وعد بلفور السبب الرئيسي في تقطيع أوصال الأمة

بقلم: عباس الجمعة


منذ خمسة وتسعين عاماً استباح الطامعون أرض فلسطين التي كانت الويلات تنزل بها من كل حذب وصوب، في مثل هذا اليوم من عام 1917 وصلت الوقاحة بـ"آرثر جيمس بلفور" وزير الخارجية البريطاني آنذاك إلى أن يسمح لنفسه تقرير مصير أرضنا وتشريعها دولياً كوطن قومي لليهود بناءً على ادعاء "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، هذا الوعد المشؤوم كان السبب في تقطيع أوصال الأمة التي وحدتها الطبيعة وقسمها الأجنبي من أجل مصالح خاصة إلى كيانات سياسية لا قدرة لها على مواجهة الأخطار المحدقة بالأمة العربية.
ان ذكرى وعد بلفور التي أسست لقيام الكيان الصهيوني على ارض فلسطين ، وعد لم يكن كمثيله من وعود امبريالية عدوانية على حق الشعوب في اوطانها ، اتخذت عدة مسارات وتغيرات ديمغرافية وجغرافية وسياسية خطيرة ، عرفتها المنطقة والعالم بأسره.
تمر الذكرى ولم تتذكره الذاكرة ، لا الرسمية العربية ولا مؤسسات المجتمع الدولي ، الذي باتت مؤسساته تغمض العيون عما تقترفه " اسرائيل " ، عن ممارسات تجاوزت حدود الاحتلال ، الى حد اقتلاع الانسان والاستيلاء على الارض واغتصاب التاريخ والمقدسات .
من هنا نقول : رغم الأحداث والتطورات المتلاحقة في المشهد الفلسطيني والشرق العربي ورغم الاعباء الكبيرة التي يرزح تحتها الواقع الفلسطيني , ورغم النكبات التي تنصب علي رؤوس الفلسطينيين منذ عام (1948 ) الى الأن ورغم كل التضحيات اليومية الا أننا لا يمكن أن نغفل اساس الدور البريطاني في صناعة دولة الكيان الاسرائيلي , بالتالي فانه لا يجوز لنا أن نتعامل مع وعد بلفور كأنه نوع من الذكريات السيئة والاكتفاء بهذا القدر من السلوك السياسي , بل يجب أن نطالب بريطانيا بتصحيح ما أقدمت عليه من فعل كارثي ,وكما يجب عليها دفع التعويضات عن الفعل الذي لازالت نتائجه السلبية الناجمة عن تطبيق ذاك الوعد مستمرة .
الذكري الخامسة والتسعون تتلاقي مع المسعي الفلسطيني للحصول علي صفة دولة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك حسب اتفاقية جنيف الرابعة , علي الرغم من أن لدي الشعب الفلسطيني ( 133 ) دولة تعترف بفلسطين دولة وعاصمتها القدس ,فسياسة التسويف التي تتبعها أميركيا وبريطانيا وبعض الدول الغربية , والتي نجد في سياساتها انحياز مستمر لصالح اسرائيل وضد العرب . فما نراه من تلك المواقف شبح سايكس بيكو وبلفور يطاردنا ,فحقيقة الأمر أن الوجوه تبدلت والأفكار لم تتبدل .
ان اغتصاب فلسطين كان ومازال اكبر جريمة يشهدها العصر الانساني ، ومعاناة الفلسطينيين لا مثيل لها في التاريخ ، كما هي تضحيات الفلسطينيين الذين تكالبت عليهم وعلى وطنهم كل كلاب البشر وذئابه ، والمصيبة الكبرى ان هناك من لازال يمارس التآمر من الفلسطينيين انفسهم ، ومن العرب والمسلمين على قضية لم يشهد التاريخ انبل منها ، و قضية بمستوى نبلها وشرفها واهميتها، ينبري ليدافع عنها اسوأ محامي هذا العصر، ويدعي انه صاحب الحق في اغتصاب ملكيتها ، وصانع القرار فيها ، وهو آثم شرير لا يخدم الا العدو المتربص بفلسطين ارضا وشعبا .
ان التنديد بالعدوان والإحتلال لم يعد يكفي في ظل استمرار حكومة الاحتلال بتنفيذ مخططاتها التهويدية التوسعية وبدعم الامريكي اللامحدود، والتواطؤ بهض الدول الاوروبية ، وتهرب بعض العرب من مسؤولياتهم ، بينما تستبيح جرافات العدو القدس لطمس معالمها العربية - الاسلامية، ولن تتوقف، إذا لم تقم الدول العربية والقيادة الفلسطينية برسم استراتيجية وطنية قومية قادرة على اعادة الصراع الى بداية السطر، من خلال وقف التطبيع، واحياء المقاطعة الاقتصادية، ودعم التوجه الفلسطيني الى الامم المتحدة واعادة الاعتبار للمقاومة الشعبية. فهي السبيل الى لجم العدو ووقف استباحته للارض والقدس.
ختاما : لا بد من القول ان فلسطين الارض والشعب ملك امة لابد لها من ان تصحو من غفوتها ، وان تنهض من كبوتها، فنهوضها مرتبط بتحرير فلسطين ، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس ، ورفع علم فلسطين على روابي فلسطين المحررة .
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت