زمن أل "كفى" للإحتلال والحصار

بقلم: فراس ياغي


نشوة القوة وعظمتها لدى المعتقد المطلق بقدرتها على فرض ما يريد وما لا يريد تدفع نحو منطق من الغباء لا حدود له...غباء في تحديد الأهداف، غباء في التصريحات، غباء في السياسه، لتصل حتى الغباء في الأحلام...غباء القوة ومنطقها يتجلى في مثلث يحكم إسرائيل رأسه "ليبرمان" وقاعدته "نتياهو-باراك"، هذا المنطق وهذا الاستعلاء لم يضعف فقط السلطة الضعيفه في رام الله وحسب، ولم يفكر بجدية لتوريط المنطقة في حرب طاحنة لا تبقي ولا تذر لولا العقلانية "الأوبامية" وحسب، بل إن غباءه اللا محدود والمستند على منطق القوة لم يسعفه سوى أن يقوم بمغامرة ضد منطقة مكتظه بالسكان لا مكان لهم سوى تلك البقعة التي يعيشون فيها.
عملية الإغتيال التي طالت رأس الجهاز العسكري في "حماس" وبشكل إستعراضي ليست جديده...هي جزء متأصل في عقلية من لا يرى إلا نفسه، عقلية من ينظر للمرآة ويتباهى بجماله وعضلاته، عقلية الأمن لي ولا أمان لغيري...عقلية الحياة لي ولغيري، حياة مقياسها وتفصيلاتها وشروطها أضعها أنا...عقلية رُكّب عليها مثلث من السياسيين غرورهم ومنطقهم يتجاوز حتى تلك الوصفات...هم ينظرون للقمر ويعيشون عليه لأنهم لا يرون ولا يريدون أن يروْا أن لديهم جيران لديهم الحق في أن يعيشوا بحرية وكرامة.
السياسة، في الحرب لها منطق من الأهداف، ونتائجها تكون محتمله حين يحكم واضعيها سياسيين وليس أغبياء يحكم منطقهم القوة، وهذا للأسف ما يحدث في واقع الأمر في رأس الهرم السياسي الإسرائيلي...المنطقة ومنذ سنة ونصف تعصفها إنتفاضات شعبية من جهة وعمليات تخريبية للدول من جهة أخرى، ففي "مصر" و"تونس" هناك حراك ديمقراطي وحركة شعبية تحاول جَهدها الحفاظ على النهوض بمجتمع يتميز بعصر جديد من التعددية والحرية وتحاول أن تنهض بإقتصادها في ظل محيط يعمل ليل نهار على تركيعها سياسيا ومنع تطورها طبيعيا، بل تشويهها من خلال فرض دائرة تحاصرها وتبعدها حتى عن منطقها، وفي "ليبيا" و"اليمن" و"سوريا" تجري عمليات تخريبية وبإسم الحراك الشعبي، تأصيل المذهبية والقبلية مكان الدولة من قبل نفس المحيط الذي لم يستطع محاصرتها بدائرته ففرض عليها منطق عقليته القبلية والطائفية...وفي ظلّ هذا الواقع، يأتي مثلث الغباء ليفرض منطق القوة الذي لا يعرف غيره في السياسه، عملية متواصلة في غزة حتى تقول حماس "كفى"...منطق اللا منطق لمن لا يعرف المنطق أصلاً...فبالتأكيد لن يسمع أحد كلمة "كفى" إلاّ من واضعيها في زمن أل "كفى" للإحتلال وللحصار وليس لغزة.
عملية ما يسمى "عمود الغيمة" ليس لها أي منطق سياسي حقيقي سوى محاولة غبية من قيادة سياسية تفكر بصندوق الانتخابات أكثر من أي واقع أمني يمكن أن يتحقق عبر تفاهمات ممكنة كادت أن تسود وتتحقق لولا تلك النشوة لدى أصحاب منطق الغباء والقوة، فرصة لتصفية عدو شخصي للبعض لاحت لديهم فلم يشاهدوا غزة ولا من حولها..."إين محار" لا يوجد غد هذا ما فكروا به وهذا ما قرروه، عملية إغتيال وقصف جوي، وبعد ذلك تفاهمات وفق رؤية غير ممكنة التحقيق...
"لا نهاية للبداية" و "لا أريد مكانا لأدفن فيه، أريد مكانا لأحيا، وألعنه إن أردت"، تجليات "درويشية" تختصر ما سمته المقاومة الفلسطينية في غزة عن عملية الرد "حجارة السجيل"...سياسة أملها في الحياة ولا ترى الموت...سياسة تبحث عن نور بين ثنايا غبار أطنان القنابل التي تسقط على أحياء غزة...سياسة منطق القوة لن يمنع عنا القوة ولن يمنعنا من البقاء بإرادتنا بعد توكلنا على الله...
الحرب هم بدأوها وهم يطلبون بوقفها...وسوف يضغطون لوقفها...فإستمرارها وفقا لليومين الماضيين وما سيأتي بعدها إن إستمرت سيلحق الهزيمه الإنتخابية بمثلث الغباء الذي يحكم "إسرائيل"...وما يرشح من أنباء عن محاولات "سعودية" و"خليجية" عبر "مصر" للتوصل لهدنة وفق مفهوم "الثروة" كبديل عن "الثورة"، يؤكد على أن الحركة لهدنة بدأ وبسرعة "عامود خيمتهم"...وزيارة رئيس الوزراء المصري "هشام قنديل" تعبير عملي عما يجول في خاطرهم..."سوريا" أولا وفق الرؤيا "الخليجية"، و"غزة" يكفيها بعضا من المال و"كفى".
المقاومة أثبت فعاليتها وعليها أن تحقق مردودا حقيقيا لذلك...فالهدنة يجب أن يرافقها تبادلية ورفع للحصار...وعملية متدحرجه نحو الوحدة الوطنية ووضع الإنقسام خلف ظهورنا بحيث لا شروط "إسرائيلية" على تلك الوحدة...الموقف "المصري" وصمود "المقاومة" يجب أن يستثمر بعيدا عن أولويات دول "شبه الجزيرة العربية"، فلا تسرع ولا هدنة دون نتائج بعظمة الدماء التي سالت...والتهديد بعملية برية ضد "غزة" ستكون وبالاً على من يفكر فيها، ف "غزة" لن تخسر أكثر مما هي فيه، ولن تدمر أكثر مما تعانيه من تدمير...غزة لن تخسر سوى قيودها...ولن تخسر سوى "المارون بين الكلمات العابرة".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت