الرهان على معسكر اليسار الاسرائيلي

بقلم: مصطفى إبراهيم

مستشارو الرئيس محمود عباس تعقيبا على تصريحاته التي قال فيها انه لن يعود الى صفد، ادعوا انها تكتيك من اجل التأثير على الرأي العام الاسرائيلي، ولدعم خصوم نتانياهو لإسقاطه، لصالح معسكر الوسط وما يسمى اليسار، لكن على ما يبدو ان تكتيك الرئيس عباس جاء مغايرا لتوقعاته، فعباس يتلقى الضربات المتتالية من دعاة اليسار والمركز، هؤلاء الدهاة الاكثر مكرا وتضليلا للعالم، ويدعون انهم دعاة سلام، لكنهم الأكثر تمسكاً بالمشروع الصهيوني وإنكاراً لحقوق الفلسطينيين.

فهم اكثر خطورة من اليمين، فزعيمة حزب العمل شيلي يحيموفتش، تتبنى ذات المواقف السياسية التي يتبناها نتانياهو والمتعلقة بالمفاوضات مع الفلسطينيين، ومع بدء الدعاية الانتخابية غيبت الصراع الفلسطيني الاسرائيلي عن حملتها، بعد ان كان في قلب برنامج الحزب في العقود الثلاثة الاخيرة.

وجاءت تصريحات يحيموفتش خلال مقابلة مع القناة السابعة الاسرائيلية لتتنصل نهائيا من ما يسمى بـ اليسار الاسرائيلي، وقالت: “ان الادعاء بان حزب العمل هو حزب يساري ينطوي على ظلم تاريخي، لان الحزب استمد قوته دائما من كونه حزبا مركزيا كان فيه دائما حمائم وصقور ودار فيه نقاش مستمر، والحزب استمد قوته كونه محبا للسلام ولكن بصورة عملية”.

وأضافت، انها تقدر بشكل كبير جمهور المستوطنين في الضفة الغربية واعتبرتهم اصحاب “قيم وأيديولوجية وأي تحرك سياسي يجب ان يتم من خلال اجماع قومي، وان أي حل مع الفلسطينيين يجب ان تتم فيه المحافظة على الكتل الاستيطانية وبداخلها 80% من المستوطنين، وعكس ذلك يعني دولة ثنائية القومية وهو خطر على دولة يهودية ديمقراطيه”.

كما جاءت اقوال رئيس حزب “يش عتيد” يائير لبيد الذي قال فيها “لماذا يتنازل ابو مازن فجأة عن حق العودة؟” لتؤكد على الاجماع الصهيوني ورؤيتهم للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وان موقف الاحزاب الاسرائيلية غير قابل للمساومة بشان القدس كما هو الموقف من حق العودة. الناطقة باسم الحزب قالت “الامر نفسه يجب أن يكون بشأن القدس، ويجب عدم التأتأة في هذه القضية فلا مساومة في قضية القدس”، لتؤكد على الاجماع المطلق بين الاسرائيليين، ويعتبرون تصريحات الرئيس عباس تنازل عن حق العودة، وعليه التنازل عن القدس.

لبيد ربط انضمامه الى حكومة مقبلة باستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين لكنه رفض الاعتراف بحق العودة للاجئين وانسحاب اسرائيل من القدس الشرقية، وقال أن “يوجد مستقبل لن يجلس في حكومة لا تعود الى طاولة المفاوضات السياسية، ويحظر علينا ان تفقد الاغلبية اليهودية في دولة إسرائيل، وأضاف ان “الامر الوحيد الذي فعلته سياسة عدم وجود شريك، في اشارة الى تصريحات بعض المسؤولين في الحكومة الاسرائيلية، هو اضعاف مكانة اسرائيل في الحلبة الدولية وتقوية حماس، وقال ان اسرائيل حظيت بدعم دولي خلال الحرب على غزة بسبب جلوس الحكومة الاسرائيلية حينذاك الى طاولة المفاوضات”.

هذه هي نظرة ورؤية الاحزاب الاسرائيلية للصراع مع الفلسطينيين، التي حاول الرئيس كما يدعي مستشاريه ان تصريحاته كانت تكتيك، فاستطلاعات الرأي تشير الى ان حزب “كاديما” و”عتسموؤت” لا يتجاوزان نسبة الحسم، وايهود اولمرت فرص ترشحه باتت ضئيلة جدا في حال قدمت النيابة الاسرائيلية استئنافا ضد براءته من بعض قضايا الفساد والخيانة وتلقي الرشاوى، وقد لا تستطيع تسيفي ليفني تشكيل حزب سياسي جديد في ظل نفي الرئيس الاسرائيلي شمعون بيرس الاستقالة وترشحه لقيادة معسكر الوسط بالتحالف مع لفني و اولمرت.

وفي ظل هذا التطرف والتنكر لحقوقنا، وفشل الرهان على ما يسمى اليسار والوسط الاسرائيلي، على ماذا يراهن الرئيس محمود عباس وفريقه؟ اسرائيل مستقرة سياسياً وماضية في سياسة فرض الامر الواقع،وتهويد القدس والاستيطان مستمر، وحالنا على ما هو عليه من هزيمة وبؤس والعدوان مستمر والحصار، والضفة الغربية مستباحة، كل ذلك يظهر مدى فشلنا في التوحد ومواجهة الاحتلال والصلف الاسرائيلي.

المطلوب الخروج من الازمة بإعادة قراءة تجربة عشرون عاما من المفاوضات وعبث الاستمرار في هذا النهج، وتقييم الاخطاء والمتغيرات في الساحة العربية والدولية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت