هذا ما اظهرته المانيا المصابة بعقدة الذنب وبريطانيا بالاضافة الى عدد كبير من الدول الصامته على العدوان ، لقد اختار الجناة توقيت ارتكاب جريمتهم لاسباب عديده بات القاصي والداني يعرفها تمام المعرفة في مقدمتها استباحة الدم الفلسطيني وتوظيفه من اجل كسب اصوات غلاة المتطرفين الصهاينة بعد ان شعر هؤلاء امكانية خسارتهم امام الازمات الاجتماعية المتفاقمة الاخذه بالازدياد بالتالي كان لابد من الهروب الى العدوان تحت شعار تأمين الخاصرة الجنوبية لكيان المستوطنين من الصواريخ الفلسطينية ، الامر الذي يوحدهم ازاء المخاطر الخارجية ، من جهة ثانية ترفض الادارة الامريكية " الاوبامية " شن الحرب على ايران بشكل منفرد لاسباب استراتيجية تتعلق بمصالحها الحيوية بالمنطقة ، لذلك ترى في الحالة الفلسطينية بأنها رخوة غير متماسكة يسهل التحكم بالنتائج التي يترتب عليها العدوان من خلال حلفائها العرب كما يحدث في كل مرة ،اما الاسباب المباشرة ذات الاهمية السياسية تتمثل بقطع الطريق امام القيادة الفلسطينية للتوجه الى الجمعية العامة للامم المتحدة في التاسع والعشرين من الشهر الجاري مناسبة يوم التضامن العالمي مع حقوق الشعب الفلسطيني .
مما لاشك فيه ان طغمة الاحتلال التي ارادت استعادة قوة الردع لجيش الاحتلال كما تدعي لم تفاجأ بردّ الفعل الفلسطيني الذي اطلق صواريخ بعيدة المدى نسبيا للمرة الاولى طالت حدود مدينة تل ابيب ومحيط القدس الغربية ، اعتبرته تجاوزا للخطوط الحمراء اي تخطي مدى الاربعين كيلو متر من قطاع غزة ، اذ تحدثت اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية عن صواريخ بعيدة المدى بما في ذلك صواريخ ارض جو مضادة للطائرات تم تهريبها او تطويرها من عدة اماكن ، ولكنها من الناحية العملياتية كانت بحاجة الى اختبار قدرات المقاومة في الميدان ، بغض النظر عن قدرة هذه الاسلحة التدميرية او دقّة اصابتها للاهداف ، ومع هذا كله فشل جيش الاحتلال فشلا ذريعا بتحقيق اي من اهداف العملية وبدلا من ان يقضي على البنية التحتية للمقاومة كما يدعي اصبح لدى المقاومة عمقا لعملياتها يضع اكثر من ثلثي سكان اسرائيل تحت مرمى نيرانها ، مما سيؤدي الى مردود سياسي سيء لتحالف نتنياهو ليبرمان على المدى المنظور ، كما كشف هشاشة الجبهة الداخلية ، وعدم فعالية ما يسمى بنظام " القبة الحديدية " .
إن لجوء آلة الحرب الاحتلالية الى استهداف المدنيين وتدمير بيوتهم على رأس ساكنيها ، يدلل بوضوح عن زيف بنك الاهداف الذي يزعم جنرالاته امتلاكه ، ولا يعلم احد في هذا العالم لمذا تقتل عوائل آمنه بكاملها مثل عائلة الدلو المكونه من احد عشر فرد بينهم ستة اطفال ، مشاهد يعجز العقل البشري عن تصديق ما يرى الامر الذي جعل وزير الخارجية التركي اوغلو يجهش بالبكاء اثناء زيارته مشفى الشفاء في قطاع غزة ومشاهدة اشلاء الاطفال المقطعة والاجساد المحترقة ، بالاضافة الى استهداف الصحافيين والبنى المدنية والمؤسسات الخدمية ، جرائم حرب يصفها المجتمع الدولي بامتياز تستحق تقديم مرتكبيها الى محاكم جرائم الحرب الدولية ضد الانسانية ، فهل هذا ما سيكون مصير هؤلاء الجناة ، ام ان المجتمع الدولي سيتعامى عن ذلك باعتبار اسرائيل دولة فوق القانون لا ينطبق عليها ما ينطبق على الاخرين ، تعبير صارخ عن ازدواجية المعايير التي دأبت الدول الغاشمة على تعاملها مع قضايا الشعوب الاخرى .
دعت القيادة الفلسطينية المجلس الوزاري العربي لانعقاد بشكل طارئ لاتخاذ الاجراءات الكفيلة بوقف العدوان على قطاع غزة ، واستمع المشاهد العربي للخطابات المعهودة التي تستنكر وتشجب وتطالب وتدين حيث لوحظ رفع النبرة الخطابية ، لكن احدا لم يجرؤ على ذكر الادارة الامريكية التي اعطت الضوء الاخضر بالعدوان على الشعب الفلسطيني ، بل ان رئيس وزراء قطر وصف نفسه والاخرين بالنعاج وقال نحن لا نملك من امرنا شيئا ما عدا دفع المال ، طبعا هو يبالغ في ذلك لان دفع المال من اجل انقاذ القدس وتعزيز صمود اهلها ، امر لا يستطيع الامير فعله دون تلّقي ضوء اخضر ، هذه حقيقة تؤكدها الوقائع كلما انعقدت قمة عربية واتخذت قرارات الدعم ثم تبقى حبرا على ورق لا تساوي قيمة الاوراق التي كتبت عليها ، بالمحصلة اتخذ الوزراء العرب خطوة غير مسبوقه بتشكيل وفد وزاري برئاسة الامين العام للجامعة العربية زار قطاع غزة للتضامن مع اهلها ، خطوة معنوية محمودة ولكن هل يحتاج قطاع غزة كل هذه الهرولة العربية اليها بضع ساعات للتصوير والمزايدات ام ان المطلوب اكثر من ذلك بكثير ؟
إن الشعب الفلسطيني الذي اظهر وحدة في الميدان ووحدة في المصير اذهل قادة العدو ينتظر اشقاءه العرب الوقوف الى جانب حقوقه الوطنية والسياسية من خلال الدعم والاسناد الفعلي والارتقاء بالمواقف التي تستند الى لغة المصالح بين الدول حيث يصعب الفهم على احد بأن يتحول القادة العرب الى وسيلة ضغط أو وسيط بينه وبين الطرف المعتدي ، يريد شعبنا ان يقوم الاخوة بالضغط من اجل انهاء الانقسام لا تغذيته لان غزة والقدس ورام الله وفلسطين وحدة واحدة لا تتجزأ ، كلها تتعرض للعدوان الغاشم والحصار الظالم ، ينبغي ان تتظافر الجهود لاستثمار الفرصة التي لاحت لتصويب المسار الفلسطيني في مواجهة مخططات العدو والبناء على الوحدة الميدانية وتطويرها نحو شراكة حقيقية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا في كل اماكن تواجده ...
لعنة غزة ستلاحق الطغاة الذين اقترفوا جرائم الحرب ضد اطفال غزة ولو بعد حين ....
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت