الإهمال الطبى ... إلى أين ؟

بقلم: نصر فؤاد أبو فول

الإهمال الطبى ... إلى أين ؟ / بقلم الصحفى نصر فؤاد أبو فول


كثيرون كتبوا عن الإهمال الطبى فى فلسطين وفى كل بقاع أرض فلسطين , وهٌوجموا لأنهم يكشفون التقصير والإهمال المتعمد إن كان بقصد أو غير قصد , فلقد انتشر فى هذه الفترة فيديو على شبكات التواصل والإجتماعى وعلى المواقع الإعلامية يوضح هذا الفيديو معاناة طفل أراد أن يعُالج كغيره من البشر وحقه فى العيش ومداوته لا تركه يصرخ من الألم ولا يجد طبيبا ليخفف عنه ألمه ..

ونشرت هذا الفيديو على صفحتى الخاصة متسائلا عن أى كرامة نبحث عنها فى ظل الإهمال الطبى الموجود والمتلفز , وبعد أن نشرت الفيديو اتصل بى أحد الزملاء من مكتب وزير الصحة ليستفسر عن هذا الفيديو , فقلت له الفيديو واضح ولا لبس به , يجب أن يتم المتابعة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار ذلك , فقال لى سننظر بالأمر وسنتابع ذلك .

أتحدث وكُلى ألم عندما شاهدت فيديو صوره الزميل عز الزعنون والأخ محمد محمود عوض ويظهر الفيديو الطفل محمود جبر عليان الذى وصل الى مجمع الشفاء الطبي بعد أن تم تحويله من مستشفى كمال عدوان بسبب وجود ألم حاد فى خاصرته، وعليه أعراض "الزايدة"، حيث تُرك على سرير الاستقبال فى مجمع الشفاء الطبي لمدة ساعة وعشر دقائق دون الفحص أو الكشف عليه من قبل الأطباء.

ووالد محمود يروي القصة ويقول : انه وصل فى تمام الساعة الواحدة فجراً من تاريخ 11/11/2012 الى قسم الإستقبال والطوارئ وتفاجأ أنه لا يوجد به أطباء لاستقبال الحالات، فقط يوجد ممرض ولم يستطيع عمل شيء، بعد ساعة من البكاء والصراخ من طفله محمود جاء الأطباء ليقولون أنه يجب تحويله الى مستشفى بيت حانون.

مسح دموعه شرطى بكى كما بكى من شاهد هذا الفيديو , أى إنسانية يا سادتنا هذه , ألا تعلموا أن يوما من الأيام ستكون فى هذا المكان وعلى هذا السرير , أين المتابعة يا سادتنا , لا نلهث وراء الأخبار الكاذبة بل نلهث وراء وأبعاد ما حدث وخير دليل ..!!

رأيت الإهمال بعيني فى عدة محطات وفى مستشفيات القطاع عندما كنت أعمل مراسلا , ولم أتحدث لأننى أقول عنها أنها أمور عادية وأن الأطباء منشغلون فى مداوة جرحى العدوان الإسرائيلى فى كل مرة ..

لقد رأيت الإهمال عندما ذهبت أنا وزوجتي لتلد فى قسم الولادة , فقد تُركت تصرخ من الألم ولم يستجيب لها أحد إلا فى نهايات الثوانى الضوئية التى أنقذت الجنين وأمها , وسارعوا لعمل ما يلزم بعد أن علموا أن زوجها " صحفى " , أخجلني أن أتحدث بهذا الأمر ولكنى كأي مواطن أعيش فى غزة وأتلقى مثل أى مواطن العلاج .

لم أريد الحديث فى هذا الموضوع حتى لا يقولوا دوما وسمعتها قبل ذلك أنك تحاول أن تنال منا ووووو وهذه الأقوال التى لا تنفع ولا تصب الزيت على النار كما يقولون .

عندما نتحدث نعالج الخطأ بالصح , وليس العكس , فهناك أمور كثيرة يجب أن تقف وزارة الصحة عند مسؤولياتها الملقاة على عاتقها , نظن بكم خيرا وسنبقى نظن بملائكة الرحمة خيرا لا أن نستبشر شرا ..

قبل أن ننتبه لأى شئ يجب أن ننتبه لأمورنا الداخلية وألا نزور الحقيقة , ومع كل الذى يتحدثون عنه عن ظروف وعمل الطواقم الطبية بالقطاع وما رافقها من ثأتيرات , يجب أن نعترف ونقول أننا مقصرون , فأى قسم استقبال يوجد به ممرض ولا يوجد به طبيب ؟

أجبني يا وزير الصحة , فى أى مستشفى فى العالم يكون 3 أطباء منشغلون على جرحى عدوان وأناس يحتاجون لعمليات عاجلة فى عدد مجموعه 30 مصاب ومريض ؟؟ ألا يوجد غرفة للطوارئ فى قسم الإستقبال و"الطوارئ" ؟ إذن أين الطوارئ ..؟؟؟

هناك من سيتحدث أنني منحاز أو انى لا أرى إلا بعين واحدة , أريد أن أقول إن كانت كلماتى قاسية بهذا الشكل أو فيها نوعا من الانحياز فردونى ولا تهاجموني , فالجميع يفرق ما بين التوضيح والهجوم .

ثقتنا بشعبنا كبيرة وثقتنا بأهلنا كبيرة , ولكن ثقتنا بمستشفياتنا مهتزة لما نرى ونتحدث عنه بالصوت والصورة ..

أرجو من وزير الصحة بغزة أن يكون على قدر المسؤولية وأن يجعل المستشفيات تحت الرقابة والمتابعة اليومية حتى لا نقول عن مستشفى بعينه بغزة " مستشفى الإهمال الطبى " ويتسأل المواطن " إلى أين ؟؟ " فهو ينتظر الإجابة من الجهات المختصة ...!!

* رئيس الشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام
* رئيس لجنة العلاقات الدولية فى الإتحاد العربى للصحافة
* ممثل فلسطين فى الإتحاد الدولى للصحفيين فى نيويورك
* ناشط فى قضايا الأسرى داخل سجون الإحتلال

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت