كمتابع للأحداث الفلسطينية والمتعلقة فيها، كان من أجمل الأخبار التي تلقيتها صباح يوم الاثنين الموافق الثامن من أكتوبر 2012م، خبر تبني فصيلين مهمين من فصائل المقاومة الفلسطينية لعمليات استهداف مواقع العدو الصهيوني في محيط غزة، ردا على جرائمه بحق الفلسطينيين والتي كان آخرها، إصابته عشرة بينهم خمسة أطفال (استشهد أحدهم في وقت لاحق).
إن التوافق بين الجناحين العسكريين لحركتي “حماس” و” الجهاد الإسلامي” والذي تم بناء عليه الرد على هجمات الاحتلال يشتمل الكثير من الإيجابيات بين السطور، وهو أُمنية تتمثل في العمل المقاوم المشترك كان يطمح المواطن الفلسطيني بإعادته إلى الساحة الفلسطينية لسنوات عدة، ويمكن الخروج بالنتائج الإيجابية التالية التي تحققت من هذا العمل العسكري المشترك:
1- التوفيق من الله تعالى: وهذا تجسد من خلال رعاية الله وسلامة مُطلقي الصواريخ، وأيضا ابتكار وسيلة جديدة أقلقت قادة الاحتلال، وهو ما دفع أحد قادتهم وعقب نشر تصوير تلفزيوني لعمليات الرد، للقول: “إن الفصائل في غزة أعدت نفسها لاستخدام منصات لإطلاق الصواريخ والقذائف في حالة اندلاع مواجهة عسكرية مع (الجيش الإسرائيلي) وقد طورت الفصائل في غزة تلك الوسيلة للالتفاف على القبة الفولاذية”.
2- إعادة التفاؤل للمواطن الفلسطيني: وهو ما بدا واضحا من خلال إشادة المواطن الفلسطيني بالخطوة التي قام بها الفصيلين، فقد نزعت هذه الردود بعضا من الشحناء التي تعتمل في صدور بعض عناصر الطرفين “غير المدركين” لأهداف الحزبين الإستراتيجية، كما أوقعت المتربصين بالحركتين في حرج شديد من إمكانية الإيقاع بهما في أتون مناكفات جانبية. جاء الإعلان من “السرايا” و” القسام” ليؤكد بأن العمل المشترك بينهما وصل لدرجات متقدمة جدا ومن الصعب تجاهلها من قبل ناطق متربص من هنا أو من هناك.
3- أوقعت الردود المشتركة العدو في حيرة من أمره، فهو كالعادة يريد أن يستفرد بأحد الفصائل الفلسطينية دون أن يجد ردا من الفصائل الأخرى، غير أنه وجد نفسه مخطئا هذه المرة، وأوصل الفصيلين رسالة مفادها “إن ضبط النفس من جانبنا لا يمكن أن يبقى إلى الأبد، وعندما نرد على جرائم القتل والاستهداف فالآلية لا يمكن أن تكون كما في كل مرة”.
4- دراسة الرد من العدو: عندما وجد العدو الصهيوني نفسه أمام رد من طرفين توحدت مواقفهم، فالرد من جانبه لن يكون كما لو كان طرفا واحد في الميدان، وإمكانية الإيقاع بأحد الأطراف على حساب الآخر ستكون أصعب في هذه الحالة. هذا لا يعني أنه لن يرد، لكن ردوده ستكون إعلامية أكثر منها عملية، وبمعنى آخر، فهو سيقوم بردود في مناطق خالية وغيرها ليوهم جمهوره أنه الأقوى، وهذا الأمر حتى يخرج قادته السياسيون بقرار حول آلية الرد. وبالمحصلة، فلن يُقدم العدو على عملية كبيرة غير مدروسة العواقب ضد غزة (على الأقل في الوقت الحالي) بسبب المتغيرات المحيطة.
أخيرا، فإن هذا العمل العسكري بين الحركتين سينتج عنه الخير الكثير إن انتقل إلى أجنحة أخرى بين الطرفين، فنقاط التوافق أكثر من حصرها في هذا المقال بينهما، ولا مجال لمزاودة طرف على الآخر، فالثوابت معروفة وهي لا تتغير، وكلاهما تنظيمين مجاهدين لم يتخليا عن المقاومة لاسترداد فلسطين كما فعل الآخرين. وأدلل على الفرحة التي انتابت الشارع الفلسطيني والآمال التي يعقدها على الطرفين نتيجة ردود المقاومة ما قاله أحد المعلقين على خبر تبني العملية نصا: “ما شاء الله هذا ما نريده.. أخوة الدم وأخوة السلاح في المعارك وفي الحروب وفي الكلمة وفي المحبة وفي القلب وفي الحزن وفي الفرح وفي الثبات وفي النصر.. نعم والله هذا ما نريد”.
بقلم/ أيمن تيسير دلول
صحفي فلسطيني من غزة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت