علامات ومحطات مضيئة على هامش أعمال المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني

بقلم: دياب اللوح


من منطلق العلاقات التاريخية الإستراتيجية المستمرة وأواصر الصداقة العميقة بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتــــــــــح" والحزب الشيوعي الصيني العريق تابعنا انعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب المنعقد في بكين , وكانت أولى الخطوات في وضع حجر الأساس للعلاقات التاريخية والتقليدية بين فلسطين والصين وحركة "فتـــــــــح" والحزب الشيوعي الصيني بالزيارة غير الرسمية التي قام بها الرئيس ياسر عرفات " أبو عمار " القائد العام لحركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتــــــــــح" على رأس وفد من حركة "فتـــــــــح" يرافقه القائد خليل الوزير " أبو جهاد" بدعوة من الحزب الشيوعي الصيني في آذار عام (1964م) , قابل خلالها "شو ان لاي" رئيس مجلس الدولة الصيني ووزير الخارجية الصيني , الذي أبلغه اعتراف الصين بحركة "فتــــــــــح" ونضالها الثوري .

انعقد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني في الثامن من نوفمبر (2012م) في بكين والذي استمرت أعماله لمدة أسبوع , ويُعقد المؤتمر مرة كل خمس سنوات , و ينص دستور الحزب الشيوعي الصيني على أن المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني واللجنة المركزية المنبثقة عنه هما أعلى جهاز قيادي للحزب , وأن كل القضايا الهامة للحزب يجب مناقشتها وإقرارها من قِبل المؤتمر الوطني , ومن أهم صلاحيات ومهام المؤتمر الاستماع إلى تقارير اللجنة المركزية للحزب وإلى تقارير لجنة فحص الانضباط التابعة لها ومراجعتها , ومناقشة وتقرير مصير القضايا الهامة للحزب بما في ذلك تعديل دستور الحزب وانتخاب لجان الحزب المركزية وانتخاب لجان فحص الانضباط التابعة لها .

يُعتبر عقد المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني أهم حدث سياسي في الصين لأنه يرسم سياسات البلاد في كافة المجالات لمدة خمس سنوات قادمة وينتخب اللجنة المركزية للحزب والتي بدورها تنتخب أعضاء المكتب السياسي ولجنته الدائمة والأمين العام للحزب الذي يُعتبر أعلى القيادات في الحزب وفي البلاد لأنه مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية ويستمر في موقعه لدورتين فقط إذا ما جدد له المؤتمر القادم الثقة للاستمرار في مهامه , ويكتسب المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني أهمية عالمية لأنه يُقرر مستقبل أكبر دولة في العالم من حيث التعداد السكاني والتي تُمثل ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية .

وتأسس الحزب الشيوعي الصيني في مدينة شانغهاى في الأول من يوليو عام (1921م) , وقاد الشعب الصيني في نضال ثوري طويل الأمد ضد الامبريالية والإقطاعية والرأسمالية والبيروقراطية , وحقق الانتصار في الثورة الديمقراطية الجديدة وأسس جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر (1949م) وقاد الشعب في تنفيذ سلسلة من التحولات الاشتراكية وحقق التحول من الديمقراطية الجديدة إلى الاشتراكية وأنشـأ النظام الاشتراكي وطوَّر الاشتراكية في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة وجسَّد شعار الاشتراكية ذات الخصائص الصينية .

عقد الحزب الشيوعي الصيني منذ تأسيسه ثمانية عشرَ مؤتمراً فقط وذلك بسبب الانشغال في المراحل الكفاحية , فلقد عُقِد المؤتمر الأول في يوليو (1921م) , وعدد المندوبين (12) مندوباً وعدد أعضاء الحزب أكثر من خمسين عضواً , وعُقِد المؤتمر الثاني في يوليو (1922م) وعدد المندوبين (12) مندوباً وعدد أعضاء الحزب أكثر من (195) عضواً , وعُقِد المؤتمر الثالث في يوليو (1923م) وعدد المندوبين أكثر من (30) مندوباً وعدد أعضاء الحزب (432) عضواً , وعُقِد المؤتمر الرابع في يناير (1925م) وعدد المندوبين (20) مندوباً وعدد أعضاء الحزب (944) عضواً , وعُقِد المؤتمر الخامس في ابريل – مايو (1927م ) وعدد المندوبين (80) مندوباً وعدد أعضاء الحزب (57967) عضواً , عُقِد المؤتمر السادس في يونيو – يوليو (1928م) في موسكو وعدد المندوبين (84) مندوباً رسمياً و (34) مندوباً احتياطياً , وعُقِد المؤتمر السابع ابريل – يوليو (1945م) , وعدد المندوبين (544) مندوباً وعدد أعضاء الحزب أكثر من مليون عضو , وتولى ماوتسي تونغ في هذا المؤتمر رئيس اللجنة المركزية , وعُقِد المؤتمر الثامن في سبتمبر (1956م) في بكين وبلغ عدد المندوبين (1026) مندوباً رسمياً و (107) مندوباً احتياطياً وارتفع عدد أعضاء الحزب إلى أكثر من عشرة ملايين عضو , ويُعتبر المؤتمر الثامن المؤتمر الوطني الأول الذي يُعقد بعد أن تولى الحزب الشيوعي الصيني الحكم في البلاد كلها , وعُقِد المؤتمر الوطني التاسع في ابريل (1969م) وبلغ عدد المندوبين (1512) مندوباً وزاد عدد أعضاء الحزب إلى (22) مليون عضواً , وعُقِد المؤتمر العاشر في أغسطس (1973م) وعدد المندوبين (1249) مندوباً وعدد أعضاء الحزب (28) مليون عضواً , وعُقِد المؤتمر الحادي عشر في أغسطس (1977م) وعدد المندوبين (1510) مندوباً وعدد أعضاء الحزب (35) مليون عضواً , عُقِد المؤتمر الثاني عشر في سبتمبر (1983م) وعدد المندوبين (1600) مندوباً رسمياً و (14) مندوباً خاصاً وارتفع عدد أعضاء الحزب لأكثر من (39) مليون عضواً , وعُقِد المؤتمر الوطني الثالث عشر للحزب في أكتوبر – نوفمبر (1987م) وعدد المندوبين (1936) مندوباً رسمياً و (61) مندوباً خاصاً وعدد أعضاء الحزب (46) مليون عضواً , وعُقِد المؤتمر الوطني الرابع عشر في أكتوبر (1912م) وعدد المندوبين (1989) مندوباً رسمياً و (46) مندوباً خاصاً ووصل عدد أعضاء الحزب إلى (51) مليون عضو , وعُقِد المؤتمر الوطني الخامس عشر في سبتمبر (1997م) وعدد المندوبين (2048) مندوباً رسمياً و (60) مندوباً خاصاً وواصل عدد أعضاء الحزب في الارتفاع ووصل إلى (58) مليون عضو , وعُقِد المؤتمر الوطني السادس عشر في نوفمبر (2002م) وعدد المندوبين (2120) مندوباً وعدد أعضاء الحزب (64) مليون عضو وتولى في هذا المؤتمر ( خوجين تاو ) مهام الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس اللجنة العسكرية المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية ورئيس اللجنة العسكرية المركزية لجمهورية الصين الشعبية .

وعُقِد المؤتمر الوطني السابع عشر للحزب الشيوعي الصيني في الفترة من 15-21 أكتوبر عام (2007م) في بكين وبلغ عدد المندوبين (2220) مندوباً , وعدد أعضاء الحزب (70) مليون عضو والذي أكد إعادة انتخاب ( خوجين تاو ) وحسب تقاليد الحزب تكون الأخيرة , ولكل مؤتمر وطني دوراته الخاصة به والتي تُعقد بشكل دوري كل سنة , أو عند الحاجة على مستوى اللجنة المركزية بكامل أعضائها , فقبيل عقد المؤتمرات العامة , عادةً ما يسبقها عقد آخر دورة (اجتماع ) للجنة المركزية الكاملة للمؤتمر الوطني , بينما يُعقد الاجتماع الأول لها في آخر يوم من أعمال المؤتمر الوطني الجديد لممارسة مهامها والمباشرة في انتخاب أعضاء المكتب السياسي الجديد ولجنته الدائمة والأمين العام للحزب ورئيس اللجنة العسكرية , ورئيس لجنة الانضباط المركزية .

المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني

عُقد المؤتمر الوطني الـــ (18) تحت شعار لِتُرفع عالياً الراية العظيمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية والتي تعني ( صيننة) كل ما هو في الصين , وتحت شعار تعزيز العمل باعتبار نظرية دينغ شياو بينغ وأفكار ( التمثيلات الثلاث) الهامة و مفهوم التنمية العلمية كمرشد على تحرير العقول وتنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح وحشد القوة وتذليل الصعوبات وبناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل .

وحضر المؤتمر (2270 ) مندوباً من كافة أنحاء البلاد يمثلون أكثر من (82) مليون عضو من الحزب الشيوعي الصيني وهذه المرة زاد عدد أعضاء المؤتمر (المندوبين) بخمسين مندوباً عن عدد المؤتمر السابق وارتفع عدد أعضاء الحزب بـحوالي (12) مليون عضو والذي يؤكد ديمومة الحزب وقدرته على استقطاب وتجنيد كادرات بشرية وخبرات علمية جديدة تتساوق مع تطور الأوضاع في الصين من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ودفع عملية التنمية المستدامة للأمام لا سيما أن الصين تتمسك بالتنمية السلمية بعزيمة لا تتزعزع وفي ذات الوقت تنتهج سياسة خارجية سلمية تُجنبها الصدام مع أية قوى خارجية أخرى , وستظل الصين ترفع راية السلام والتنمية والتعاون باستمرار لحفظ السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة , والتعاون المتبادل والمنفعة المتبادلة في العلاقات الدولية ودعم العدالة الدولية , وستظل الصين دولة نظيفة اليد تحترم حرية واستقلال الشعوب خاصة الشعوب النامية وتعارض نزعة الهيمنة وسياسة القوة بكل أشكالها ولن تمارس التوسع الخارجي الذي يصادر حرية الشعوب الأخرى وخاصة الشعوب النامية وعلاقة الصين مع الدول النامية على أساس احترام الاستقلالية وتقديم المساعدات والمعونات غير المشروطة , وتؤكد الصين بأن السلام والتنمية موضوعين رئيسين للعصر والبشرية .

يستغرق انتخاب المندوبين من القواعد الحزبية والمنظمات الشعبية والنقابية أكثر من ستة شهور حيث جرت انتخابات المندوبين للمؤتمر الوطني الثامن عشر منذ شهر نوفمبر عام ( 2011م) وحتى شهر يونيو (2012م) في (40) وحدة انتخابية على مستوى البلاد , ويُراعى توفر شروط العضوية في المندوبين التي من أهملها الإيمان الراسخ والموقف السياسي السليم والاستقامة الأخلاقية والقدرة على القيام بالمهام والواجبات المنُاطة بالعضو , ويُعتبر انتخاب المندوبين عملية شاقة تشمل إجراءات اختيار المرشحين وفحص مؤهلاتهم وتدقيق طلبات العضوية ( الإشعار) وإعداد القائمة المختصرة التي يجري التصويت عليها والتي يجب أن تُمثل مختلف الشرائح والفئات وتجري هذه العملية بنفس القدر والآلية في كافة الدوائر الانتخابية الأربعين على مستوى البلاد .

تبنى الحزب الشيوعي الصيني في المؤتمر الوطني السابع عشر نهجاً جديداً تمثل في انخراط أعضاء المؤتمر الوطني من كافة أنحاء البلاد في منظماتهم القاعدية ومؤسساتهم الحكومية لكي يظلوا قريبون للجماهير ويشاركون في الأعمال ويراقبون الأداء ويُصوبون الأخطاء لتحسين صورة الحزب و مسؤوليه أمام الجماهير ومد جسور الثقة والتعاون معها وإن لا تقتصر مهام الأعضاء ( المندوبين) على انتخاب لجنة مركزية جديدة للحزب والمشاركة في نقاش وصياغة السياسات العامة وإنما يشاركون مشاركة فعلية و مباشرة في تنفيذ السياسات ومراقبة الأداء .. وفي المؤتمر الثامن عشر تبنى الحزب الشيوعي الصيني نهجاً تنظيمياً جديداً حرص على تطبيقه قبل عقد المؤتمر وتمثل في تشكيل القيادات المحلية للحزب , فلقد تمَّ تغيير قيادات (31) لجنة محلية للحزب عبر الانتخابات الداخلية التي جرت في فترة استمرت حوالي عشرة شهور , وتمَّ انتخاب اللجان الحزبية المحلية في (374) ولاية ومدينة, وكذلك تمَّ انتخاب اللجان الحزبية في (2789) محافظة ومنطقة حضرية , ونفس الشيء تمَّ انتخاب اللجان الحزبية في (33368) بلدة في كافة أنحاء جمهورية الصين الشعبية المترامية الأطراف والتي تعتبر أكبر ثالث مساحة في العالم بعد كندا وروسيا إذ يبلغ مساحتها تسعة مليون وستمائة ألف كيلو متر مربع , وهذا منهج جديد لتجديد القيادات الحزبية وتعميق عملية الإصلاح الداخلي ومكافحة كافة أشكال الفساد , ويهدف إلى ضخ دماء جديدة وشابة في شرايين ومؤسسات الحزب القاعدية , ويعتبر هذا النهج التنظيمي حدثاً هاماً في الحياة السياسية التنظيمية للحزب .

وفي مرحلة لاحقة تعمل اللجان الحزبية على انتخاب أعضاء اللجنة الدائمة الذين يشكلون القيادة المحلية , وفي العادة يتم انتخاب أعضاء اللجنة المحلية من مؤتمر محلي للحزب في الناحية, ولكن الجديد هو أن يتم انتخاب اللجان الحزبية ومجموع اللجان الحزبية يقوم بانتخاب واختيار اللجنة الدائمة التي تُواكب متابعة تنفيذ السياسات والقرارات والإجراءات وتُراقب من قِبل قواعدها التي انتخبتها وجاءت بها إلى هذه المراكز الحزبية , وكذلك تمَّ اختيار جميع أعضاء اللجان الدائمة في كافة أنحاء البلاد على مستوى المقاطعات حيث تمَّ اختيار (404) عضواً يبلغ متوسط العمر منهم (54) عاماً ونسبة (25%) من بينهم تحت سن الــ (50) من بينهم نساء وأعضاء يمثلون الأقليات العرقية , وغالبيتهم أتمّ التعليم الجامعي وأكثريتهم يحملون شهادات علمية عليا , وعدداً كبيراً منهم مُطِّلعون على شؤون الحزب وعمل الحكومة , وفي ذات السياق تمَّ اختيار حوالي (35) ألف عضو للجان الدائمة في اللجان الحزبية على مستوى الولايات والمدن والمحافظات والمناطق الحضرية أكثر من (90%) من بينهم تلقوا التعليم الجامعي .

مفارقات جديدة في مسيرة تنظيم وعقد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني من أهمها :

- مقارنةً بالانتخابات السابقة أولى الحزب الشيوعي الصيني المزيد من الاهتمام بأهمية توَّفر الخبرة لدى المسؤولين على المستوى القاعدي لاسيما كبار المسؤولين , لأن الحزب يحتاج لهؤلاء المسؤولين في مؤسسات الدولة لغرض تحسين العلاقة مع الجمهور الصيني وتحسين صورة الحزب أمام الرأي العام وتعزيز وتطوير الاقتصاد الصيني و لرفع مستوي القدرة لدى المسؤولين في الحزب لمواجهة تحديّات المستقبل ومن أهمها المُضي قُدماً في إعمال ومتابعة تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح وبناء الصين الحديثة على أسس علمية وتعميق مفهوم الاشتراكية ذات الخصائص الصينية ومكافحة الفساد , ودعم مسيرة التحديث الاشتراكي , لذلك تعمل دائرة الانضباط في الحزب على فحص سيرة المرشحين بصرامة لضمان خلوهم من الفساد ونظافة سجلهم من الفضائح المُخزية التي تمس صورة وسمعة الحزب في أوساط الجمهور الصيني .

- يسعى الحزب الشيوعي الصيني في دورة المؤتمر الوطني الثامن عشر لرفع نسبة نواب الشعب من الوحدات القاعدية في مجلس نواب الشعب وتخفيض عدد نواب الشعب المختارين من الحزب الحاكم والمسؤولين في الحكومة , و الذى يعني رفع نسبة نواب الشعب من العمال والفلاحين والكادحين والمثقفين , وضرورة إنشاء هيئة اتصال بين النواب والجماهير في المجلس لغرض تحسين نظام الاتصال الجماهيري بين نواب الشعب والجماهير ولأجل تحسس معاناة الجماهير والوقوف على مشاكلها وآرائها تجاه كافة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبناء مجتمع وحياة رغيدة في أنحاء الصين , ويسعى الحزب ويعمل جاهداً لدعم مجالس نواب الشعب ولجانها الدائمة في لعب دورها كجهاز سلطة الدولة وممارسة صلاحيات التشريع والمراقبة و اتخاذ القرارات والتعيين والتنحية وما إلى ذلك وفقاً للقانون وتعزيز الأعمال التشريعية وتنسيقها وتشديد مراقبة الحكومة والنيابة العامة وتعزيز سلطة القضاء , والمحاكم وتحقيق العدالة المجتمعية .

- يعمل ويحرص الحزب الشيوعي الصيني على ترشيح المزيد من الشباب من المستويات القاعدية لرفد مؤسسات الحزب والدولة بالقيادات الشابة حتى يظل الحزب شاباً فتيَّاً لا تتسلل إليه أمراض التّرهل والشيخوخة , وتظل الدولة في حالة من الحيوية والديناميكية المستمرة ولا تُصاب بأمراض وظواهر البيروقراطية الإدارية خاصة أنها دولة كبيرة وعدد سكانها كبير جداً تجاوز المليار والثلاثمائة مليون نسمة واحتياجاته كبيرة لأن المجتمع الصيني أكتر من نسبة (70%) منه مجتمع ريفي والمجتمع الحضري المدني ينافس ويسارع الزمن لتطوير الصناعة و مكننة الإنتاج وتحديث التكنولوجيا الصناعية في كافة المجالات ولعل كلمة الرئيس خوجين تاو أمام المؤتمر تناولت كافة القضايا الهامة في الحياة الصينية .

وضخ الأجيال الشابة في مؤسسات الحزب يسمح بانتقال فكر وسياسات الحزب من الجيل القديم إلى الجيل الجديد وإعداده لتحمل مسؤوليات الحزب والبلاد مع الحفاظ على ديناميكية الحزب وتفادي وجود هوة أو حالة من الفراغ والحيلولة دون حدوث حالة تزاحم بين الجيل القديم والجيل الجديد , ولقد أتقن الحزب الشيوعي الصيني والدولة الصينية معاً صيانة هذا المفهوم وتطبيقه بشكل فعال وخلّاق خلق حالة من الإبداع والتجديد أبقت الحزب فتياً فعالاً وفي حالة من الديمومة والفاعلية والقدرة على متابعة تنفيذ السياسات ومعالجة الأخطاء وتفادي تكرارها وتعزيز مفهوم تقييم الأداء أولاً بأول وتبادل الخبرات والاستفادة من التجارب الناجحة والفاشلة على حدٍ سواء .

إن مكافحة الفساد وبناء السياسة النزيهة هما من المواقف السياسية الواضحة التي يتمسك بها الحزب على الدوام ومن القضايا السياسية الهامة التي يهتم بها الشعب , ويعمل الحزب على مكافحة الفساد لأنه آفة فتاكة قاتلة للحزب والدولة , ويعمل على حل مشاكل الفساد ذات الصلة بالجماهير , وفرض سياسة العقاب بلا رحمة على كل من يخرق قواعد الانضباط الحزبية وقانون الدولة مهما كانت هويته و سلطته ومنصبه .

وقال الرئيس الصيني خوجين تاو في خطابه أمام المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني قائلاً : " إن على الحزب الشيوعي الصيني أن يبذل جهوداً دؤوبة لمكافحة الفساد والدعوة إلى النزاهة والحيلولة دون الانحطاط " .

- لامس الحزب الشيوعي الصيني قبل عدة سنوات وعلى وجه التحديد في مؤتمره الوطني السابع عشر مشكلات التنمية الاقتصادية للبلاد والتي تشمل الاستهلاك المُفرط للطاقة والتلوث البيئي , وأكد على هذا المفهوم العلمي مرة أخرى في مؤتمره الثامن عشر لما لهذا المفهوم وهذه القضية من حساسية وأهمية بالنسبة لمسألة بناء دولة صينية حديثة وجميلة ونظيفة ولمعالجة هذه القضية طبقت الصين المفهوم العلمي للتنمية وبناء ثقافة الحفاظ على البيئة , واظهر الحزب الشيوعي الصيني موقفاً أكثر اهتماماً لعملية البناء الحضاري ( الإيكولوجي ) في خطة الدولة للتنمية الشاملة جنباً إلى جنب مع عمليات البناء الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي , وقال الرئيس خوجين تاو في خطابة أمام المؤتمر قائلا : " لابد أن يوضع التخطيط العام للتكامل الخماسي بين البناء الاقتصادي والبناء السياسي والبناء الاجتماعي والبناء الثقافي والبناء الحضاري ( الايكولوجي ) , موضع التنفيذ الشامل ويعزز التنسيق بين مختلف أوجه بناء التحديثات ".

وأكد تقرير الحزب في افتتاح مؤتمره الثامن عشر أن بناء الحضارة الايكولوجية مشروع كبير طويل المدى يرتبط بسعادة الشعب ويقترن بمستقبل الأمة , وهذا المفهوم يقوم على أساس احترام الطبيعة والتكيف معها وحمايتها في وجه الوضع الخطير المتمثل في شدة التلوث البيئي وانحطاط النظام ( الايكولوجي ) , وقال الرئيس خوجين تاو " لا بد من وضع البناء الحضاري الايكولوجي في المقام البارز ودمجه في كافة النواحي وعمليات البناء الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي كلها سعياً وراء تشييد الصين الجميلة وتحقيق التنمية المستدامة للأمة الصينية ".

وأضاف الرئيس خوجين تاو " إن البيئة (الايكولوجية ) الجيدة هي أرضية أساسية للتنمية المستدامة للإنسان والمجتمع وعليه ينبغي تنفيذ مشروعات كبرى لإعادة النظام الايكولوجي إلى حالته الطبيعية وتطوير القدرة على إنتاج المنتجات الايكولوجية وتحفيز المعالجة الشاملة للتصحر والتصخر وانجراف التربة , وزيادة مساحات الغابات والبحيرات والأراضي الرطبة وحماية التنوع الأحيائي ".

وشدد الرئيس خوجين تاو قائلاً :" يجب علينا أن نعمل أكتر لإيلاء الاهتمام بالطبيعة وأن نعمل بنشاط أكتر على حماية البيئة الايكولوجية سعياً للمضي قُدماً وبجهد جهيد نحو عهد جديد للحضارة الايكولوجية الاشتراكية".

وهذا مصطلح علمي جديد استخدمه الرئيس الصيني خوجين تاو لأول مرة في كلمته أمام المؤتمر الوطني السابع عشر.

وهذا وقد اختتم المؤتمر الوطني الثامن عشر أعماله في الرابع عشر من نوفمبر لعام 2012 م , بانتخاب لجنة مركزية جديدة والتي بدورها انتخبت مكتب سياسي جديد ولجنته الدائمة والأمين العام للحزب الشيوعي الصيني للخمس سنوات القادمة ومرشحه لرئاسة الجمهورية في حال انعقاد مجلس نواب الشعب الصيني في مطلع العام القادم وهو السيد شي جين مينغ نائب الرئيس الصيني الحالي خوجين تاو .

هذه علامات ومحطات مضيئة على هامش أعمال المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني الذى لم يصلنا تقريره النهائي ولقد تمّ الاعتماد على المراجع من الوثائق والتقارير المنشورة والمعتمدة من قبل المركز العربي للمعلومات في بكين وخطاب الرئيس الصيني خوجين أمام المؤتمر الوطني الــــــــ 18 في يومه الثاني في بكين .

أجمل التهاني للرفاق في قيادة الحزب الشيوعي الصيني على هذا النجاح الباهر الذي حققه الحزب في مؤتمره الثامن عشر نحو بناء الصين الحديثة وتحقيق شعار الاشتراكية ذات الخصائص الصينية ودعم مسيرة التحديث الاشتراكي والمضي قدما بمسألة التنمية السلمية للمساهمة في بناء واستقرار السلم والأمن الدوليين .



24/11/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت