بيت حانون – وكالة قدس نت للأنباء
أمتار قليلة فصلت متطوعين ونشطاء مقاومة شعبية فلسطينيين ومتضامنين أجانب، عن السياج الحدودي الذي تقيمه إسرائيل شمال وشرق بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، لمشاركة المزارعين في قطف ثمار الزيتون من أراضيهم الممنوعين من الوصول إليها لأنها مصنفة إسرائيلياً بـ"أراضي محظورة أمنياً".
وفور وصولهم تلك الأراضي باشر الشبان بالصعود على السلالم الخشبية لقطف ثمار الزيتون من أعلى الأشجار، فيما تولت السيدات قطف الثمار من أسفل الأشجار، وغني الجميع الأغاني الفلسطينية التراثية في أجواء تعيد الذاكرة إلى الأيام الفلسطينية الأصيلة التي كان الأجداد يجسدونها خلال موسم قطف ثمار الزيتون.
ويقيم الجيش الإسرائيلي منطقة أمنية عازلة على طول حدود قطاع غزة بعمق 300 متر بزعم منع الفصائل الفلسطينية المسلحة من شن هجمات ضد إسرائيل، التي انسحبت بشكل أحادي الجانب من قطاع غزة عام 2005 لكنها أبقت على تحكمها الكامل بمعابره.
وتشكل المنطقة العازلة 15% من مساحة غزة وتقع على 35% من المناطق الزراعية داخل القطاع، وهي منطقة ميتة لا يسمح فيها لأي نوع من الحياة, حيث يمنع وجود زراعة, أبار, مراعي, مساكن أو أي بنية تحتية, وقد تم تجريفها مئات المرات.
ويقول منسق عام المبادرة المحلية صابر الزعانين لمراسل وكالة قدس نت للأنباء سلطان ناصر إن"الهدف الأسمى لمشاركتنا في قطف الزيتون على الحدود هو الحفاظ على وجهة المقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال العمل التطوعي داخل الأرضي الزراعية، ووقوفنا بجوار المزارعين المحرومين من دخول أرضيهم لقربها من ما تعتبره إسرائيل منطقة أمنية هو جزء من المقاومة الشعبية".
ويفسر الزعانين مفهوم المقاومة الشعبية بأنها دائرة متكاملة بما فيها الكفاح المسلح وتشمل الاهتمام بهموم الناس والمشاركة في عذاباتهم لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، رافضاً الحديث الذي يقول إن (هذه المقاومة لا تحرر وطن) مطالباً الكل الفلسطيني بالنزول إلى الميدان ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي، معرباً عن أسفه بالقول" الشعب الفلسطيني في السنوات الأخيرة بدأ ينسى مقاومة إسرائيل وبدأ يفكر بالهم الكبير جرة الغاز وكيس الطحين، والمعبر يفتح والقضايا الوطنية أين ذهبت؟".
ويرى الزعانين بأنه من الضروري أن يتوحد الكل الفلسطيني خلف خيار واحد وأنه من المعيب أن تختزل القضية الفلسطينية بأمور حياتية يومية، في حين أن الاحتلال الإسرائيلي مستمر في تضيق الخناق على المزارعين، مبيناً أن فرض المنطقة الأمنية حرم عدد كبير من المزارعين من دخول أراضيهم إضافة إلى التهام الجدار الفاصل الآلاف من الدونمات للمزارعين، الأمر الذي انعكس بالسلب على تفاصيل حياتهم لا سيما الاقتصادية، منوهاً بأن المقاومة الشعبية اليوم ساهمت بتحقيق انتصار على الاحتلال من خلال اختراقها المنطقة الأمنية وجني ثمار الأشجار التي لا يراها أصحابها إلا في مثل هذه الظروف.
ومن جانبه يقول الباحث الفلسطيني رائد موسى الذي يجري دراسة ماجستير حول" المقاومة اللاعنفية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي" إن" العمل كبداية جيد لوجود نشاط سلمي شعبي لمقاومة إجراءات الاحتلال ضد قطاع غزة، ولكن إذا تحدثت عن تقيم ذلك العمل كمقاومة سلمية شعبية، يمكن أن أصفه بأنه احتجاج رمزي لأن نسبة المشاركة كانت رمزية".
ويوضح موسى أنه من المفروض أن تكون المشاركة بشكل أكبر وحتى تضامن الأجنبي ومجرد وقوفه إلى جانب المزارعين يعني وجود أشخاص يعترفون بحق الفلسطيني المسلوب من قبل الاحتلال الإسرائيلي" معتبراً أن ما يحدث من مقاومة شعبية هي في طور النضج للفكرة لمكافحة الإجراءات الإسرائيلي التي تفرض هذه المنطقة العازلة الغير شرعية.
ويبن الباحث موسى بأن تفعيل المقاومة الشعبية يحتاج إلى مشاركة فلسطينية بشكل أوسع مما هي عليه اليوم، مشيراً إلى ضرورة أن تشارك الأحزاب الفلسطينية على الساحة بدورها الفاعل لأن قيام الفئة المتضررة من المنطقة العازلة بتنفيذ حملات مقاومة شعبية لا يكفي، مطالباً الأحزاب بتحريك قواعدها الجماهير نحو المقاومة الشعبية لتكون أكثر فعالية.
وإستمرت عملية قطف الثمار إلى ساعات العصر وسط أجواء تراثية فلسطينية جعلت أصحاب الأراضي يعبرون عن فرحتهم بجني ثمار أشجارهم التي حرمتهم إسرائيل من الوصول إليها ليبقي السؤال المفتوح هنا، هل ستكون المقاومة الشعبية العام القادم أكثر توسعاً مع موسم قطف الزيتون القادم؟؟؟.