غزة – وكالة قدس نت للأنباء
لم تمر ساعات معدودة على حديث الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) للقناة الإسرائيلية الثانية، والذي ألمح خلاله عن تخليه عن حق العودة، ورفضه لاندلاع انتفاضة ثالثة ضد الاحتلال الإسرائيلي، حتى أشعل حماس الفلسطينيين بحق العودة لديارهم التي هٌجروا منها قصرًا.
واستشاط موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" غضبًا، من خلال ردود رواده المنددة بتصريحات أبو مازن، وغصت الصفحات الخاصة بفئة الإعلاميين والكتاب، بعباراتٍ شجب واستنكار لتصريحاته، فتنوعت التعليقات ما بين شجب واستنكار، وأخرى تؤكد التمسك بحق العودة، بينما ركزت جزء كبير من التعليقات، على ذكر اسم القرى والمدن التي هُجر منها الفلسطينيين من اراضي 48، وتمسكهم بحق العودة لها..
وقال الرئيس عباس في مقابلة بثتها القناة الإسرائيلية الثانية, مساء الجمعة، إنه ما دام بالسلطة فلن تكون هناك انتفاضة مسلحة ثالثة ضد إسرائيل، وعندما سئل هل يريد العيش في بلدته "صفد"، التي عاش بها طفولته بمنطقة الجليل وهجر منها مع عائلته، رد "أريد أن أرى صفد، ومن حقي أن أراها، لا أن أعيش بها"..
وانتشرت بجانب التعليقات، صور قديمة وبعضها حديثة للمدن الفلسطينية المُحتلة ، كـ "عسقلان، أسدود، صرفند، اللد، الرملة، المجدل، يافا، الجورة، حمامة..الخ"، في حين نشر البعض صورًا مُهينة لشخص الرئيس أبو مازن، وبعضهم وضع صورًا لمخيمات اللجوء بالشتات والداخل، وصورًا للمجازر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني..
"وكالة قدس نت للأنباء" رصدت ما جاء عبر بعض صفحات الكتاب والإعلاميين الفلسطينيين، ونقلتها حرفيًا، مع ذكر اسم كل شخص وفي المقابل الرأي الذي أبداه، حول تصريحات أبو مازن...
ماذا نفعل بالرئيس؟..
الصحفي إسلام بدر طرح عبر صفحته تساؤلاً قال فيه "بعد تصريحات عباس حول حق العودة برأيكم ما هو المطلوب؟، مطالبة الرجل باعتذار للشعب الفلسطيني، محاكمة الرجل شعبيا والمطالبة بعزله، موافقته على اعتبار أن ما تحدث به دبلوماسية ولا يمس الثوابت حسب تفسير حركة فتح".
وأجمع المتفاعلين على التساؤل المذكور، بالخيار الأول والثاني، وهي مطالبة الرئيس "أبو مازن" باعتذار للشعب الفلسطيني، ومن ثم التنحي عن منصبة ومحاكمته، مُشددين على أنه لا يثمل إلا نفسه، ولا علاقة له بشعب قدم تضحيات باهظة الثمن، وعشق الأرض والمقاومة.
بدوره تسأل الصحفي عبد الله التركماني، برأيكم...ماذا تتوقع أن يكتب التاريخ "المحايد" عن محمود عباس بعد وفاته بصفته شغل منصب الرئيس الفلسطيني؟، قائلاً في تعليق آخر له نشر عبر صفحته "أول وجود لنا في فلسطين كان قبل نحو 70 عامًا فقط، حيث جاء جدي من تركيا واستقر في مدينة بئر السبع المحتلة جنوب فلسطين، وهاجر عام 1948 إلى مدينة غزة مثل بقية الأهالي" .
ورغم حداثة وجودنا في فلسطين، إلا أنني مثل أفراد عائلتي نؤكد إصرارنا على العودة إلى منزل جدي في بئر السبع حتى لو تطلب ذلك تقديم التضحيات، هناك حكمة تركية تقول "إنّ سُرق منك شيئاً، ستظل تعيش في عارٍ وخزيٍ حتى تعيد ما سرق منك"، وعلى الرئيس عباس أن يتعلم من ذلك.
الرجوع لبلدي..
أما الصحفي محمد أبو شحمة، فقال "أريد الرجوع إلى قريتي الأصلية"صرفند" والدي رحمة الله عليه رباني على ذلك، وسأعلم أبنائي على ثقافة العودة، ومن يقول غير ذلك، فهو كما قال والدي مش ابن هالبلد!!"..
ولم يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة للصحفي داود موسى، فهو الأخر قال "رئيس السلطة محمود عبـاس عـــذرًا ..أنا مهُـجر قسـرًا من بلدة "عـاقر" قضـاء الرملة، وسأعـود لهـا حتمًا، حقنــا فيهـا لا يسقطـه التقــادم، ولا التصريحات"..
ونفس الحال بالنسبة للصحفي محمد عوض، وقال "أنا محمد عوض من بلدة حمامة المحتلة ، أسكن فى مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة ـ منذ الطفولة وأنا أرضع حليب المعونات الدولية " الكابونات" أبويا زهقان اللحمة والسردينة إلي بتوزعها الأونروا .. وبالآخر انقطعت علينا بحجة إنوا إحنا موظفين".
فيا سيادة الرئيس اصرف لي ولعائلتي كابونة ، ولكن ليس غذائية بل نحن بحاجة إلى كابونة "كرامة ونخوة وتكون فلسطينية مئة بالمائة"..،
وأضاف بتعليق آخر له "الرئيس محمود عباس أغلق الباب في وجه كافة اللاجئين، وأقفله بمفتاح أكبر من مفاتح العودة التي تحمله جدتي على صدرها، وألقى بهذا المفتاح في إعصار ساندي الذي ضرب الولايات المتحدة، وفرق الإنقاذ في الفصائل الفلسطينية تحاول العثور على هذا المفتاح بطرق سلبية وجعل هذا اللقاء قطعة من العلكة يمضغونه فى أسنانهم كيفما أرادوا".
إنا باقون..
أما حال الصحفي عطية شعت فلا يتخلف عن زملائه فقال: "عباس للصهاينة ..راضين عني أنا تنازلت عن كل شيء بس ادعموني عشان أضل رئيس"، وطالب برسالة بعث بها للرئيس مُتهكمًا "استرجل يا عباس واشرب بيريل، قرانا وبلداتنا ومدننا باقية ما بقي الزعتر والزيتون ما بقي الإنسان، أنا من بئر السبع وحتما أولادي سيعودون"..
بدوره، قدم الصحفي فادي شناعة وجهة نظره برسالة مُقتضبة "هل كانت حقاً قنبلة سياسية تلك التي ألقى بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس؟ فهو قد أعلن صراحة تخليه عن حق العودة لجميع اللاجئين الفلسطينيين المشتتين حول العالم، الذين يزيد عددهم على خمسة ملايين فلسطيني، إلى ديارهم التي شرّدوا منها قبل ستين سنة".
الرئيس عباس، الذي جدد تأكيد موقفه هذا بشأن اللاجئين مرات عديدة؛ الأولى لقناة "العربية" والأخرى لصحيفة "هآرتس" ,والآن من خلال تخليه عن العودة إلى " صفد "، فهل ذلك يعتبر موقف شخصي أم انه موقف مدروس وعناوينه ستترجم واقعيا..
كان واضحاً وصريحاً، حينما قال إنه لن يطالب الجانب الإسرائيلي، بعودة خمسة ملايين لاجئ إلى الدولة العبرية (الأراضي المحتلة منذ سنة 1948)، فهذا الحق برأيه من شأنه أن يؤدي إلى "انهيار إسرائيل"، كما قال.
من المثير أن تأتي مواقف الرئيس عباس لتطلق العنان لتقديرات فلسطينية رائجة، تقديرات تعتبر هذه المواقف متساوقة طوعًا أو كرهًا مع الخطاب الإسرائيلي المتعلق بملف اللاجئين، وما هو أكثر إثارة أن عباس ذاته لا يبدو مشغولاً بنفي هذه الانطباعات بشأن أدائه التفاوضي..
وهو ما يمنح الانطباع بأن ما هو أسوأ جارٍ بالفعل تحت الطاولة وهنا لابد من مقولة هامة "العيب ليس في ممارسة السياسة والدبلوماسية، للحصول على حقك المغتصب ولكن العيب أن لا تكون صادًقا مع نفسك في أن تعطى قيمة لكل حق مسلوب منك".
ولم تقف رقعت الردود عند مواقع التواصل الاجتماعي، بل طالت كافة فئات الشعب الفلسطيني وطبقاته، وفصائله، لتصل لحد حرق صوره وتمزيقها بقطاع غزة، إلى جانب موجة غضب واسعة، لتُصبح تصريحات أبو مازن من مجرد حديث لقناة، لحديث ساعة، مصحوب بجدل واسع، وموجة غضب عارمة.
الحد من تداعيات التصريحات..
وفي مسعى إلى الحد من تداعيات التصريحات التي أطلقها الرئيس عباس في مقابلته مع القناة الإسرائيلية، قالت الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية إن "هدف المقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي كان التأثير في الرأي العام الإسرائيلي والزوبعة التي تثيرها جهات معروفة لاستثارة الرأي العام هدفها الانقلاب على الشرعية."
وقال الرئيس عباس الذي ولد في صفد في ظل الانتداب البريطاني على فلسطين، ونزحت أسرته في 1948 مع قيام دولة إسرائيل، "إنه لم ولن يتنازل عن حق العودة، وأن الهجوم عليه وفق تصريحات مجتزأة في مقابلة مع القناة الإسرائيلية الثانية، أمس الجمعة، جاءت قبل بث المقابلة كاملة".
وأضاف في مقابلة مع قناة "الحياة" المصرية من العاصمة الأردنية عمّان، مساء السبت "بدأ الهجوم عليّ دون متابعة كامل المقابلة، وهذا أسلوب متحيز من قبل بعض وسائل الإعلام وخاصة الجزيرة، ومن قبل بعض الفصائل التي تصطاد في الماء العكر(..) موضحا بأن الحديث عن صفد موقف شخصي، ولا يعني التنازل عن حق العودة، ولا يمكن لأحد التنازل عن حق العودة، فكل النصوص الدولية والقرارات العربية والإسلامية، تنص على حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين وفق القرار 194، وعبارة "متفق عليه" تعني الاتفاق مع الجانب الإسرائيلي.
وعن قوله إن "فلسطين بالنسبة لي هي اليوم داخل حدود 1967 مع القدس الشرقية عاصمة لها والباقي هو إسرائيل" قال الرئيس الفلسطيني "منذ العام 1988 اتخذ قرار في المجلس الوطني الفلسطيني بالاعتراف بقراري الأمم المتحدة 242 و338، وتكرر هذا مرارا، إلى أن جاءت المبادرة العربية وما قبلها وما بعدها .. الكل الفلسطيني متفق على حل الدولتين، وعلى دولة فلسطينية على حدود العام 1967، وهذا تم بموافقة حماس والجهاد، وفي آخر اتفاق للمصالحة في القاهرة، تم التوافق على حدود حزيران 1967، وعلى المقاومة السلمية والشعبية، والتوجه نحو الانتخابات".