زيارة وفد 14 اذار لغزة ودلالاتها

بقلم: عباس الجمعة


اتت زيارة قوى 14 اذار الى غزة بعد الانتصار الذي حققته ، لتضع تساؤلا مهما لانها اولا كانت مفاجئة ، وثانيا لانه ليس المرة الاولى التي تتعرض فيها غزة لعدوان لتحقق انتصار ، وخاصة ان المتضامنين كانوا كثر قبل ذلك ، وان الموقف الفلسطيني واضح كعين الشمس لم يحمل الكثير من التساءولات ، فهو مع موقف لبنان الرسمي والشعبي الموحد، ومع كافة القوى السياسية والحزبية والهيئات الأهلية والاجتماعية اللبنانية، المساندة والداعمة للشعب الفلسطيني ان كان اثناء العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة، اومع ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في الضفة الفلسطينية والقدس الاقداس ، وإن الانتصار الفلسطيني في غزة ، يأتي مع تقارب عقارب الساعة من الاعتراف بدولة فلسطينية غير عضو في الجمعية العامة للامم المتحدة هو انتصار لكل العرب والمسلمين والأحرار في العالم ، وإن هذا الانتصارات تضع حداً لكل مشاريع إسقاط حق العودة والتوطين وخلق البدائل او الوطن البديل .
ان زيارة وفد من قوى 14 آذار الى غزة، تؤكد على رسم الديكور من بعد تطويع المقاومة وجعلها في الحضن غير المحتضِن لها، والعنوان هو التضامن مع اهل غزة، لكن الأمر الحقيقي هو التضامن مع الهدنة، لان من كان ينتقد طائرة أيوب والمقاومة في لبنان التي حققت الانتصارات، ومن يوازن بين العدوان الإسرائيلي على المقدسات وعلى فلسطين وبين الأحداث في المنطقة، لم يعد يقنعنا بالزيارة التجميلية الى غزة.
ونحن نعتبر ان هذه الزيارة من قبل فريق 14 اذار وخاصة بوجود ممثل القوات اللبنانية يؤكد انها اتت بناء لرغبة الإرادة الدولية بعدما طلب منهم الذهاب الى غزة، وليؤكدوا ان سمير جعجع اخطأ في العام 1982 وهو يريد ان يغفر عن ذنوبه ، وان المقاومة في لبنان ليست وحدها من يؤمن بالقضية العربية والقضية الفلسطينية.
فهؤلاء الذين تآمر جلهم على المقاومة ، هم انفسهم اليوم تصيبهم "نخوة" التضامن مع أهلنا في غزة، رغم أن اسيادههم معروفون وان احدهم قد أطلق مصطلح "العرب النعاج" بعدما كان قد أطلق في السنوات الماضية نظرية "التسول والتوسل" أمام الغرب.. هؤلاء النواب حلفاء صاحب نظرية النعاج، أمس وطأت أقدامهم أرض غزّة الصمود في حركة أشبه بلعبة الدومينو التي لا يتقنها إلا المقامرون بمصالح بلادهم وشعوبهم.
ان فكرة دعم المقاومة موقف رائع، ولكن إن كان هذا الدعم يشمل حركات المقاومة في العالم فهو أروع، فكيف تدعمون المقاومة في غزّة وتلعنوها في لبنان والعدو واحد، أليس من يحاصر غزة هو نفسه من يحتل تلال كفرشوبا ومزارع شبعا وينتهك الأراضي اللبنانية ويخرق سماءها في كل يوم، ويحتل اراضي الجولان العربي السوري.
ان التضامن مع الشعب الفلسطيني يجب ان يكون في اعطاء الحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية للشعب الفلسطيني في لبنان وحق التملك واعادة اعمار مخيم نهر البارد ، حتى تكونوا فعلا انكم متضامنين مع الشعب الفلسطيني .
اما اذا كانت زيارتكم لغزة هي من اجل مباركتها على الهدنة طويلة الأمد قد تكون النتيجة الوحيدة للمواجهة الأخيرة، والظروف الإقليمية وموقع الإسلاميين فيها يساعدان على تحفيز هذا الخيار بالطبع، لكن المعضلة أن هذا الخيار سيكون ضربة للنضال الفلسطيني اذ لم يكن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة وخاصة بمحاربة التطبيع والتجويع، وذلك أضعف الإيمان ، بعد ان رأينا ان انتفاضات الربيع العربي في عدوان غزة لم تتجه نحو فلسطين ، وهذا يتطلب من القوى الحية في الاحزاب والقوى الثورية العربية ان تقدم البديل العقلاني لثقافة تعددية وعقلانية منفتحة وذات طابع إنساني ترفض كل اشكال النزاعات الدموية الجارية في المنطقة،وتؤسس لحداثة عربية سليمة ،تحميها ديموقراطية حقيقية وتبنيها مقولات ثقافة التغيير الجذري والشامل وتدعم المقاومة ، على أن تنتسب إلى عولمة ثقافية أكثر إنسانية من عولمة القطب الأميركي الواحد المعادي لإردة الشعوب العربية والمنحاز دوما إلى جانب العنصرية الإسرائيلية.
وامام كل ذلك نأمل ان يكون موقف النائب جمال الجراح رئيس الوفد وممثل تيار المستقبل الذي اكد ان انصياع العدو لشروط المقاومة يعتبر نصرا مؤزرا وتراجعا في استراتيجية العدو، متابعا "هذا يقربنا أكثر فأكثر من النصر على الصهيونية وتحرير كل الأراضي العربية المحتلة من قبل الكيان الزائل لا محالة ، لافتا الى تضامن كافة الكتل البرلمانية اللبنانية مع شعب فلسطين وقضيته وتأييد الشعب اللبناني للموقف الفلسطيني وثوابته وحقوقه الوطنية ، نابع من ارادة قوى 14 اذار اولا مجتمعة ، وهذا يحذونا الى امل ان قوى 14 اذار حاضنة للمقاومة في لبنان وفلسطين .
ولهذا نؤكد ان أصالة الشعب اللبناني الشقيق وتضامنه بكل مكوناته مع شعبنا الفلسطيني، يؤكد على موقف لبنان الرسمي والشعبي بدعم القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية ، وان قضية فلسطين والموقف منها اساساً يجب ان ينبع من موقف مواجه للمخطط الاميركي الصهيوني ، فهل فعلا ان وفد 14 اذار اعلن استعداده لذلك واكد على دعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته.
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت