غزة – وكالة قدس نت للأنباء
وقوفك أمام النموذج الوحيد المتبقي من القصور الأثرية العتيقة بغزة، يعني أنك تقف أمام قصر الباشا الذي يعيد إليك شريط الذاكرة إلى العصور القديمة التي اشتهرت بالبناء العمراني الأصيل وبفنون الزخرفية والكتابات التي تعكس بدقة حياة السابقين من أسرار الصناعة الدقيقة، والمهارة العالية التي استخدموها في نحت وصنع أدوات الطعام والزينة والإنارة والصيد والطبخ والتماثيل الحجرية والنحاسية.
يقع قصر الباشا في حي الدر ج بالطرف الشمالي من البلدة القديمة لمدينة غزة ، وقد أطلق عليه تسميات عدة منها قصر آل رضوان الذين امتلكوه في فترة الحكم العثماني، كما أطلق عليه دار السعادة والدار العظيمة، وقلعة نابليون ويقال إن نابليون مكث في القصر ثلاثة أيام لحظة تواجده في غزة.
يعلو مدخله "ركنان" يأخذان شكل أسدين نقشت بداخلهما "البسملة" مرتين وهما يمثلان فترة حكم الحاكم المملوكي الظاهر بيبرس، ويتكون من طابقين تضم حجراتٍ كثيرة لها رونقٌ فني مميز، سقفها عبارة عن أقواس تضفي على المكان ديكوراً رائعاً يعمل على تهوية القصر، وتضم حجراته متحف تجمعت فيه الشواهد التاريخية من النقود المعدنية والمخطوطات الإسلامية وأدوات الطبخ، والأواني الفخارية والنحاسية متعددة الأشكال والأحجام.
سميت حجراته بأسماء المدن الفلسطينية، فقسم الطابق السفلي إلى ثلاث قاعات: قاعة حيفا، وقاعة يافا، وقاعة القدس، أما الطابق العلوي فاحتوى على قاعتي عكا، والرملة، وقاعة"حيفا"هي "بوابة" عبور المتحف وتتحدث عن الآثار الفلسطينية الكنعانية القديمة إبان العصر البيزنطي، وتنوعت آثارها ما بين أسرجة فخارية صغيرة تدل على دقة صنع أدوات الإنارة الليلية، وعملات نقدية تظهر النقوش التي تؤرخ الحقبة البيزنطية، وكذلك زينت زوايا الحجرة بجرار فخارية ذات أشكال وأحجام متنوعة، إضافة إلى تيجان وأنصاف أعمدة رخامية وأدوات برونزية مختلفة.
ومن ثم تنتقل من قاعة حيفا إلى قاعة "يافا" بعد الصعود على "درجات" داخلية ، تلك القاعة تمثل الآثار الكنعانية القديمة خلال حكم الرومان لفلسطين، وتميزت عن سابقتها باحتوائها على قوارير مختلفة الأشكال والأحجام، وفي زاوية أخرى وضعت عملات نقدية، تقابلها أسرجة فخارية للإنارة، إضافة إلى الجرار الفخارية والأدوات البرونزية.
أما القاعة السفلية الأخيرة للمتحف فقاعة "القدس" التي تجاور القاعتين السابقتين، واتخذت القاعة من اسمها دلالة إسلامية خالصة فتنوعت المعروضات الأثرية التي تعود إلى الحكم الإسلامي خلال حكم الأيوبيين والمماليك والعثمانيين، بالإضافة إلى الأباريق النحاسية، والعملات النقدية إبان الحكم الإسلامي.
ويعلو القصر طابق يحملك إليه "درج" من الأحجار الرملية التي صنعت بدقة لتقاوم التقلبات الجوية، ليشدُ انتباهك باب ذو لون بني قاتم، عرضه أكبر من ارتفاعه بعكس الأبواب الخشبية التي تصنع حاليا، وعامة أبواب القصر من نفس التصميم، لأن أرضية الحجرات الداخلية أكثر انخفاضا من المدخل، وبحيث تنزل على "درج" صغير ينقلك إلى حجرات القصر الداخلية.
قاعة عكا، وقاعة الرملة، هما القاعتان اللتان احتوى عليهما الطابق العلوي من "المتحف"، فقاعة "عكا" هي مزيج من آثار مختلف العصور التاريخية بداية من العصر البرونزي مرورا بالعصر الكنعاني، ومن ثم العصر الحديدي، فاليوناني، فالروماني ، فالبيزنطي، تنوعت الآثار ما بين الأواني والجرار الفخارية، والأسرجة والقوارير والأطباق الفخارية.
والقاعة الأخيرة للمتحف هي قاعة الرملة الأصغر مساحة من الحجرة المجاورة، وقد انفردت بعرض مخطوطة إسلامية نادرة وفيها صنعت أدوات الزينة من العاج والبرونز، بالإضافة إلى تمثالين لأسدين صنعا من الرصاص ، وعملات نقدية وقوارير زجاجية تعود للعصر البيزنطي والروماني.
وكالة قدس نت للأنباء زارت القصر وأعدت التقرير المصور :
عدسة : محمود عيسى