صور..معرض الجذور التراثي يلم شمل "الماضي والحاضر"

خان يونس – وكالة قدس نت للأنباء
نجحت قرية فلسطينية صغيرة، أقامتها جمعية الثقافة والفكر الحر بمنتجع "هابي ستي" بمحافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، كـ محاكاة للماضي، في لم شمل التراث الوطني الفلسطيني القديم وتشخيص الحياة بكافة معالمها وربطها بالحياة الحديثة عبر ما تم إنجازه على يد النسوة من مختلف المؤسسات النسوية والريفية ضمن معرض الجذور التراثي التاسع عشر.

بين أروقة القرية، جلس الشاب أحمد القصاص داخل محل للعطارة وبيع الكريمات والزيوت، مرتدياً بنطال قديم وقبعة حمراء تحتها الكوفيه الفلسطينية، ويُشعل عوداً من البخور لجذب الزبائن، وينادي بصوته العذب ويسكب بين كل فينة وأخرى كمية من البخور على العود حتى يبقى مُشتعلاً، وينثر برائحته أجواء المكان المحيط به.

أدوات عطارة ..
ويقول القصاص لـ مراسل "وكالة قدس نت للأنباء": " جئت اليوم لعرض ما هو متواجد داخل المتجر الخاص بي، من أدوات عطارة وزيوت وكريمات منوعة من الأعشاب، كي يرى جمهور المرتادين لمعرض الجذور، الأعشاب والبهارات والكريمات والزيوت القديمة، والتي ما زالت مستخدمة حتى يومنا هذا".

ويضيف القصاص "تعلمت مهنة العطارة مُنذ أن كان عمري 9سنوات على يد أحد الأقرباء فأحببتها، والآن عمري 30 سنة، وأعمل بهذه المهنة مُنذ حوالي 21 سنة, وأعتبر هذه المهنة أولاً جزء من تراثنا القديم، وثانيًا تقدم خدمة للناس، من خلال الأعشاب الطبيعية والزيوت والكريمات المُستخدمة للعلاج".

ويتابع "في القديم كانت تتواجد محلات العطارة بكل قرية ومدينة فلسطينية، ومازالت ولكن بكمية أقل، وتكمن أهميتها بالماضي في أنها تحتوي على أعشاب تُستخدم للعلاج الطبيعي، عندما لم تكن تتواجد الأدوية والعقاقير الطبية، فإن لم تنفع الأعشاب لا تضر".

محتويات المعرض ..
ويضم المعرض العديد من الزوايا التي تُحاكي سوقا قديمًا، وسط قريةٍ فلسطينية، كما تجسد تلك الزوايا الحياة الفلسطينية التي عاشها الآباء والأجداد، واليوم يتوارثها الأبناء والحفدة، فما إن دخلت المعرض تشاهد صورة الحياة القديمة تغص بجدرانه بجميع الاتجاهات.

داخل القرية أقيمت العديد من الغرف "فمنها غرف تضم أشغال يدوية، وأخرى أطعمة قديمة شهيرة، كـ خبز الصاج، المفتول، المعجنات..، وبجانبها غرفة ضمت مخطوطات فنية بأيدي نسوة من جمعيات نسوية وريفية، وبجانبها غرف ضمت أواني قديمة، قشية، ونحاسية، وبعض أدوات الفلاحة، وثياب فلسطينية للرجال والنساء"..

وتخلل المعرض سلسلة فقرات، بدأت بتقديم الضيافة للحضور من وجبات خفيفة، احتوت على مأكولات فلسطينية قديمة معظمها من المعجنات، كـ الفطائر، خبز الزعتر، خبز الصاج بالزعتر والزيت..، وتلا ذلك فرح فلسطيني جسده أطفال من الجنسين وسط أناشيد وزغاريد، وتخلل ذلك دبكة شعبية أداها الأطفال على أنغام الأغاني الوطنية، وسط تراقص الخيول والجمال.

أصغر صانع فخار..
وبين جنبات المعرض، جذب انتباهنا وعامة الجمهور أصغر صانع للفخار بفلسطين الطفل محمود عطا الله (8 سنوات)، وهو يجلس على ماكينات تحضير المادة الأولية لصناعة الفخار، فخفت يده وإتقانه للمهنة وتحضيره الأواني الفخارية بمختلف أشكالها، جعل منه النجم الأبرز الذي خطف الأنظار بالمعرض.

ويُجيد الطفل عطا الله مهنة صناعة الفخار مُنذ سن الخامسة، والتي تعلمها على يد والده، الذي تعلمها هو الآخر من والده، ويحاول هذا الطفل أن يوفق بشكلٍ متوازنٍ بين دراسته وعمله، داخل مصنع الفخار الواقع أسفل منزلهم، مؤكدًا بأن مهنة الفخار أهم موروث عن أجدادنا ويرسخ بأذهاننا حياتنا القديمة وماضينا العريق.

تصميم أزياء ..
وبينما واصلنا التجوال داخل المعرض، قابلنا سعدية الأطرش العاملة بقسم تصميم الأزياء وصناعة الملابس بكلية فلسطين التقنية بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، والتي تتواجد بين عدد من اللوحات الفنية المطرزة، والملابس النسائية القديمة، وبعض القطع القُماشية .

وتشير الأطرش إلى أن المشغولات اليدوية المتواجدة داخل المعرض من صُنع الطالبات بالكلية، ويتمثل عملهن بتطريز اللوحات التي تحمل آيات قرآنية أو خريطة فلسطين وعبارات أخرى تتعلق بالحث على حب فلسطين، وتعزيز التمسك بحق العودة..،كما يقمن هؤلاء الطالبات بتطريز خارجي للملابس القديمة لجعلها لائقة وحديثة.

ويضم محتوى التطريز"غريزة الفلاح بحب الأرض، تطريز مدني، التنجيد، الترقيع، والأبليك ويعني تجديد التطريز الخارجي للثوب، ويهدف ذلك لحماية التراث الوطني الفلسطيني من الانقراض، ليحفظ لفلسطين هويتها ومكانتها بين الشعوب ويُبقيها حية في قلوب شعوب العالم.

حفظ هوية فلسطين ..
وتقول مسئولة جمعية الثقافة والفكر الحر، مريم زقوت: إنّ"مهرجان الجذور الـ 19 يأتي ضمن برنامج تقليد سنوي، يضم كل ما تم استخدامه بالحياة الفلسطينية القديمة، وممارسة واقع الحياة قديمًا، كمحاكاة للواقع وذلك بهدف الحفاظ على هويتنا الفلسطينية".

وتشدد زقوت على أن "الهدف من عرض تلك المشغولات اليدوية، هو جعل القضية الفلسطينية حية بوجدان العالم، وتأكيد للاحتلال الإسرائيلي، بأنه مهما حاول طمس الذاكرة للأجيال وسرقة الأرض، فإن التراث باقي حيًا فينا ولن يندثر ولن يُطمس.."

كاميرا وكالة قدس نت للأنباء تجولت في جنبات هذا المعرض التراثي وتابعت فعاليات في هذا التقرير المصور.
عدسة: محمود عيسى