تمنيت ان اكون حماس

بقلم: مصطفى إبراهيم


"الدكتور محمود الزهار اعتقل اكثر من مرة لدى الاجهزة الامنية في زمن السلطة وتعرض للتعذيب"، هكذا قال احد الضابط المتواجدين في حديقة الجندي المجهول بمدينة غزة اثناء قمع المسيرة النسوية ظهر اليوم 6/11/2012، التي نظمها الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والمراكز النسوية لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية. الضابط قال ذلك اثناء نقاشه مع عدد من المسؤولين في الفصائل الفلسطينية عند الافراج عن عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية عصام ابو دقة الذي كان محتجزاً في احدى سيارات الشرطة، ولم يتم الافراج عنه إلا بعد انصراف النساء من المكان.
عصام ابو دقة عند انزاله من السيارة والإفراج عنه كان شاحب الوجه وقميصه ممزق وكشف عن قدميه وكانتا تنزفا دماً من اثار تعرضه للضرب بالعصي على جميع انحاء جسمه من قبل افراد الشرطة، عندما حاول تخليص احدى النساء من بين ايدي الشرطة الذين انهالوا عليها بالضرب وحاولوا اعتقالها.
الشرطة لم تفرق بين النساء فقام افراد الشرطة من الرجال والنساء "شرطيات" بالاعتداء بالضرب على النساء، ولم ينتظروا مغادرة النساء حديقة الجندي المجهول، فتم الاعتداء عليهن بالضرب بالعصي من دون تمييز، ومن بين النساء اللواتي تعرضن للضرب الصحافية سامية الزبيدي، والنائب في المجلس التشريعي نعيمة الشيخ علي، وغيرهن من النساء.
هذا الاعتصام هو الثالث من نوعه خلال الشهر الماضي وهذا الشهر، في المرة الاولى تم قمع الاعتصام ومنع النساء من الاعتصام، وفي المرة الثانية تقدمت النساء بإشعار للاعتصام إلا ان الشرطة رفضت السماح لهن بالاعتصام، وقامت بتطويق حديقة الجندي المجهول ولاحقت النساء ومنعتهن من الاعتصام، هذه المرة استطاعت النساء التجمع والاعتصام، وتلاوة البيان الذي يدعو الى انهاء الانقسام.
المفارقة انه بعد ساعتين من الاعتداء على النساء بالضرب وتفريقهن بالقوة كانت هناك تظاهرة في ساحة المجلس التشريعي نظمتها حركة حماس ضد تصريحات الرئيس عباس المتعلقة بحق العودة.
تمنيت اليوم ان اكون حماس مع اني اعلم ما يمتلكونه من براغماتية وتبرير افعالهم، لكن لكي اعرف كيف يفكر المسؤولين فيها في مثل هذه الحالات؟ ولماذا يعطون الاوامر بمنع وقمع أي تجمعا سلميا والاعتداء بالضرب بقسوة على المجتمعين؟ وماذا يكون الوضع بعد الانتهاء من المهمة؟ هل يثنون على افراد الشرطة ويباركون ما قاموا به؟ وماذا يقول رئيس الوزراء عندما يعلم بذلك؟ وما هي ردة فعله في حال قامت أي جهة عربية او دولية بمراجعته؟ هل يقول انه لا يعلم، او ان افراد الشرطة منعوا من يريدون تعكير صفو الامن والأمان وان هؤلاء النسوة هن من فتح وفصائل منظمة التحرير المتحالفة مع فتح؟
بالطبع لدي اجابات على بعض من هذه الاسئلة، وأبرزها ان حكومة حماس تصاب بقشعريرة من مجرد ان يفكر الناس في التظاهر والاعتصام سلمياَ، كما ان الحكومة لا تؤمن بحق الناس في التظاهر والتجمع السلمي، ويقوم افراد الشرطة والأجهزة الامنية بقمعها مباشرة والاعتداء بالضرب على المعتصمين بعنف وقسوة.
في غزة بعض منا مهنتهم ممارسة التنظير، ويعتبرون ذلك اكثر اهمية من ممارسة الحرية ويتباكون عليها، ويتعاملون مع الاشياء كرد فعل وليس فعل، ما يستوجب منا ان نكون أكثر جرأة في مواجهة ما يجري من استبداد وطغيان وقمع للحريات العامة، والانتهاكات التي تمارس من قبل الحكومة في غزة وأجهزتها الامنية، وغياب المشاركة واحترام قيم حقوق الانسان والمواطنة.
علينا ان نحرر انفسنا وأدواتنا وخطابنا ونمارس الحرية، والجرأة في الدفاع عنها مهما كان الثمن، ويجب علينا ان نبقي معركتنا الكبرى ضد الاحتلال على اجندتنا اليومية.
6/11/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت