العيد في فلسطين بطعم الحصار ومعاناة الشعب.. وزيارة رئيس عربي لا تضمد الجراح

بقلم: عباس الجمعة


يأتي عيد الاضحى المبارك في وقت تشتد الأحزان لفراق الأحبة من شهداء وأسرى غيبهم عدوان لاحتلال الصهيوني ، حيث لم يعرف للعيد طعما أو لونا، ، فعائلات الشهداء تتذكر فلذات أكبادها تحت الثرى وسط الدموع، وأكثر من ستة ألاف أسير فلسطيني وعربي خلف القضبان الفولاذية تأكل من أجسادهم ولحومهم، وجرحى ومعاقون يئنون، ومصادرة للأراضي الفلسطينية وطرد وتهجير وجدار يلتهم الارض في الضفة الفلسطينية ويقطع اوصالها ويحولها إلى معازل وكانتونات، و مدينة القدس في سجن معزول، وحصار حول قطاع غزة يؤكد على العدوانية الصهيونية المستمرة التي لا يكفيها التنديد ولا زيارة رئيس عربي يريد يدعي الحرص على وحدة الفلسطينيين ، بينما زيارته تعمق حالة الانقسام، وان تقديمه المال والدعم لإعادة إعمار غزة لسلطة مقالة تتطلع الى بناء امارة يؤكد على الدور القطري المرتبط بالسياسات الأميركية ، وان هذه الزيارة تحمل في طياتها مضامين سياسية أكبر من قضية اعمار غزة، وقد يكون من ورائها محاولة جس نبض حركة حماس باتجاه مزيد من الاعتراف من زاوية الانسجام مع ما يجري من تطبيق صفقة تاريخية بين الولايات المتحدة الأميركية والاخوان المسلمين، ولقطر علاقات وطيدة مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، وهي تدرك مدى الخلاف الحقيقي بين القيادة الشرعية الفلسطينية والولايات المتحدة ويمكن ان تكون الزيارة اعلانا قطريا بان معركة التمثيل الفلسطينية والشرعية خاضعة للمقايضة السياسية، بينما الشعوب العربية تعاني من سياسة القهر والظلم ونزف الدم نتيجة سياسة السطو الامريكية على الثورات العربية التي انطلقت من اجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، حيث ان الشعب الفلسطيني والعربي يفتقد الفرحة ، لذا يتوجب الآن أن يسارع العرب والمسلمون، إلى الوقوف بقوة إلى جانب شعب فلسطين، وأن تكون خطوتهم الأولى على هذا الصعيد العمل الجماعي لانهاء الحصار عن غزة ودعم صمود الشعب الفلسطيني في الضفة الفلسطينية والقدس والوقوف الى جانب قيادته الشرعية المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ، والعمل من اجل مواجهة الأخطار والأزمات التي تواجه المنطقة العربية .
ان الشعب الفلسطيني يستلهم الدورس والعبر والمعاني السامية لهذه المناسبة المباركة ، صحيح ان الشعب الفلسطيني يحقق انجازات عبر معركته الدبلوماسية التي تقودها القيادة الفلسطينية، فإن المعركة في الجمعية العامة للامم المتحدة للحصول على عضوية دولة عضو مراقب يجب ان تستمر ، وان الرهان على موقف رسمي عربي ومسؤول شبيه بالرهان على حصان خاسر وافضل ما فعله العرب في كافة لقاءاتهم وقمامهم انهم ابقوا الحال على ما هو يتغنون بفلسطين ولم يفعلون شيئ لها ، وان زيارة رئيس عربي الى غزة لا تضمد الجراح، وبالتالي لا بد من مراجعة فلسطينية حقيقية تستند الى مخزون الطاقات الشعبية واستنهاضها لمواجهة مخططات الاحتلال ومشاريعه .
وفي العيد نحيي الاسرى البواسل داخل سجون الاحتلال ، مؤكدين اننا نتضامن مع أحزانهم وشوقهم للأهل والأصدقاء وشوقاَ للاحتفال بالعيد في بيوتهم ، نهنئ اهالي الاسرى الذين يتطلعون بالشوق والحنين للأحبة.
وعلى هذه الارضية نقول على الشعوب العربية ان تعي جيدا ما يخطط لها من اجل اثارة الفوضى الخلاقة ونعرات الطائفية والمذهبية وإشعال نار الفتنة والاحتراب بين أبناء البلد الواحد، ومن هنا عليهم الحذر لان هذه المخططات لن تخدم سوى طرف واحد وهو الكيان الصهيوني الذي ينعم وسينعم بمزيد من الاستقرار والتنمية على حساب دماء شعوب المنطقة واستقرارها وأمنها وأرضها وتنميتها وتقدمها وتطورها، وحتى تعيش في المقابل شعوب المنطقة في أتون التخلف والفقر والجهل والتناحر والفتنة، وليتفرج الأعداء على رؤوس شعوب المنطقة وهي تفصلها عن أجسادها الطائفية البغيضة.
لا بد في عيد الاضحى المبارك من القول ان الاسلوب الاكثر نجاعة من لغة الخاطابات والمزايدات هو العمل اولا من اجل توفير حاجات الفقراء والمعذبين على ارض فلسطين ومقومات الصمود ، هذه القضايا التي ستفرض موازين القوى ، وذلك من خلال تعزيز و تصعيد المقاومة الشعبية بكافة اشكالها ، لان قدر الشعب الفلسطيني ان يكون في خط الدفاع الاول في الدفاع عن قضايا الامة العربية ، وعلى قواه الوطنية وفصائله وطلائعه استيعاب الدروس والعمل الفوري من اجل انهاء الانقسام وتوحيد الصفوف وتجميع الطاقات في مواجهة العدو ، والا فان المسيرة ستستمر في التراجع وتخلف ورائها ناثات ويومها لا ينفع الندم .
ختاما : ازكى التهاني والتبريكات للشعب الفلسطيني العظيم والشعوب العربية الاسلامية في كل مكان بمناسبة عيد الأضحى المبارك، ونتمنى للجميع ان تكون الاعياد مراجعة للنفس ورفع الاحقاد وخاصة الطائفية والمذهبية منها ليعود السلام والوئام الى ربوع الوطن العربي وتحققت اماني الشعوب في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ويحقق الشعب الفلسطيني حريته بتحرير الارض والانسان واقامة دولة فلسطين بعاصمتها القدس.
كل عام وانتم بخير
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت