نيويورك – وكالة قدس نت للأنباء
قال المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، في نيويورك السفير رياض منصور إن القدس الشرقية المحتلة، على وجه الخصوص، لا تزال تشكل الهدف الرئيسي للحملة الاستيطانية الإسرائيلية غير القانونية.
وأضاف، في كلمته أمام الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي حول الشرق الأوسط، أن السلطة القائمة بالاحتلال تواصل محاولاتها لتغيير التركيبة السكانية والطابع التاريخي والمركز القانوني والهوية الفلسطينية العربية لمدينة القدس بهدف تكريس الضم الفعلي لها، الذي لا يزال غير معترف به من قبل المجتمع الدولي بأسره حتى يومنا هذا.
وذكر أنه رغم النداءات والمطالب من جانب المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، في العديد من القرارات ومن قبل اللجنة الرباعية، بالوقف الفوري والكامل لأنشطة الاستيطان، واصلت إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بل وكثفت حملتها الاستعمارية الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في القدس الشرقية المحتلة وحولها، في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، واستمرت بتوسيع المستوطنات وبناء ما يسمى "البؤر الاستيطانية"، وبناء الجدار، ومصادرة مساحات شاسعة من الأرض الفلسطينية وخاصة الأراضي الزراعية الخصبة، وآبار، وأحواض المياه، وهدم المنازل الفلسطينية، وتشريد العائلات الفلسطينية، خاصة من القدس الشرقية.
وتطرق إلى مواصلة المستوطنين أعمال الإرهاب والدمار، واستمرار الهجمات العسكرية والغارات التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي، خاصة ضد قطاع غزة، وسقوط ضحايا من المدنيين الفلسطينيين، وتدمير ممتلكاتهم، وآلاف الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال، في ظروف يرثى لها مع الانتهاكات الجسيمة لحقوقهم الأساسية والإضراب عن الطعام.
وذكر السفير منصور، في كلمته، أنه لم تكن هناك أي تطورات إيجابية لإبلاغها إلى مجلس الأمن، منذ المناقشة المفتوحة للمجلس في يوليو/تموز الماضي، إذ ظلت العملية السياسية في طريق مسدود والوضع على الأرض قد تدهور بشكل حاد.
وأضاف أن انتهاكات إسرائيل الصارخة للقانون عرقلت استئناف مفاوضات السلام، وتصاعدت المصاعب أمام الشعب الفلسطيني في جميع جوانب الحياة كما أعاقت جهود القيادة الفلسطينية لتعزيز المؤسسات الوطنية وتحقيق تطلعات حقوق شعبنا المشروعة، ما أدى إلى تلاشي الآمال بعملية السلام وفي احتمالات تحقيق حل الدولتين بسبب الإجراءات غير القانونية التي تتخذها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
وشدد رفض كل الإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في المدينة المقدسة، مطالبا بوقفها فورا، مؤكدا مرة أخرى على أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة منذ حزيران 1967 وهي قلب وعاصمة دولة فلسطين.
وأشار إلى تصاعد الهجمات على الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية من قبل المستوطنين الإسرائيليين والجماعات اليهودية المتطرفة الأخرى، والمحاولات المتكررة لاقتحام الحرم الشريف، وكذلك أعمال العنف والاستفزاز، وتدنيس المساجد والكنائس، مبينا أن هذه الخطيرة تطرق لها الرئيس محمود عباس والملك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمام الجمعية العامة الشهر المنصرم، كما دعت القيادة الفلسطينية إلى عقد اجتماع طارئ رفيع المستوى لمنظمة التعاون الإسلامي وللجنة القدس، التي يرأسها الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية، لتحديد التدابير اللازمة للتصدي لهذه الإجراءات الإسرائيلية المشينة ولحماية الأماكن المقدسة في القدس الشرقية المحتلة، من أعمال العدوان والاستفزاز من قبل السلطة القائمة بالاحتلال والمستوطنين.
كما تطرق السفير منصور إلى الهجمات والغارات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على المناطق المدنية في قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل وجرح عشرات الأشخاص، بمن فيهم الأطفال والنساء، وتدمير المنازل والبنية التحتية.
وجدد المطالبة بوقف هذه الاعتداءات ورفع الحصار الإسرائيلي اللاإنساني المفروض على القطاع، ومطالبة إسرائيل باحترام القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتوفير الحماية للسكان المدنيين الفلسطينيين.
وذكر أن الوضع السياسي والإنساني والأمني للشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي لا يزال خطيرا، الأمر الذي يتطلب أن يعمل المجتمع الدولي بشكل عاجل لتجنب تعميق هذه الأزمة وبذل جهود جادة للتغلب على الشلل في المجتمع الدولي، بما في ذلك بمجلس الأمن، خاصة فيما يتعلق بإنهاء إفلات إسرائيل من العقاب وإرغامها على الامتثال للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وذكر أن القيادة الفلسطينية تواصل العمل بأقصى قدر من المسؤولية لخدمة شعبها والوفاء بالتزاماتها القانونية والالتزامات الدولية، والحفاظ على الأمن والهدوء، وأنها تصرفت باستمرار وبنوايا حسنة من أجل تحقيق السلام، مؤكدة مرارا تمسكها بمحددات عملية السلام الواردة في قرارات مجلس الأمن ومبادئ مدريد، ومبادرة السلام العربية، وخارطة الطريق للجنة الرباعية، وتمسكها بالحل القائم على دولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967.
وأشار إلى أن الرئيس محمود عباس أكد أمام الجمعية العامة أن القيادة الفلسطينية لا تزال ملتزمة بالسعي لتحقيق تسوية عادلة ودائمة وشاملة بالوسائل السلمية والدبلوماسية، وتواصل جهودها لإنقاذ حل الدولتين وتهيئة بيئة مواتية لاستئناف مفاوضات ذات مصداقية وعادلة بين الجانبين.
وذكر السفير منصور أن الرئيس عباس التقى في شهر سبتمبر مع وزراء الخارجية العرب في القاهرة للتشاور بشأن سبل المضي قدما، وقد أيد العرب الجهود الفلسطينية الرامية إلى تغيير وضع فلسطين في الأمم المتحدة إلى دولة غير عضو مراقبة خلال الدورة 67 للجمعية العامة، كخطوة مؤقتة في ضوء العقبات التي لا تزال قائمة أمام حصول فلسطين على كامل العضوية في المنظمة الدولية، بسبب الوضع في مجلس الأمن.
وبين أن مشاورات واسعة النطاق تجري لتحقيق هذه الغاية، بما في ذلك إنشاء لجنة وزارية عربية ولجنة مماثلة في نيويورك، للمساعدة في إجراء المشاورات مع المجموعات السياسية والجغرافية، مؤكدا أن هذا الجهد يشكل مساهمة كبيرة في الحفاظ على الحل القائم على دولتين في وقت تواصل فيه إسرائيل وبتهور تقويض هذا الحل وآفاق تحقيق السلام العادل.
وأكد السفير منصور، في كلمته، أن هذه المبادرة لا تتعارض مع عملية السلام التي لا تزال القيادة الفلسطينية ملتزمة بها، وأن تعزيز مكانة فلسطين في منظومة الأمم المتحدة هو حق للشعب الفلسطيني بما يتفق مع العهود الدولية التاريخية إزاء فلسطين.
وأضاف أنه في الوقت نفسه، فإن القيادة الفلسطينية على استعداد للدخول في مفاوضات بين الجانبين لتحقيق حل عادل لجميع قضايا الوضع النهائي، القدس، واللاجئين، والمستوطنات، والحدود، والأمن، والمياه، وقد أعلن الرئيس عباس علنا استعداد القيادة الفلسطينية للشروع في مفاوضات سلام مع الحكومة الإسرائيلية مباشرة بعد اعتماد مثل هذا القرار من قبل الجمعية العامة.
وكرر السفير منصور النداء إلى المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، للقيام بدوره لدعم ميثاق الأمم المتحدة، واحترام القانون الدولي، ودعم قرارات الأمم المتحدة، والتمسك بالمسؤولية الجماعية إزاء فلسطين، مضيفا أن الشعب الفلسطيني لا يزال بانتظار تحقيق العدالة، والاستقلال، والحرية، وإعمال حقوقه غير القابلة للتصرف، وتحقيق السلام والأمن، وهي الرغبات المشتركة ذاتها لجميع شعوب المنطقة والعالم.
وقال: "في هذه المرحلة الحرجة جدا، نجدد نداءنا إلى المجتمع الدولي لدعم جهودنا المشروعة لإعمال الحقوق الوطنية لشعبنا، بما في ذلك حقنا في تقرير المصير والعودة، وتحقيق استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وهي بلا شك تعتبر إنجازات لحقبة جديدة في منطقة الشرق الأوسط التي تسعى منذ أمد بعيد لتحقيق الاستقرار والسلام والأمن".