حرب المفاجآت والاختبارات

بقلم: أكرم أبو عمرو


هي الحرب ، حرب حقيقية ، لم نكن نتوقعها خاصة لم يمض أربع سنوات على حرب عام 2008/2009 ، منذ تلك الحرب فإسرائيل معتادة القيام بعمليات استفزازية للشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة فيه ، حيث تقوم باغتيال احد قادة المقاومة ، لتقوم فصائل المقاومة بالرد الفوري انتقاما وثأرا لشهيدها ، وهذه بالمناسبة من سيكولوجيات الشعب الفلسطيني الذي توارثها عن الآباء والأجداد ومن العادات الموجودة ولم تندثر ، فإذا كان كذلك يحدث بين أفراد المجتمع الواحد فما بالك مع عدو غاصب محتل ، المهم تقوم إسرائيل بالرد الفوري على ردات فعل فصائل المقومة والنتيجة ارتفاع عدد الشهداء والجرحى ، ثم يتم التدخل من قبل قوى خارجية أهمها مصر لتحقيق التهدئة ، وهكذا يتكرر السيناريو كل فترة وفي تقديري لم تتجاوز الشهرين في كل مرة ، هذا حال العلاقة مع إسرائيل ففي مثل هذه الممارسات فإن إسرائيل ستكون الرابحة والمستفيدة من هذه الاستفزازات ، حيث تمكنها من اختبار قوة الفصائل والتعرف على جديد أسلحتها أولا ، ثم أنها تعمل على رفع معنويات أفراد جيشها ، بالإضافة إلى أن الحكومة الإسرائيلية تقوم بتوظيف هذه الممارسات من اجل كسب الرأي العام الإسرائيلي في صراعاتها المختلفة مع القوى والأحزاب الإسرائيلية .
هذا ما كان خلال الأربع سنوات الماضية لذلك كنا دائما نستبعد تكرار حرب غزة الأخيرة في خلال هذه المدة القصيرة نسبيا ، ولكن إسرائيل لإغراض انتخابية محضة وهي هكذا دائما أرادت هذه المرة خلط الأوراق ،خاصة أن ما يسيطر على الحكومة الإسرائيلية هو اليمين المتطرف ،فقامت باغتيال قائد كتائب عزا لدين القسام التابعة لحماس الشهيد احمد الجعبري ، والذي اعتبرته بداية عملية عسكرية كبيرة للقضاء على قواعد إطلاق الصواريخ ،في غزة.
في الحقيقة إن اغتيال رجل في حجم الشهيد احمد الجعبري لهو صدمة كبرى ليس لحماس فقط بل لكل أطياف الشعب الفلسطيني ، وكان ضربة موجعة لحركة حماس وللفصائل ، وكما ذكرنا فان عملية الاغتيال هذه كانت البداية حيث سارع الطيران الحربي الإسرائيلي بتوجه سلسلة غارات قوية على قطاع غزة وما زالت هذه الغارات مستمرة حتى اللحظة ، حيث أوقعت عشرات الشهداء ومئات الجرحى .
وفي انتظار ما قررته الحكومة الإسرائيلية من توسيع لاعتداءاتها العسكرية على قطاع غزة نتوقف قليلا لتفحص بعض ما أفرزته هذه الحرب في الثلاثة أيام الأولى منها ، حيث تمخضت على مفاجآت لم يكن احد يتوقعها حتى الكثير من الفلسطينيين وليس الإسرائيليين فقط .
أول هذه المفاجآت هو نوع السلاح المستخدم إذ استطاعت الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس من إيصال القذائف الصاروخية إلى تل أبيب و القدس والى بعض المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية .
ثاني هذه المفاجآت تمكن قوات المقاومة من اسقط طائرات استطلاع بل ويدور الحديث عن إسقاط طائرة حربية إسرائيلية ، وثالث هذه المفاجآت هو إلحاق الخسائر بين صفوف الإسرائيليين بحجم اكبر بكثير مما كان في السابق ، ورابع هذه المفاجآت هو زعزعة الجبهة الداخلية الإسرائيلية ، وبمعنى آخر فإن توازن الرعب قد تحقق في هذه الحرب .
المهم وهذه الحرب حسب اعتقادي فإنها في بدايتها والسؤال الآن كيف يمكن استثمار انجازات المقاومة التي هي انجازات لشعبنا حتى نحقق أفضل المكاسب عند انتهاء الحرب بما يخدم أهداف شعبنا في التحرير والعودة .
اعتقد أن هذه الحرب تضعنا في محل اختبار هام وصعب ، على الصعيد الفلسطيني ، وعلى الصعيد العربي والإسلامي / وعلى الصعيد الدولي .
فلسطينيا هل سنسمح لأنفسنا باستمرار الانقسام وأمامنا الكثير من القواسم المشتركة للتلاقي والاتفاق ، من الأفضل أن نخوض الحرب متحدين بقلب رجل واحد أم منقسمين متشرذمين ، لا بل يجب استثمار كل الطاقات الفلسطينية أينما وجدت لمواجهة أعدائنا ، وأول خطوة يجب القيام بها تجاوز الجراح وتجاوز الخلاف ووضع فلسطين على رأس القائمة وذلك بضرور الإعلان فورا عن انتهاء الانقسام .
عربيا حيث يبرز الدور المنوط للجماهير العربية العريضة التي نهضت يوما واقتلعت جذور الظلم والاستبداد ، حيث جاء دورها لتنهض من جديد لإخراج حكوماتها من دائرة الركون للنهوض بالأمة في وجه الغاصب المحتل الذي يريد لها شرا أو ليست فلسطين جزءا عربيا غاليا ، أما بالنسبة للحكومات فلا ينبغي الاكتفاء بسحب السفراء أو بالشجب والاستنكار بل نريد خطوات متقدمة ، من فك الحصار عن غزة ، ودعم صمودها في وجه هذه الحرب الشرسة التي تتعرض لها بل والعمل على توفير الحماية لها ، كما انه يطلب من الدول العربية تحديد علاقاتها مع الدول الغربية حس ما تسير به الأمور خاصة وان لديها الكثير من أدوات الضغط على هذه الدول ، مثل العلاقات التجارية والنفط وغير ذلك .
دوليا فهذه الحرب اختبارا لدعاة السلام والحرية ، حيث يتسابقون الآن إلى دعوات وقف العنف ووقف الحرب حماية لإسرائيل وينسون أن من يتعرض للذبح والقتل والتشريد إنما هو الشعب الفلسطيني ، فلماذا مثلا يعطى الرئيس الأمريكي الضوء الأخضر لإسرائيل لضرب غزة ، الم يعرف غزة وشعبها ، الم يخبره رئيسة السابق كلينتون الذي وقف يوما أمام أبناء فلسطين ليعرف انه شعب يريد السلام ، شعب يحب الحياة ، ولكن إسرائيل لم تتركه وذلك بالاستمرار في اغتصاب الأرض وتوسيع والاستيطان .
إلى أن تنتهي الحرب الدائرة الآن نرجو أن يصحو العالم إلى مأساة شعبنا ، فهو الشعب الذي تنتهك حقوقه وتنهب أراضية ، ويتعرض لأبشع أنواع الاعتداءات من اعتي قوة على الأرض .

أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين

16/11/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت