بعد أن صليت الظهر على السطح حاضرا.. نظرت أمامي ، فإذا بحمار جارنا ..يتشمس دائرا حول الوتد..!!
فيما يبدو كان مزاجه معتدلا.. فلا نهيق، ولا زعيق.. ، ولا إحساس كما البشر بالوحشة ، والضيق ..!!
لا ادري.. هل كان يغني ..؟ ولو كان .. من يا ترى مطربه المفضل..؟!! أكيد.. مش عمرو دياب..!!
لا ....أظنه كان يفكر – وهو ليس خارج التغطية كما يظن البعض – ربما كان يتأمل كأرقى مثقف من مثقفي الصالونات، والتنظيمات و الفيس بوك..!! في خلق الله ، وفي وجبته المفضلة من شعير محلى بالتبن..!! وينظر للأمور الاستراتيجية بصبر ،وروية..كأكبر محلل سياسي..!!
لابد انه يفكر في بنت الحلال.. !! بلا هم ال 5 آلاف دينار للمعجل ،و 5 أخرى العفش، و5 ثالثة للمؤجل يعني( 555 كولونيا شبراويشي) ..!! كما يفعل بنو البشر هذه الأيام.
حسدته ..آسف ..غبطته على قناعته ،ورومانسيته ،وروقان باله ،وهو يتمرغ في الرمل..!! ويفك عضلاته كأزعم لاعب في المنتخب القومي ،بينما انا اتحسر على مافات ..!! و اتذكر ان العيد مر قبل عدة أيام من باب اللحمة ،والعيديات .. كأي يوم عادي بدون حس، ولا خبر.. !!
حمار مؤدب ،و خلوق.. بدون وعظ ولا إرشاد ،و لا ترهيب مشايخ القنوات !! في طول وعرض البلاد..!!
قلت في نفسي : يا ليتني مكانه ..!!
كنت ارتحت من هم العيال .. ،ومن القيل ،والقال .. ،ومن مكالمات ،ورسائل الجوال .. ، ومن الفواتير..ميه ،وكهربا، وتامين صحي، وتليفون، وأخيرا ضريبة لا تنتظر، ولا ترحم من شركة جوال ..!!
كنت ارتحت من أخبار الجزيرة ،والعربية ..،ولندن .. ومن فيديو تعذيب وإعدام حي لجنود من الجيش السوري على أيدي الجيش الحر..!! والحال العربي ،والإسلامي الذي لا يسر..!!
كنت ارتحت من محاولة فهم قرار عزيز مصر.. إغلاق المحلات في العاشرة مساء ،بينما الكباريهات مفتوحة الى الصباح..!!
كنت تخلصت من كوني (ستف ) على موجة واحدة..،و صرت لين التفكير.. سهل القياد حسب ما يريدني مولانا الأمير .. روح موالي .. حاضر.. روح معارض ..حا ضر .. رووووح سفير..!!
وفي الحالتين أكون حمارا..!! حسب مفهوم الرأي ،والرأي الآخر في الاتجاه المعاكس.. !! عند الموالي إن كنت معارضا ،وعند المعارض إن كنت مواليا ..!!
كنت ارتحت من صداع مبادئي ،ووجع ذكرياتي عمن أحببت ،وكرهت ..!! واكتفيت بذكريات حمارية خاصة مختصرة عن روعة شريكة حياة.. مطيعة في الخلاء ،وأمام بيدر كامل من تبن ،شعير دون إحساس بمنشار الضرائب ،و شاكوش الغلاء..!!
كنت ارتحت من غنج فتح، وعرج حماس..!! ومن هم المصالحة
كنت ارتحت من غيبوبة اتحاد الكتاب ، وتهافت المثقفين ،وزيارات التوظيف السياسي والتسمين ، وكذلك عضوية فلسطين..!!
كنت ارتحت ..من إخطبوط الجهل.. ،ومن غثاء المنافقين ..!! إما بالتجاهل ، او برفسة في الوجه فيها كل غل الصابرين..!!
عبقري..!! يرى (جنود الله) في إعصار ساندي الذي دمر من امريكا ما دمر قتل أكثر من 100حتى تاريخه ، وآخر يدعمه بالايات البينات ..!! وثالث يدعي أن هذا الإعصار من ورائه.. سوريا ،وإيران ..!!
أمان يا ربي أمان..!!
اسال بكل هدوء و ذوق :هل تدخل (جند الله) أيضا في حادث الرياض الذي اودى بحياة ما يقرب من 30 ضحية ..؟!!
وهل تحول (جند الله) الى امن وقائي أو امن داخلي كما يتصور البعض..؟!! وهل (جند الله) تخصص كوارث أمريكا فقط..؟!!
يبدو أني أطلت التفكير.. تنبهت.. أعدت النظر إلى المنظر البهي .. فوجدت جاري مسرعا نحو حماره الوحيد ملوحا بكرباج سوداني ، وبدون احم ،ولا دستور أخذ يضربه بقسوة شديدة ،وكأن بينهما ثأر..!!
تعاطفت مع الحمار كأنه من بقية اهلي ،وأخذت أشجعه كما أشجع النادي الأهلي إمام الترجي .. ،ولكنه نهض من مكانه ، وحنى رقبته ،واستسلم .. صرخت مغتاظا :يا جبان ..!! كنت أتصوره حمارا ثوريا مقاوما ..مدافعا عن نفسه ..مناضلا حتى آخر نفس ,ولو برفسة..!!
خاب أملي..ربما كان حمارا براجماتيا .. يتحمل من أجل رطل الشعير..، كما يتحمل البشر الاهانات ،ويبيعون ما تبقى من كرامات ..من اجل حفنة دنانير..!!
هذا الموقف.. آلمني وخذلني.. !! رغم طرافة أن ترى حمارا يضرب حمار..!!
عرفت فيما بعد ان بطل المشهد (حمارة ) مكسورة الخاطر.. تتحمل الضيم من اجل جحشها الغالي الذي يتبعها أينما تذهب ..قلت أمر طبيعي: فنحن مجتمع ذكوري مضطهد، و بغيض ..!! الواحد منا يتعامل غالبا مع النسوان كاماء وجوار ،وليس من المستبعد أن تبدأ المسكينات ربيعا مستحقا آخر تحت عنوان (المرأة تريد إسقاط الرجل...)..!!
تذكرت قصة (ذيل الأرنب) التي تتحدث عن أرنب لم يعجبه ذيله ،فصادف ساحرا ساعده على تحول ذيله حسب ما رغب إلى ذيل قط ، ثم ذيل ثعبان و... و... وفي كل حالة كان ينجو من الموت بأعجوبة..!! فعاد ليرجو الساحر باكيا أن يعيد له ذيله.
نظرت الى السماء ،وهمست:
يا الله .. اغفر لي ما فكرت .. كل شيء أتحمله في سبيلك ،وفي سبيل حياتي الباقية بأمرك إلا الضرب..!!
قفز عقلي كضفدع ،وسألني: وهل نسيت الوجبات التي تقدم للنزلاء في المعتقلات ؟!!
هل نسيت مداعبة ابنك القاصر الذي ذهب صباح يوم العيد ليستطلع ذبح عجل..!! بفلكة حماة الوطن بحجة انه سرق من بيارة حبتين كلمنتينا..؟!! وهناك من سرقوا ويسرقون كل الوطن..!!
قلت : ولو.. ابن ادم تحت(الفلكة) .. يصرخ ..يتذكر وجه جلاده ،ويستطيع إن كتبت له حياة.. أن يشتكي لديوان المظالم ،ومؤسسات حقوق الانسان ، أما أبو الصابر فلا ..
أحمدك ..، واشكرك يا رب انك خلقتني بشرا..!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت