الذهاب للأمم المتحدة خطوة للامام نحو إستراتجية فلسطينية واحدة

بقلم: دياب اللوح


يتوجه الشعب الفلسطيني وقياداته الوطنية مُمثلةً بالرئيس "أبو مازن" يوم غدٍ الخميس (29/11/2012م) , للأمم المتحدة بطلب نيل عضوية دولة مُراقب في المنظمة الدولية , ويُعتبر هذا اليوم محطة تاريخية تُمثل مُنعطفاً وطنياً وسياسياً وقانونياً هاماً في مسيرة حركة التحرير الوطني الفلسطينية وكفاح الشعب الفلسطيني العادل والمُستمر نحو تجسيد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأرض وانجاز الاستقلال الوطني الكامل , ويُمثل هذا اليوم التاريخي رمزية سياسية لها دلالاتها الهامة في حياة وتاريخ الشعب الفلسطيني وهو تاريخ صدور القرار الدولي رقم (181) الذي نص على حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته على أرضه برغم ما حمله هذا القرار الدولي من اقتطاع قسري لجزء عزيز من الأرض الفلسطينية بإقامة (دولة إسرائيل) عليها , ويكتسب هذا اليوم أهمية أممية باعتباره يوماً عالمياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني لإنصافه ورفع الظلم الواقع عليه والمُتمثل بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي بكافة أشكاله العسكرية والاستيطانية , وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حياته الطبيعية والسياسية وصيانة حقوقه الوطنية وتأمين عودته إلى دياره التي شُرِد منها قسراً عام ( 1948م) , وتحرص العديد من دول العالم وفي مقدمتها جمهورية الصين الشعبية الصديقة على إحياء هذه المناسبة العالمية تضامناً مع النضال العادل للشعب الفلسطيني ودعماً له لنيل حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته المستقلة .

شكَّل الجهد التراكمي الرائع الذي بذله الرئيس " أبو مازن " والقيادة الفلسطينية والدبلوماسية الفلسطينية ممثلةً بوزارة الشؤون الخارجية والسفارات الفلسطينية والمدعوم من جماهير شعبنا وفصائله وقواه السياسية والمُكلل بالصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية الباسلة في وجه العدوان , شكَّل رافعة قوية لتجنيد موقف دولي واسع النطاق لدعم الطلب الفلسطيني في الأمم المتحدة , حيث من المتوقع الحصول على دعم وتصويت أكثر من (150) دولة لصالح مشروع القرار الفلسطيني .

التصويت لصالح مشروع القرار الفلسطيني سوف يرفع مكانة فلسطين من حركة تحرير وطني ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية من صفة مُراقب منذ عام (1974م) إلى مكانة دولة بصفة مُراقب , ومن الجدير بالذكر أن هناك دولاً كثيرة وكبيرة في العالم مرَّت بهذه المرحلة واجتازتها بنجاح وانتقلت إلى مكانة دولة عضو كامل العضوية .

إن رفع مكانة فلسطين إلى دولة مُراقب في الأمم المتحدة من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في المكانة القانونية والتمثيلية لدولة فلسطين في المنظمة الدولية ومنظماتها المنبثقة عنها , فهناك منظمات دولية تكتسب عضويتها تلقائياً مثل منظمة الصحة العالمية بُعيد الموافقة على الطلب مباشرة وهناك منظمات يتم تقديم طلب لنيل عضويتها بعد الموافقة على الطلب مثل محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية مما يُمكن فلسطين من توسيع نطاق نضالها السياسي والدبلوماسي والقانوني في الميدان الدولي , ويساعد في تعرية وكشف الاحتلال الإسرائيلي العنصري الذي لا يزال يحتل أرض دولة عضو في الأمم المتحدة ويُسقط عنه ويُفقده أي شرعية حاول أن يكسبها لنفسه بشكلٍ باطلٍ على مدار سنوات وجوده كقوة احتلال غير شرعي , ويضعه تحت المُساءلة الدولية .

أكد الرئيس "أبو مازن" بأننا في الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية ذاهبون إلى الأمم المتحدة للحصول على عضوية دولة بصفة مُراقب في (29/11/2012م) , وقد قطع الشك باليقين بعد حالة الجدل والنقاش الطويلة والمريرة والضغوطات التي تعرض لها وتعرضت لها القيادة الفلسطينية , وأعلن بأن القرار النهائي هو بالذهاب إلى الأمم المتحدة لرفع مكانة فلسطين إلى دولة مُراقب وهي الخطوة الأولى على طريق تحقيق حقوقنا وثوابتنا الوطنية وإنجاز حق تقرير المصير والاستقلال الوطني الكامل وتجسيد الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

إن المُضيِّ قُدُماً بالذهاب إلى الأمم المتحدة برغم الضغوطات الهائلة والتهديدات السَّافرة والمرفوضة من قِبل الإدارة الأمريكية وعدداً من الدول الأوروبية وعلى سبيل المثال لا الحصر ما حملته وزيرة الخارجية الأمريكية خلال لقائها بالرئيس " أبو مازن " صباح الأربعاء (21/11/2012م) في مقر المقاطعة في رام الله , بأن الذهاب إلى الأمم المتحدة قد يؤدي إلى انهيار السلطة وهدد (ليبرمان) وزير خارجية إسرائيل بأن ذهاب الرئيس " أبو مازن " إلى الأمم المتحدة يُمثل بداية نهايته سياسياً في إشارة واضحة لاستهدافه .

إن هذا الإصرار والتمسك بالطلب الفلسطيني يُجسد إرادة الشعب الفلسطيني المناضل وقيادته الوطنية لبدء مرحلة جديدة من النضال الوطني الفلسطيني على المستويات السياسية والدبلوماسية والقانونية في المجتمع الدولي , لغرض إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية دولياً ووضعها على طاولة المجتمع الدولي وأجندته السياسية لتحمل مسؤولياته الدولية والتاريخية والقانونية تجاه الشعب الفلسطيني وإنهاء حالة الاستفراد الإسرائيلي والأمريكي في حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والذي وصل بالحل إلى طريق مسدود , ومن شأنه أن يُرسخ بداية نهج دولي جديد يعكس إرادة العالم الحر والمُتمدن لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم الذي طال أمده وأرهق كاهل الشعب الفلسطيني .

إن هذا التوجه وهذه المعركة السياسية والدبلوماسية الشرسة التي مورس فيها الضغط والتهديد على الرئيس " أبو مازن " والشعب الفلسطيني , ومورس فيها الإكراه على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لعدم التصويت لصالح طلب عضوية دولة فلسطين بصفة مراقب , إن هذا التغوُّل الأمريكي والإسرائيلي يتطلب أولاً وقبل كل شيء الالتفاف الوطني الفلسطيني من جماهير الشعب الفلسطيني المناضلة وفصائله وقواه السياسيه ومنظمات مجتمعه المدني ومؤسساته ومنابره الإعلامية والدينية , لخلق مناخ وطني فلسطيني سليم يُساهم في خلق وتكوين بيئة عربية قادرة على تكوين رافعة دولية قوية تدفع باتجاه التصويت الساحق لصالح طلب العضوية , حيث أن النضال الوطني الفلسطيني بكافة أشكاله يرفد ويُكمل بعضه بعضاً ويُعزز من صمود الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات , وقد قال الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشريف في معركة الدفاع عن النفس في وجه العدوان والسياسات والإجراءات الإسرائيلية التعسفية قال: بأن هذا الاحتلال وسياساته الإرهابية والعنصرية لم يثنينا عن مواصلة مسيرة الحصول على المكانة التي نستحق بين الأمم وتحت الشمس في هذا الكون الواسع ودوله في الأمم المتحدة .

إن هذا الصمود الفلسطيني الأسطوري على الأرض في الوطن وفي الشتات , وتحقيق النصر وكسب هذه الجولة في المعركة السياسية والدبلوماسية الدولية ورفع مكانة فلسطين إلى دولة مُراقب في الأمم المتحدة يدشن بداية مرحلة جديدة في العمل الوطني الفلسطيني لحشد كل الطاقات والإمكانيات الوطنية لتجلي الإرادة الوطنية المخلصة من كل الوطنيين الشرفاء للعمل يداً بيد وعلى قلب رجل واحد لإنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل في كافة المجالات باعتباره شأناً فلسطينياً داخلياً صرفاً , ويقف في مقدمة الخطوات التي يجب اتخاذها والمباشرة في تنفيذها , البدء الفوري في تنفيذ اتفاق القاهرة بكافة بنوده وخاصة فيما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية , وتطبيق إعلان الدوحة بالمباشرة الفورية في تشكيل حكومة وحدة وطنية واحدة تكون بمستوى إرادة وآمال ومعاناة وتضحيات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات , والإعداد لانتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني للتأسيس لمرحلة جديدة من العمل الوطني المشترك المستند إلى برنامج وطني واحد وإستراتيجية وطنية واحدة لصهر طاقات الشعب الفلسطيني في بوتقة نضالية وسياسية واحدة لانتزاع واسترداد الحق المسلوب وتحرير الأرض المغتصبة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف .

28/11/2012م

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت