركة، والاهم تجميع فصائل العمل والوطني كافة بما فيها فتح وحماس في رسالة واضحة بأولوية التوحد وتناسي الخلافات ووضعها جانباً لصالح القضية الفلسطينية..
حسن دوحان
باحث في الدراسات الإعلامية، وصحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت