" لا جدوى من محاولة ابادة البعوض بقتله واحدة واحدة،
بينما المستنقع الذي يتوالد فيه يحيط بك "
تنتفض خلايا الجسد ،تنتصب شعرات البدن ،تتصاعد نبضات القلب ،لم تعد نصفي كرتي الدماغ ومركز الوعي تلتقط موجات الاحساس ،فما يجري على الارض الفلسطينية لا مثيل له من الاحتلال والإرهاب والظلم ،فالسادية والشوفينية العنصرية ،وكل مسميات الانحطاط الاخلاقي العالمي تتموضع هنا على أرض فلسطين التاريخية ،والهلكوست المزعوم كذبة روجت لها الحركة الصهيونية والمسيحية ألصهيونية ،والمسيحية اليهودية ،والمسيحية الامبريالية بزعامة الولايات المتحدة الامريكية المعادية للشعوب ،وصدقتها الرجعيات العربية ،وأنظمة التخلف والاستبداد ،رغم أن الهلوكوست شمل بني البشر ،ودفعت ثمنه كل الشعوب منذ عشية الحرب العالمية الثانية ،وحتى الآن وضحاياه من كل الأمم والشعوب والأجناس والديانات والحضارات ومن بينها الشعب الفلسطيني . ولو أن اليهود تعرضوا للهلوكوست والإبادة الجماعية كما يزعمون ،لما مارسوا نفس الاسلوب ،وغرسوا سموم حقدهم على الشعب الفلسطيني الاعزل وعلى الشعوب العربية .
لم يشهد تاريخ الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي ،هجوما شرسا على الارض والشعب الفلسطيني مثل حكومة اليمين الليكودية ،حكومة المستوطنين ،وغلاة التطرف الصهيوني مثل هذه الايام ،يشارك في حقدها حاخاماتهم ونسائهم وأطفالهم بزيهم اللاهوتي المعروف وعقص شعيراتهم التي تتدلى على آذانهم ،بدوافع توراتية وبسلسلة من الاكاذيب بهدف تزوير الحقيقة والتاريخ ،ودعواتهم ببث روح الكراهية والانتقام من الشعب الفلسطيني ،صدقها العربان ،وروجوا لها في الجامعات الرسمية ،والكهنوت الاسلامي كحقهم في أرض الميعاد معتمدين على التوراة كمصدر وحيد لهذا الادعاء على الرغم من زيفه ،ومساهمة الباحثين والمتخصصين اليهود والأوربيين في دحضه .
تستخدم الحكومات الاسرائيلية المختلفة ،وخصوصا حكومة اليمين والتطرف نتينياهو ليبرمان المستوطنين لتحقيق أهدافها ،وتثبيت حكمها وسيطرتها على الشعب اليهودي في فلسطين وخارجها ،وقوة اللوبي الصهيوني في العالم الرأسمالي ،وبدعم من الامبريالية الامريكية ،وبتواطؤ الرجعيات العربية ،ينفذون دورهم القبيح في محاصرة وملاحقة الفلسطينيين ،والاستيلاء على أراضيهم ومنازلهم ،وإقامة المستوطنات والبؤر الاستيطانية ،وحرق مساجدهم وتدنيسها بشعارات وقحة ،وتهويد القدس ،والاعتداء بالضرب وتهديد المزارعين الفلسطينيين وتدمير اشجارهم وممتلكاتهم ،وسرقة محاصيلهم .... الخ تحت حماية جيش الاحتلال الاسرائيلي .
وبرغم مقاومة الفلسطينيين والمزارعين للاستيطان والمستوطنين ،وتسيير المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية الاسبوعية التي تنظمها حملات الدفاع عن الارض ،ولجان مقاومة الاستيطان في قرى نعلين وبعلين والمعصرة والنبي صالح والخليل وبيت لحم والعديد من القرى الفلسطينية ،فان المستوطنين لم يتراجعوا ،بل يزدادون عنفا وضراوة واستهتارا بكل القيم الانسانية ،ومع تنامي الاحتجاجات الاسبوعية التي تحولت لبرنامج عمل ،فقد استقطبت عدد من المتضامنين الاجانب من كل قارات العالم ،وساهمت في فضح وتعرية الممارسات الاحتلالية والاستيطانية عالميا ،وعملت على كسب ود جزء من الرأى العام العالمي ،ونجحت في تجنيد عدد كبير من أنصار السلام في العالم ،مما زاد الدعم والإسناد للقضية الوطنية الفلسطينية كقضية تحرر وطني وليست فقط قضية انسانية إلا أن مفعولها يتراجع وقدرتها على احداث التأثير في الفترة الزمنية المحدودة التي تتسارع فيها وتيرة الاستيطان وتهويد القدس بطيئة .
وانطلاقا من طبيعة الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي ،فعلى الفلسطينيين ان يساعدوا أنفسهم اولا ،وتصبح ضرورة موضوعية البحث عن اشكال جديدة لمواجهة المستوطنين ،ووسائل كفاحية اخرى رادعة ،بعنصريها البشري والمادي وبأداتها الملائمة ،تشكل بمجموعها تهديدا وخطرا على حياة المستوطنين وأمنهم ،فعندما يحس المستوطن أن حياته وأسرته باتت في مرمى الخطر والموت ،تجبره على ان يعيد حساباته ،وربما تلجم ممارساته السادية ضد الشعب الفلسطيني . ان أحد هذه الاشكال ينبع من تشكيل اللجان الشعبية لحراسة الممتلكات والقرى والمدن والأراضي ،وتحرك سكان القرية السريع لنجدتها ،والتجمع الفوري والتوحد لمواجهة المستوطنين بكل الوسائل والأشكال مستخدمين العصي والحجارة والفؤوس والأغاني والأهازيج الوطنية رافعين الاعلام الفلسطينية وكل ما يمكن حمله ،وملاحقتهم والاشتباك معهم ،حتى يدرك المستوطنون ومن ورائهم ان شعبنا الفلسطيني لن يسكت على امتهان كرامته ،واغتصاب أرضه ،وسيحميها بكل ما يملك من الوسائل والأدوات ومواجهة اية محاولة منهم للاعتداء على الارض الفلسطينية ،او حتى الاقتراب من القرى أو البلدات ،وإذا ما نجحت الجماهير في الدفاع الجماعي عن الاراضي الفلسطينية ،يتحول لنموذج لكل القرى والبلدات وتشكل رادعا للمستوطنين ولجنود الاحتلال الاسرائيلي الذي يباركون ممارساتهم الارهابية . ان خروج كل أهالي القرية والبلدة والخربة شيوخها ونسائها وشبابها وحتى اطفالها هو تدعيم للمقاومة الشعبية ،وحماية للأرض والمزروعات ،ويمنع اولئك المتطرفين من التمادي في غيهم ،ان تشكيل فرق حراسة وبؤر انذار مبكرة ،وتشغيل العاطلين عن العمل ،ورجال الأمن بأذرعها المختلفة يشكل البداية الحقيقية لحماية الوطن والمواطن ،وعلى السلطة الوطنية أن تكف عن التنديد والاستنكار فقط على كل حالة هجومية للمستوطنين ،أو أية حالة دهس لأطفالنا ،بل بوضع خطة وطنية لحماية الارض والإنسان ،وإعادة النظر في التنسيق الأمني .ان المقاومة الجماعية المنظمة تبقى مهمة المؤسسات الرسمية والأهلية ،والقوى الوطنية ومكونات المجتمع المدني ،وعلى السلطة تقديم كل أوجه الدعم والإسناد للمزارعين والفلاحين ،وربما يلجأ الاحتلال لاتخاذ اجراءات انتقامية كالاعتقال والضرب والتطويق وفرض منع التجوال ومنع العمال من التوجه لاماكن عملهم ،ومحاصرة القرى والمدن ... الخ ومع كل الاجراءات المتوقعة من الاحتلال ومستوطنيه ،فلن تثن شعبنا عن الدفاع عن ارضه ،وتحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال والعودة ،وعلينا أن نستذكر تجارب شعبنا وخبرته الطويلة في الانتفاضة الاولى عام 1987 التي استطاعت بوحدة هذا الشعب وبقيادته الوطنية الموحدة أن تشل أسلحة الاحتلال وتعطل مفعولها .
طلعت الصفدي غزة – فلسطين
الجمعة 18/10/2012
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت