الرئيس " أبو مازن" إلى غزة بعد الأمم المتحدة

بقلم: دياب اللوح


الناس في غزة يأملون ويطالبون الرئيس " أبو مازن " أن يشدَ الرحال ويأتي إلى غزة بعد انتهاء جولة الأمم المتحدة وتحقيقه إنجازاً وانتصاراً سياسياً في أروقة الأمم المتحدة بحصول الشعب الفلسطيني على عضوية دولة بصفة مُراقب في المنظمة الدولية , لكي يتعانق هذا الانتصار السياسي – الدبلوماسي الرائع مع انتصار الشعب الفلسطيني المُناضل ومقاومته الباسلة في غزة وإعادة رسم لوحة جديدة تعكس وجهاً مشرقاً للشعب الفلسطيني وحضارته وثقافته العريقة .

إن قدوم الرئيس "أبو مازن" إلى غزة بات ضرورة وطنية وحاجة مُلِّحة أكثر من أية وقت مضى لترجمة الأقوال الجميلة التي سمعناها بعد تحقيق هذا الانتصار في غزة وتوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم المُسمى (عمود السماء) وما سطرته غزة من صمود أسطوري وملحمة بطولية في الدفاع عن النفس والتصدي للعدوان , لترجمة الأقوال الجميلة حول إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية والمجتمعية الشاملة إلى أفعال وتحويلها إلى حقائق ملموسة على أرض الواقع , وإعادة إحياء ثقة المواطن الفلسطيني في مصداقية الموقف الرسمي للقيادة وخاصة طرفا الانقسام , فلقد ملَّ المواطن من سماع الأقوال غير المقرونة بالأفعال , وحان الوقت للإستفادة من المناخ الوطني الوحدوي الناشىء بُعيد العدوان لوضع اتفاقات المصالحة موضع التنفيذ بعد طول انتظار لأسباب مُعطلة كثيرة .

إن الظروف الموضوعية الناجمة بعد حرب الثمانية أيام على غزة تتطلب قدوم الرئيس " أبو مازن" إلى غزة بحكم مسؤولياته التاريخية والوطنية والدستورية كرئيس للشعب الفلسطيني والمسؤول الأول وطنياً ودستورياً لرعاية مصالحه وصيانة حقوقه ومعالجة تناقضاته الداخلية عبر الحوار الديمقراطي المباشر وبشكل سلمي لحقن دماء أبناء الشعب الفلسطيني , وطي صفحة ومرحلة الانقسام البغيض الذي أرهق كاهل الشعب الفلسطيني ومزَّق وحدته , ولترتيب البيت الفلسطيني من الداخل على كافة الصُعد , وإعادة الإعتبار والاحترام للتقاليد الوطنية العريقة داخل البيت الفلسطيني وداخل المؤسسة الفلسطينية لتنمية الثقة وتعزيز التعاون وتعميق الشراكة الوطنية والسياسية بين أقطاب الكل الوطني , ولبلورة الإجماع الوطني وتجلي الإرادة السياسية والوطنية العليا القادرة على بث الروح الوطنية والأخوية بين الأخوة والأشقاء أبناء الشعب الواحد والقضية الواحدة .

من الأهمية والضرورة الوطنية بمكان أن تكون سلسلة من الخطوات المتزامنة وعلى التوازي بعد وصول الرئيس " أبو مازن " إلى غزة , وفي مقدمتها الإعلان بشكلٍ رسمي عن إنهاء ووأد الانقسام البغيض وانطلاق عربة المصالحة , والمباشرة في تطبيق اتفاق القاهرة كاملاً وبدء كافة اللجان المُنبثقة عنه أعمالها وخاصة لجنة منظمة التحرير الفلسطينية ولجنة المصالحة المجتمعية والأهلية ولجنة الحريات , واستئناف اجتماعات الإطار القيادي المُؤقت للمنظمة , وكذلك المُباشرة وبالتوازي بالعمل على تنفيذ إعلان الدوحة وتشكيل حكومة وطنية فلسطينية برئاسة الرئيس " أبو مازن " كما تمَّ الإتفاق عليه والتي بدورها تتولى كافة مهام ترتيب الشأن الفلسطيني الداخلي ووضع الأولويات على الأجندة الوطنية ومن بينها الإعداد الجيد للانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات أعضاء المجلس الوطني لتكريس النهج والممارسة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطات في المجتمع الفلسطيني .

الناس والمواطنون والأهالي وأبناء قطاع غزة كانوا يأملون ويتوقعون أن يأتي الرئيس " أبو مازن " إلى غزة خلال أيام العدوان , لما لذلك من تأييد وانعكاس إيجابي لإنجاح كافة المساعي التي بُذِلت منذ الأيام الأولى لحملة (عمود السماء) , ومازال هذا الأمل يُراود أبناء قطاع غزة الذين يرون في هذه الخطوة الهامة في حالة حدوثها وإتمامها حدثاً تاريخياً هاماً من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في الواقع والحياة الفلسطينية ليس في قطاع غزة فقط وإنما على المستوى الفلسطيني بشكلٍ عام لأنها سوف تعمل على إنهاء الإنقسام وتحقيق المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية وإعادة الاعتبار للوطنية الفلسطينية التي لحِق ما لحِق بها على مدار سنوات الانقسام , ومن شأنها أن تُوحد الأداء الفلسطيني وتُصهر الطاقات الفلسطينية في بوتقة واحدة نحو تحقيق الإنجاز الوطني والسياسي الأكبر وتجسيد إعلان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف على الأرض وفي الواقع السياسي جنباً إلى جنب مع دول المنطقة والعالم وأن تكون دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة .

غزة بانتظار الرئيس " أبو مازن " من أجل بناء غدٍ واعدٍ مُشرق مفعم بالأمل والثقة والنصر والدولة , وازدهار الربيع الفلسطيني في بستان الوحدة الوطنية والعمل الوطني المشترك .



29/11/2012م

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت