وكأن خمر الراحة أسكرهم، فاختاروا الوقوف أمام الكاميرات، أو في مكاتبهم، ليعيدوا صياغة أو تحرير ما يردهم من بيانات، دون التأكد منها، وأسخف من ذلك، تصدير الصحفيين لأخبار جاهزة تأتيهم من مكاتب الفصائل الفلسطينية، وكأنها أخبار تعبوا على جمعها وفحصها، فلا يذيلون أو يستفتحون الخبر بذكر مصدره.
نجحت حماس في خطف الإعلام خلال جولة العنف، ولم يحاول الصحفيون الإفلات، إما مصلحة، أو خشية من بطش بعد اتهام بالتواطؤ.
ببساطة شديدة، جل الإعلاميين اعتمدوا بالكامل على مخرجات المكاتب الإعلامية لحماس وللفصائل الأخرى، ولم ينتهجوا طريقا مستقلا لبث أو نشر الخبر، ففي الثانية الواحدة، كانت تأتي الإعلاميين بيانات عدة تتبنى الفصائل عبرها قصف مناطق داخل إسرائيل، حتى تجاوز رقم الصواريخ والقذائف الفلسطينية رقم ثلاثة الاف خلال ثمانية أيام، وفي كل مرة تذكر الأماكن المستهدفة، علما بأن كثيرا من هذا كذب واستعراض زائف، بيد أن إسرائيل لا تنفي كعادتها، فحبذا لو ادعت الفصائل الفلسطينية إطلاق مليون صاروخ، لأن الصاروخ ليس سوى (ايميل) يرسل، فيفرح به المضللون، وكذلك بسمعته يذبحون، فلا أقل من الرد بصواريخ أف 16 على صواريخ من ايميلات.
أيها الصحفيون: فجأة صارت بضع صواريخ وصلت تل ابيب، مفاجأة كبرى، وأنتم تقرؤون على مدار أعوام، تصريحات إسرائيلية تؤكد امتلاك حماس لصواريخ تصل تل ابيب.
أيها الصحفيون:هل سمح لكم مرة واحدة بتصوير أو توثيق خسائر حماس، أو مخازن الصواريخ والنيران تشتعل فيها، فتكتوي بنيرانها غزة لا تل ابيب.
أيها الصحفيون: رأيتم دماء تسيل، وأحلاما تسحق، فأين الإنسان في تغطيتكم، ولماذا تسترخصون دمه لصالح ترويج الانتصار المزعوم.
أيها الصحفيون: من منكم سأل كم مليون أنفق على الصواريخ، وما جدواها؟
كم منكم تجرأ على نقل استغاثة لعجوز أو طفل، يستصرخ لوقف الموت العبثي؟، والى متى تصرون على اقتطاع أحاديث الناس، لتظهرون غزة وكأنها كائن لا يعرف الوجع، ويحترف النصر؟.
من منكم يفكر ومع نشوة زفاف الانتصار، أن يرصد التبعات النفسية للحرب على كل الشرائح والفئات، وأن يضئ على وهن الناس وضجرها من اللعب في مصائرها على حبال مهرجين يكذبون بمنتهى الصدق؟.
أما أنكم روجتم للانتصار، فلا تنسوا أن تخجلوا بعد أسابيع، حين تعودون لتكرار دعاية حماس الباكية، من استمرار الحصار وضيق الحال، ولن تسألوا حينها أين هو الانتصار.
أما أرامل الشهداء فأنصحكم ألا تراقبوا مسيرتهن حتى ينتهين زوجات للمعددين من الرجال.
لن أطيل عليكم بكثير ما لدي، لمعرفتي بازدحام صندوق بريدكم الالكتروني ببيانات وأخبار جاهزة تأتيكم لنشرها، مع التزامكم بالحفاظ على لقمة العيش.
سلامة عطا الله
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت