علامة استفهام

بقلم: أسامه الفرا

حواديت ...
علامة استفهام
هل المساعدة القطرية لغزة تكرس الانقسام الفلسطيني؟، هذا التساؤل رافق زيارة أمير قطر وحرمه لقطاع غزة، من المؤكد أن كل مواطن فلسطيني بغض النظر عن توجهاته الفكرية والسياسية يرحب بأي مساعدات تصل إلى الوطن، فجانب المشاريع التنموية لهذه المساعدات والتي عادة تطال خدمات حياتية مختلفة، إلا أنها كذلك تعمل على تخفيف حدة الاحتقان الناجم عن زيادة البطالة ونسبة الفقر، وبالتأكيد تدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام، ومنذ قيام السلطة دأبت العديد من دول العالم على تقديم مساعداتها للشعب الفلسطيني، سواء من خلال السلطة وأجهزتها الرسمية، أو بعيداً عنها من خلال المنظمات الأهلية، وفي بعض الأحيان تولت الدول المانحة صرف مساعداتها دون أن يتمكن أحد من الإطلاع على حقيقة ذلك، والمساعدات التي تقدم للشعب الفلسطيني تهدف بالمقام الأول لتهدئة هذه البؤرة المتوترة في العالم، والتي تصل ردات الفعل فيها لما هو خارج بقعتها الجغرافية، ومنذ قيام السلطة الوطنية احتلت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واليابان الأماكن المتقدمة في المعونات التي تقدم للشعب الفلسطيني، بغض النظر عن الآلية التي تتبعها كل منها، وفي الوقت ذاته لم تقدم الدول العربية للشعب الفلسطيني سوى اليسير، وفي أغلب الأحيان كانت تتراجع عن تعهداتها التي قطعتها على نفسها أمام جامعة الدول العربية.
ووجدت الدول العربية مؤخراً في الانقسام شماعة تعلق عليها تخاذلها، وأسهمنا نحن بإرادتنا توفير ذلك لها، لكن ما يمكن الجزم به أن السلطة الفلسطينية منذ نشأتها استطاعت أن تجهض نفوذ المساعدات من التأثير على القرار السياسي، بل أن الولايات المتحدة لطالما هددت السلطة بوقف مساعداتها وأحيانا نفذت ما هددت به، إلا أن ذلك لم يثن السلطة يوما ما عن الضرب بعرض الحائط بالتهديدات الأمريكية، رغم الضائقة المالية الخانقة التي عاشتها السلطة نتاج الحصار المالي الذي فرضته عليها الإدارة الأمريكية، والأهم من ذلك أن أموال الإدارة الأمريكية عجزت عن جلب التواقيع على وثيقة "نبذ الإرهاب" سيئة السمعة التي حملتها إلينا الوكالة الأمريكية للتنمية والتطوير "USAID"، والتي صنفت يومها المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني في خانة الإرهاب، يومها لم تجد الإدارة الأمريكية من مؤسسات السلطة الرسمية من يوقع لها على وثيقتها.
كان من الضرورة سرد ذلك قبل أن نتحدث عن المساعدات القطرية، وكي لا يساء الفهم لا بد لنا بداية أن نؤكد على ترحيبنا المطلق بالمساعدات القطرية، وأن المجتمع الفلسطيني سيكون هو المستفيد الأول منها، إلا أن ذلك يجب ألا يمنعنا من قراءة مشهد هذه المساعدات من جوانبه المختلفة، وأولها أن المساعدات القطرية لقطاع غزة جاءت في الوقت الذي علت فيه التهديدات الأمريكية بوقف مساعداتها للسلطة الفلسطينية إن ذهبت الأخيرة للأمم المتحدة، وجميعنا يدرك أن التهديد الأمريكي لا يتعلق فقط بالمساعدات الأمريكية، بل بالمساعدات التي تقدمها العديد من دول العالم التي تخضع للنفوذ الأمريكي، وفي مقدمتها بطبيعة الحال الدول العربية، فهل جاءت المساعدة القطرية بضوء أخضر من الإدارة الأمريكية للضغط على السلطة الوطنية للتراجع عن قرارها بالتوجه للأمم المتحدة؟، وثانياً أن المساعدة القطرية وزيارة أمير قطر لغزة استقبلتا بهجوم إعلامي من قبل حكومة الاحتلال، وبطبيعة الحال تدرك حكومة الاحتلال صلاحية القاعدة التي لطالما لجأت إليها المتمثلة في أنها كلما صعدت من هجومها كلما حصد المستهدف منها النجومية والوطنية.
قبل زيارة أمير قطر لقطاع غزة صعدت حكومة الاحتلال من عدوانها على القطاع، وتوقفت عن ذلك أثناء الزيارة، وكان يمكن لها بمواصلة عدوانها على القطاع أن تمنع أو على أقل تقدير أن تؤجل زيارة أمير قطر، وبالتالي هل حقاً الزيارة جاءت رغم أنف أمريكا وإسرائيل؟.
على هامش الدور القطري في المنطقة والذي باتت من خلاله الدولة العظمى في العالم العربي، والجميع يطلب ودها، قد يكون من المفيد التوقف عند التقرير الذي بثته شبكة "CNN" الذي تضمن أن قطر تبيع غازها الطبيعي بأقل من تكلفة الإنتاج، ورغم ذلك فإن استثمارات قطر الخارجية باتت مدعاة للتساؤل، والتي كانت من ضمنها شراء لوحة فنية بربع مليار دولار، ورغبتها في استئجار قناة السويس من الحكومة المصرية، من المنطق أن نقرأ ذلك جيداً كي تتضح لنا بعض الجوانب من المشهد "الدراماتيكي" التي تعيشه المنطقة والذي تلعب فيه قطر دور البطولة.
من الملفت للنظر أن بروتوكول المساعدة القطرية جاء بالتوقيع بين قطر ومكاتب هندسية، ومن الخطأ تفسير عدم توقيعها لذلك مع حكومة غزة من جانب أنها لا تريد أن تغضب الرئيس الفلسطيني، بل الأقرب للصواب أنه يجعلها في حل من أمرها وقتما أرادت ذلك، أو على أقل تقدير إطالة الأمد طبقاً لقاعدة المد والجزر المتعلقة بالمساعدات واستحقاقاتها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت