إذا… فلماذا…؟! وهل…؟! أسئلة إلى صاحب الديمقراطية وحقوق الإنسان في مجلس الأمناء!!!

بقلم: أيوب عثمان


إذا كانت الإرادة الإلهية قد أعطت جل همها واهتمامها وحمايتها للكلمة والفكرة ولحرية التعبير عنهما فدعت إلى حرية الرأي وحصنتها، حيث قال تعالى في سورة الرحمن: "الرحمن، علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان"، أي علمه الكلام،

وإذا كان أول شيء علمه الله سبحانه وتعالى لأول الخلق آدم عليه السلام، كان الكلام، مصداقاً لقوله سبحانه: "وعلم آدم الأسماء كلها"، ذلك أن أول ما علمه لآدم لم يكن كيف يأكل ويشرب، ولم يكن كيف يستر عورته أو كيف يتزوج النساء، وكيف يطلقهن، وإنما كيف يتكلم، أي كيف يعبر عن نفسه ويبوح بمكنوناتها! كيف يعبر عن شعوره وعن مطالبه كي لا تبقى حبيسة قلبه وضلوعه،

وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد صاغنا على نحو يريده لنا، فلا نتفلَّت منه ولا ننسلخ عنه، وهو تلك العلاقة التكاملية الوشيجة بين المقدمة والنتيجة أو بين الاستقبال والإرسال أو بين التلقي ورد الفعل على التلقي بالقول أو العمل، مصداقاً لقوله سبحانه: "ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين"،

وإذا كان القانون الدولي هو داعمٌ قويٌ وراسخًٌ لحرية الرأي وحرية التعبير عنه، حيث الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، وإعلان ليما للحريات الأكاديمية، وإعلان كمبالا للحريات الأكاديمية، وإعلان عمان للحريات الأكاديمية واستقلال مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، وإعلان اليونسكو الخاص بالحريات الأكاديمية،

وإذا كانت القوانين المحلية هي الأخرى حامية لحرية الرأي والتعبير عنه، حيث القانون الأساسي الفلسطيني في مادته (19)، وقانون المطبوعات والنشر الفلسطيني في مواده (2+4+25+26)، ووثيقة الاستقلال الوطني الفلسطيني،

فلماذا نراك- وأنت مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان- صامتاً، ساكتاً، ساكناً لا تحرك في اتجاه تصحيح مسار جامعة أنت أحد الأمناء عليها ساكناً، لا سيما وإنك تعتلي- بحكم العمل والوظيفة والتخصص والانتشار- كرسياً هو كرسي حقوق الإنسان الذي ربما وقع عليك- بسببه- الاختيار، فاستخلفت على هذه الجامعة أميناً بين أمنائها؟!

لماذا لم يكن لك رأي حينما وجه رئيس الجامعة لي- بناء على دفع وتحريض من رئيس مجلس الأمناء- عقوبة "التنبيه" بسبب رأي نشرته، فيما أنت المعني في مجلس الأمناء قبل غيرك أن تحمي الرأي وتدافع عنه وتقف ضد التنكيل به؟!

ولماذا لا نرى لك رأياً فيما يجري الآن في الجامعة من إصرار على قهر الرأي وقمع حرية التعبير عنه؟! لماذا نراك- وأنت صاحب حقوق الإنسان- صامتاً ساكتاً لا تحرك ساكناً وأنت ترى حقوق الإنسان تنتهك على نحو واضح وفاضح في جامعة أنت مستخلف فيها وعليها؟! لماذا نراك لا تفعل شيئاً إزاء انتهاكات إنما وقع الاختيار عليك أميناً من أمناء الجامعة للجمها؟! لماذا لا نراك صاحب رأي في رأيٍ ناقدٍ يُرد على صاحبه بإحالته إلى لجنة للتحقيق معه بدلاً من تقديره واحترامه بالجلوس معه للاستفادة مما لديه من ملاحظات وأمور غيبها صاحب القرار حيناً فيما غُيِّبَ عنها أحياناً؟!

إذا كان صاحب الرأي الناقد قد طالب بتأمين كرسي للمحاضر في قاعة درسه، وإصلاح الأبواب والشبابيك التي لا تُغلق وإن أُغلقت فإنها لا تفتح، ووقف أعمال البناء والتفريغ والتحميل والقص والسحج والدق والخبط والمرزبات أثناء الدراسة لتمكين الطلبة من الفهم والاستيعاب وتمكين المحاضرين من العطاء، كما طالب بالعمل على إيجاد حل للقذارات على جدران القاعات والردهات والحمامات من عبارات تحط بكرامة الآدميين وتخدش حياءهم…
وإذا كان الرد على رأيه الناقد والمطالب بالتصحيح واستبدال القبح بالجمال هو صدور قرار بإحالته إلى لجنة تحقيق ذات مهمة محددة ونتيجة معروفة مسبقاً، فأين هي، إذن، حقوق الإنسان التي تصان في جامعة الأزهر؟! وأين هو موقف المدافع عن حقوق الإنسان؟! أين هو موقف مجلس الأمناء الذي يزينه عضو من أعضائه متخصص في الديمقراطية وحقوق الإنسان، والذي- بدفاعه عن حقوق الإنسان- قد عَبَر أو على وشك العبور إلى العتبة الدولية؟! أين هو موقف عضو مجلس الأمناء الذي لم يقع الاختيار عليه إلا لتخصصه ولعالميته؟! وهل يقبل امرؤ على نفسه- وهو الذي يحترم نفسه قبل غيره كي يحترمه غيره- أن يكون أداؤه على المستوى الدولي إيجابياً منتشراً ومعروفاً فيما أداؤه على المستوى المحلي سلبياً ومغموراً ومنحسراً؟!

وبعد، فإنه لا خير في قول لم يسبقه أو لم يلازمه فعل يعبر بقوة عنه، ولا قيمة لأوصاف أو وظائف أو ألقاب أو مواقع هي التي تحمل أصحابها لأن أصحابها لا يستطيعون حملها فلا يعبرون عنها ولا ينهضون بها، ولله در شاعرنا الذي قال:
وليس يزدان بالألقاب حاملها بل يزدان باسم الحامل اللقب

أما آخر الكلام، فإن من يغتالون الكلمة وينكلون بالرأي ويحاولون قمع صاحبه أو المدافع عنه، إنما يغتالون بقبح فعلهم جمال الدنيا ويوصدون باب الحياة إذ يحكمون عليها بالموت في بدايتها:

في البدء كان الكلمة
ويوم صارت
أصبحت متهمة
فطوردت وحوصرت واعتقلتها الأنظمة
في البدء كان الخاتمة!!!

بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان
كاتب وأكاديمي فلسطيني
جامعة الأزهر بغزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت