آخرالحروب يا غزة .....

بقلم: هاني العقاد


لا احد يتمنى لقاء العدو و لا احد يجنح للحرب و يسعي إليها ,ولا اعتقد أن أحداً يتمنى أن يحدث لبلده ما حدث لغزة , فمن يسعي إلى الحرب في فلسطين عادة هو الكيان الصهيوني وهو المعتدي منذ وطأت أول قدم صهيونيي على أرض فلسطين , وهو الذي يحب الدم والقتل والتدمير ويكرر فعلته هذه كلما ارتأى انه الأقوى وانه صاحب الترسانة العسكرية الأولى بالشرق الأوسط وكلما أراد أن يجرب أسلحة جديدة على الفلسطينيين على امتداد هذا الوطن , بالأمس وضعت الحرب الثانية على غزة أوزارها و التي كانت فيها طائرات الاحتلال أمريكية الصنع تدك بصواريخها التي تزن أكثر من طن منازل المواطنين الأبرياء في كل مكان وتدمرها على رؤؤس أصحابها وتلك الصواريخ التي تعتقد أنها صواريخ تستطيع أن تنزل إلى عشرات الأمتار داخل الأرض و تقلبها كالزلزال و تدمر ما بداخلها من عتاد , و اعتقدت إسرائيل أن كل حممها التي تصب من الطائرات والدبابات والبوارج الحربية سوف ستفرض على الفلسطينيين الاستسلام ,لكن الاحتلال عادة ما يخطئ في حساباته مع الفلسطينيين فكلما ضرب الفلسطينيين بقوة كلما نهضوا أقوياء .
أكثر من 167 شهيد و 1236 جريح أكثر من ربعهم أطفال ونساء و كل شهيد و جريح يمثل لوحة درامية فريدة الحدوث و التكرار في أي مكان بالعالم إلا في فلسطين التي لا يستطيع اكبر الكتاب و الفنانين و الدراميين أن ينقل هذه الدراما و يصف ما بقلب ومشاعر و جروح هذه الضحايا من آهات و حزن وحرمان , فهل يستطيع أن ينقل مأساة هذا الطبيب الذي كان يؤدي واجبه الإنساني بمستشفي الشفاء و تفاجأ بأبنائه من بين جرحى و شهداء القصف الصهيوني المجرم , ولا يستطيع أن يتحدث عن مشاعر هذا الطفل الذي يرقد بجانب امة المقطعة والممزقة على اعتقاد أنها مازالت نائمة ,ولا يستطيع ان يصور مأساة هذا الطفل الذي ينتظر امة لتعطيه ثديها لان وقت رضاعته قد حان وهو لا يعرف أن المحتل المجرم قد حرقها بقذائفه المحرمة دوليا , ولا يستطيع أن يكتب عن ذالك الشاب الذي حرق تماما و هو في بسيارته نتيجة قصفها بمن فيها بصاروخ طائرة استطلاع , ولا يستطيع أن يكتب تراجيديا عائلة الدلو ولا عائلة شحادة و لا عائلة حجازي و لا حتى تلك العائلات التي لم يصب احد من أبنائها .
اليوم توصلت مصر برعايتها ودبلوماسيتها و ضغطها الجديد في المنطقة العربية و وساطة كل من تركيا وقطر إلى تهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة على أسس هامة معلنة منها وقف إطلاق النار والاجتياح إلى الأراضي الفلسطينية وفتح المعابر بشكل كامل من قبل إسرائيل مقابل وقف الصواريخ والعمليات من غزة و كانت هذه التهدئة مربوطة بضمانات موثقة و موقعة من قبل الولايات المتحدة وتركيا ومصر الراعية لهذا الاتفاق , و مع هذه التهدئة بعلانيتها و أسرارها يعود الأمل إلى نفوس أبناء الشعب الفلسطيني ,والأمل يعنى أن تكون إسرائيل قد فهمت الدرس وتعلمت أن قوة السلاح ليس شرطا لان يبقي المحتل محتل ,ويبقي الاحتلال احتلال ,وليس شرطا لان تقهر وتهزم الشعوب المقاومة , وليس شرطا أن يهزم الضعيف , وعلى أمل أن تبادر إسرائيل بتفهم الحالة العربية الساعية للسلام الشامل و إنهاء الصراع الطويل , كما نأمل أن تكون إسرائيل قد فهمت أن أي حرب قادمة تشنها ستكون كارثية عليها وعلى سكانها الذين يتطرفون يوما بعد يوم ويؤيدوا ساستهم المتطرفون والذين يعتقدوا أن جيشهم سيبيد العرب في فلسطين .
في هذه الحرب نجحت المقاومة بتركيع الشعب الإسرائيلي و جنوده و قياداته السياسية و العسكرية عبر الاختباء من صواريخ المقاومة و نجحت المقاومة من صد الهجمة الكبيرة للاحتلال الصهيوني و بالتالي التمادي في حربة المجنونة و هذا ما تطلب من المقاومة أن تطلق مئات الصواريخ القصيرة ومتوسطة المدى وقذائف الهاون بالإضافة إلى تنفيذ العديد من العمليات الاختراقية كالتي تعرضت لها أجهزتهم اللاسلكية , وهنا نجحت المقاومة في كتابة تاريخ جديد يضاف إلى تاريخ الصراع مع هذا العدو الجبان وفي هذه الحرب أثبتت المقاومة للعرب قبل العجم أن إسرائيل و مدنها لم تعد محصنة و لم تعد منيعة على القصف و لآن هذه الحرب كانت بالفعل حرب يريد العدو ان يفعلها كلما ارتأى ذلك, لذا فإننا نقول أنها لن تكون أخر الحروب ولا آخر الأحزان ولا آخر المآسي و لا آخر دراما حرب فلسطينية ,ونتمنى أن تكون بالفعل أخر الحروب , وهذا لا يعني لنا كفلسطينيين أننا انتصرنا بأسلحتنا البسيطة ودافعنا عن أنفسنا و ورفعنا هامات العرب عالية وسننتصر المعركة القادمة بنفس الأسلحة التي عرفها العدو ,وهذا يوجب على المقاومة أن تجهز جيدا للمعركة القادمة و الجولة القادمة مع العدو ,و التجهيز يعنى أمرين أولهما وحدتنا الوطنية و تجسيدها على الأرض بحكومة و حدة وطنية وانتخابات رئاسية و تشريعية متزامنة وثانيها السعي فورا لتسليح المقاومة ورفع جاهزيتها على الأرض و اتحادها أطرها لتمتلك القدرة على التصدي لأي حماقة يقترفها العدو الصهيوني من جديد ليس في غزة وإنما بكل مكان في فلسطين .
[email protected]

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت