لا يجوز أن نستغرب ونستهجن مواقف رسمية لرسميين برازيليين من القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني، حيث حكومات العالم بشكل عام وما يدور بفلكها تبني مواقفها على أساس الموقف الرسمي الفلسطيني من الصراع الدائر، فلم أسمع حتى اللحظة أن حكومات العالم كان لها موقف أرقى من موقف القيادة الفلسطينية، فهل هناك موقف دولي يطالب بتطبيق قراراً التقسيم 181 إذا كانت القيادة الفلسطينية تطالب بنصفه؟!.
منذ تقريبا الـ 20 عاماً الاخيرة تعاملت القيادة الفلسطينية مع المقاومة على أساس أنها ارهابية، وأمام ضربات العدو وعملياته العسكرية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني وتدمير بنيته التحتية وجرائمه كان الموقف الرسمي الفلسطيني يقول دائماً أن العمليات العسكرية الاسرائيلية تهدد عملية السلام وتهدد المفاوضات، وهذا الموقف يترك سلبياته على المواقف الرسمية الدولية، والذي يفهم من ذلك أن الطريق الوحيد لحل الصراع الدائر هو من خلال المفاوضات وليس هناك مخرجاً آخراً.
الحركة الصهيونية والسفارة الصهيونية بالبرازيل باتصالاتها وضغوطها على الجانب البرازيلي تأخذ بعين الاعتبار الموقف الرسمي الفلسطيني، وتتعامل مع القوى الأخري على قاعدة أنها متطرفة بمواقفها وآرائها وحتى بأفعالها وتقوم اضافة لذلك باستفزازها، وتبدي بنفس الوقت قلقها على التجمعات اليهودية وممتلكاتهم وهذا ما حصل اخيرا اثناء لقاء السفير الصهيوني مع حكم ولاية الريو غراندي دو سول بخصوص المنتدى الاجتماعي العالمي – فلسطين حرة.
عندما يؤكد اتحاد المؤسسات الفلسطينية من خلال سكرتيره أمير مراد بأن مشاركة الاتحاد بحملة مقاطعة للكيان الصهيوني ستتركز فقط على بند المقاطعة العسكرية، فإن هذا الموقف بشكل عام هو للتعبير عن الموقف الذي يمكن أن تلعبه هذه المؤسسة بمنع عزلة الكيان الصهيوني ولإضعاف الحملة التضامنية الدولية الرامية إلى مقاطعة الكيان الصهيوني، وهذا الدور ليس جديداً وإنما هو امتداد لمواقف سابقة.
المواقف التي يمكن أن تعتمد عليها الحركة الصهيونية وسفارة الكيان الصهيوني للتأثير على المنتدى الاجتماعي العالمي – فلسطين حرة هو الاستشهاد بمواقف القيادة الفلسطينية وتصرفات سابقة بالبرازيل مارستها السفارة الفلسطينية واتحاد المؤسسات الفلسطينية وهي:
كتأسيس مؤسسات مع صهاينة، وارتداء الطاقية اليهودية، والسير مع السفير الصهيوني بشوارع برازيلية، وجمع الأدوية لضحايا العنف بالشرق الاوسط، والتطبيع مع الجاليات اليهودية وغيرها من التصرفات التي تلحق الضرر بالقضية والنضال الفلسطيني.
ولكن هل الحركة الصهيونية والكيان الصهيوني وسفارته بالبرازيل تكتفي بهذه المواقف؟ أعتقد لا، ليس المطلوب من الطرف الفلسطيني تقديم تنازلات فقط، وإنما أن يلعب دوراً رادعاً اتجاه كل موقف تراه الحركة الصهيونية وكيانها موقفا لا يتماشى مع طموحاتهم وأهدافهم الاستعمارية والاستيطانية والمتنكرة للحقوق الفلسطينية، فهم يريدون من الطرف الفلسطيني أن يكون طرفاً منحازاً إلى الرؤية الصهيونية بالتصدي لما تسميه ارهاباً وخطراً، أو بمعنى آخر أن تنحاز القيادة والسلطة الفلسطينية إلى الموقف الرسمي الغربي الاستعماري بمعاداته للشعوب والأمم.
فإن ما يجري الآن ببورتو اليغري بخصوص المنتدى الاجتماعي العالمي – فلسطين حرة، هو ابتزاز تقوده الحركة الصهيونية بالبرازيل من خلال الفيدراليات الاسرائيلية وسفارة الكيان الصهيوني، بأن تلعب الاطراف البرازيلية دوراً بمواجهة القوى الجذرية والتقدمية التي تصطدم أساساً مع الامبريالية العالمية بإيقاف نشاطها وكحد أدنى أضعاف دورها، وأعتقد أن الأطراف البرازيلية بدأت تمارس هذا الدور من خلال رفع الدعم عن المنتدى من قبل الحكومة الفيدرالية، وثانياً اقتراح حاكم الولاية بجمع الجاليتين الفلسطينية واليهودية للاحتفال بالسلام، كذلك موقف رئيس البلدية الذي يريد تعهد من رئيس اتحاد المؤسسات الفلسطينية بسلمية المنتدى، وأعتقد أن هذا لن يتمكن من تحصيله لأن قرار المنتدى ليس قرار الاتحاد وإنما قرار أممي قرار منظمي المنتدى.
أنا لا أستبعد أن تكون النهج القيادي المهيمن وسفارة فلسطين والاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية جزءاً من هذا الفريق، لأن التنسيق بين الأطراف الفلسطينية غير موجود إطلاقاً، والسفارة الفلسطينية هي مرتاحة جداً لحالة التفتت التي تمر بها الجالية لتمرير أو تشجيع سياسيات ومواقف ليس عليها اتفاق أو إجماع، وهي بذلك تستغل هيمنتها وتحاول تمريره باعتباره الشرعية، وهذه هي التقديرات التي تخطيء بها السفارة الفلسطينية ومن يدور بفلكها، فالنضال الفلسطيني ليس ارهاباً، ولن يكون إرهابا اطلاقاً، إنه نضالٌ عادلٌ من أجل استرداد الحقوق، وأن هناك العديد من القوى العالمية وبقارة أمريكا اللاتينية تأخذ على محمل الجد مقاطعة الكيان الصهيوني والضغط على حكومات بلدانها لمقاطعته، والبدء بحملة دولية من أجل إطلاق سراح الأسرى وهدم الجدار ومحاصرته والبحث عن وسائل من أجل محاكم هذا الكيان على جرائمه التي ارتكبها ومازال ضد الشعب الفلسطيني.
أعود وأكرر النضال الفلسطيني ليس إرهاباً أيها القادة إنه نضالٌ عادلٌ من أجل أن يحصل شعبنا الفلسطيني على كامل حقوقه، وليس بإمكان أيٍ كان أن يمنع شعوب من التعبير عن غضبها من ممارسات وإجراءات الكيان الصهيوني، فلشعوب العالم عيون ترى بها وآذان تسمع بها، وأن النصر لن يكون إلا حليف الشعوب المناضلة من أجل حريتها وكرامتها واستقلالها.
جادالله صفا ـ البرازيل
27/10/2012
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت