شنت دولة الاحتلال الاسرائيلي عصر الاربعاء الماضي هجوماً كبيراً على قطاع غزة ، بدأته باستهداف النائب العام لقائد كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس ؛ والذي أدى الى استشهاده على الفور ، تلى ذلك عدة ضربات متتالية راح ضحيتها عددا من المواطنين الفلسطينيين .واستمر القصف الصهيوني حتى طال مباني تابعة للحكومة الفلسطينية في قطاع غزة كان من بينها مبنى رئاسة الوزراء والذي كان قد التقى فيه السيد اسماعيل هنية رئيس الوزراء المصري د هشام قنديل والذي زار غزة مؤكدا على دعم اهلها وعلى وجوب وقف العدوان الاسرائيلي فورا قائلا في تصريح له فور وصوله الى قطاع غزة صباح الجمعة " ان المأساة التي شاهدتها في غزة لا يمكن السكوت عليها " .
من جهتها ردت المقاومة الفلسطينية على هذا الهجوم الاسرائيلي ؛ مؤكدة حقها في الرد على جرائم الاحتلال كما قال أحد مسؤوليها وكان الرد هذه المرة مختلفاً عن المرات السابقة حيث تطور نوعية الصواريخ ليصل مداها إلى أكثر من 75 كيلو متر مما يعني دخول مدينة " تل أبيب " الصهيونية في دائرة الاستهداف من قبل صواريخ المقاومة وهذا يعني ان هناك تغير في قواعد اللعبة بين "اسرائيل" والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة .
وهناك أسباب إسرائيلية معلنة حول أهداف الهجوم العسكري على قطاع غزة وأسباب أخرى غير مُعلنة .فالأسباب المعلنة هي :
- زيادة قدرة اسرائيل على الردع وايقاف الهجمات الصاروخية من قطاع غزة باتجاه المناطق التي تحتلها "اسرائيل" في أراضي ال 48 .
- ضرب مخازن الصواريخ لإضعاف القدرة العسكرية والصاروخية لحركة حماس والجهاد الاسلامي والتنظيمات المقاوِمة الأخرى .
- إيقاف تهريب السلاح القادم عن طريق مصر الى قطاع غزة بواسطة الانفاق ،وذلك بضرب هذه الانفاق التي يتم تهريب السلاح منها للتنظيمات المقاومة .
والحقيقة إن هذه الاهداف هي قديمة جديدة ، ففي كل مرة يحدث فيها هجوم اسرائيلي على قطاع غزة نجد أن "اسرائيل" تكرر نفس البنود والتي هي سبب الهجوم ، ولكن دون أي فائدة ، حيث إنها في كل مرة تقصف وتقتل وتهدم بطريقة أشد وأنكى من المرة التي سبقتها ومع ذلك فهي لم ولن تردع المقاومة في قطاع غزة ، ولن تستطيع إضعاف قدرتها العسكرية المتنامية يوماً بعد آخر ؛ لأنها نسيت أو تناست أنه طالما هناك احتلال جاثم على أرض فلسطين؛ فالشعب الفلسطيني كله سيكون مقاومة ولن يجدي أي حل مهما كان نوعه وقدرته طالما أن الاحتلال ما زال قائما .
لكن في حقيقة الأمر يبدو أن هناك أسباب أخرى هي التي جعلت "اسرائيل" تشن هجومها الأخير على قطاع غزة وهي :
- الانتخابات "الاسرائيلية" القادمة حيث يريد القادة الصهاينة المتنافسين في الانتخابات القادمة أن يكون قطاع غزة ساحة مواجهة ساخنة لبرامجهم الانتخابية المختلفة ، حيث يريد كل منهم كتابة برامجه الانتخابي بدماء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن التوجه الشعبي اليهودي في مجمله توجه هجومي عدواني يريد الحرب وليس السلام ، وبالتالي من يقتل أكثر من الفلسطينيين سيحصل على أصوات أكثر من الناخبين الإسرائيليين .
- الابتعاد عن إيران : حيث إن التصريحات الاسرائيلية الأخيرة ضد إيران وصلت إلى الذروة وهي تتحدث عن ضرب إيران ومن ثم لا شيء حصل، وبالتالي لا تريد الحكومة الاسرائيلية أن تظهر بمظهر المنكسر المتراجع والمهزوم أمام الرأي العام الاسرائيلي ، ولذلك أرادت أن تحول أنظار الشعب الإسرائيلي على حرب غزة حتى يبتعدوا عن موضوع إيران ، وهذا يدل على أن هناك شيء قد حصل في الملف الايراني من قبيل صفقة معينة في اتجاه معين .
- التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة أواخر الشهر الجاري : حيث إن الرئيس الفلسطيني يريد التوجه إلى الأمم المتحدة للمطالبة برفع مستوى التمثيل الفلسطيني إلى دولة مراقبة ، ولذلك تخشى "اسرائيل" على نحو خاص من هذا التوجه لأن رفع مستوى مكانة فلسطين إلى دولة مراقبة يعني السماح لها بأن تُقبل في عضوية محكمة الجنايات الدولية في لاهاي ومقاضاة "اسرائيل" وزعمائها على جرائم الحرب . وبالتالي فإن الحكومة الاسرائيلية تحاول أن تبذل ما بوسعها من خلال اظهار الطرف الفلسطيني كإرهابي لا يستحق الدولة لأنه غير قادر على ادارة الحكم فيها، وغير قادر على منع الجماعات المسلحة من اطلاق صواريخها على المدن المأهولة بالسكان اليهود .
في نهاية المطاف فإن النتائج التي تخرج بها "اسرائيل" في كل مرة تشن حربا على قطاع غزة ؛هي المزيد من القتل والهدم والتشريد في صفوف المواطنين الفلسطينيين ، وهذا لن يجدي نفعا وسوف يترتب على ذلك مزيدا من البغض والكراهية للشعب الاسرائيلي ومزيدا من المقاومة لهذا الاحتلال طالما أنه قائم على الظلم والقتل والارهاب واغتصاب أرض ليس له أي وجه حق فيها .
حازم محمد زعرب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت