فلسطين دولة محتلة ...

بقلم: هاني العقاد


بعد منتصف ليل الخميس 29 من نوفمبر و في ذكري اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني و كفاحه الذي أعلنته الأمم المتحدة في العام 1977 و في الذكري ال 64 لقرار التقسيم 181 القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين واحدة للفلسطينيين و أخرى للإسرائيليين , في هذا اليوم قال العالم نعم لدولة فلسطين , قال العالم كلمة كانت قاسية على المحتل فلم يتوقع هذا المحتل أن يتم تعريفة دوليا كدولة احتلال وأخر كيان بالعالم يمارس الاحتلال ويستخدم القوة لاستغلال الشعب المحتل واستغلال طاقاته البشرية والاقتصادية لصالح مخططات الاحتلال ذاتها , في هذا اليوم قال العالم الحر للمحتل آنت محتل غاشم وعليك البحث عن سلام يعطي الحرية والسلام للشعب المحتل , في هذا اليوم أصبحت لفلسطينيين دولة لها كامل الحقوق السياسية و الاقتصادية والمدنية التي أقرتها القوانين والشرائع الدولية ,و لها الحق في مقاومة الاحتلال الجاثم على أرضها منذ أكثر من خمس وستون عاما , في هذا اليوم أصبح للفلسطينيين دولة على ترابهم الوطني وحقوقها الآن أصبحت غير قابلة للتصريف أو التحوير أو الإنقاص , في هذا اليوم نام كل فلسطيني وهو يعلم أن حلمة بدأ يتحقق , وسيتحقق في دولة مستقلة عاصمتها القدس , فما هي إلا البداية وطريق المعركة بدأ و علينا كفلسطينيين أن نجهز لها بوحدتنا و قوتنا و إصرارنا و تماسكنا لان أكثر من ثلثي العالم أعلن انه سيكافح مع الشعب الفلسطيني جنبا إلى جنب لتحقيق الاستقلال و طرد الاحتلال .
أن تصويت 138 دولة لصالح قرار يمنح فلسطين دولة عضو مراقب بالأمم المتحدة يعنى لنا أن العالم يكره الاحتلال و يكره من يمارسه و يقف صفا قويا إلى جانب الحق الفلسطيني ,حقه في دولة ذات سيادة معترف بها قابلة للعيش بسلام متساوي, وان حصول فلسطين على دولة مراقب يعتبر اليوم نصرا تاريخيا طال وتأخر كثيرا, و هذا يعنى أن فلسطين من الآن ستصبح عضوا في كافة منظمات الأمم المتحدة بعد الطلب رسميا من كافة المنظمات المنبثقة عن الأمم المتحدة بالانضمام إليها ,كما أن تصويت العالم لصالح العضوية يكفل لها أن تكون طرفا في المعاهدات الدولية بما في ذلك معاهدات جنيف الربعة، و نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، ومعاهدة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة, وان تصويت الأمم المتحدة لصالح قرار اعتبار فلسطين دولة مراقب بالأمم المتحدة يعنى أن الأمم المتحدة أصبحت ملزمة بالسعي الحقيقي والجاد لإنفاذ قراراتها بخصوص فلسطين وأهمها 181و 194 ,242و 338و و القرارات المتعلقة بالقدس ومنها قرار رقم 185 و قرار رقم 251 و قرار رقم 252 و 267 والعديد من القرارات الأخرى, وعلى الهيئات والسلطات المسئولة أن تعمل على تحقيق كافة البنود الواردة بهذه القرارات وإلا فان الأمم المتحدة عليها مخاطبة مجلس الآمن لاتخاذ الإجراءات الضرورية بحق من يعطل تنفيذ القرارات الدولية , و لعل هذا يلقي بمسؤولية تاريخية على عاتق الأمم المتحدة تجاه حل الصراع على أساس شرعي وقانوني وعلى أساس يضمن إنفاذ القرارات الدولية بالإضافة للتفاهمات و المعاهدات التي تم توقيعها بين الطرفين خلال المرحلة السابقة و بالتالي فان أي حل للصراع سيكون على أساس قرارات الأمم المتحدة .
إن هذا النصر التاريخي والاستراتيجي الذي سجله الرئيس محمود عباس و قيادة منظمة التحرير وضع فلسطين على خارطة العالم وكان بمثابة شهادة ميلاد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس , وجعل المحتل وعصبته يفكروا مليا من الآن فصاعدا في وضعهم العدائي للسلام ,فلم تعد الشعوب تقبل بقائها غبية كما تتعامل معها إسرائيل وهذا ما كان واضحا من كلمة مندوب كندا وإسرائيل عندما قالا للجمعية العمومية للأمم المتحدة أن منح فلسطين عضوية يعيق السلام في المنطقة و كان السلام في فلسطين كان اقرب من باب الأمم المتحدة , لهذا فان العالم أصبح يدرك أن إسرائيل دولة متطرفة محتلة كاذبة تستخدم تعاطف العالم لتمارس احتلالها وسرقة ارض الفلسطينيين ,و من هذا المنطلق فإننا ندرك أهمية وقفة العالم مع الشعب الفلسطيني في معركته الحالية و التي سيتمخض عنها إنهاء كامل لكل أشكال الاحتلال في فلسطين و رضوخ إسرائيل للإرادة الدولية لتطبق قرارات الأمم المتحدة و أولها 181 و 194و القاضي بحق اللاجئين بالعودة إلى بلادهم وقراهم ومزارعهم التي طردوا منها بفعل القوة العسكرية الاحتلالية .
منذ هذا التاريخ فان العالم أصبح مسئولا مسئولية أخلاقية وأدبية وقانونية عن مأساة فلسطين وأدرك أن اللحظة قد حانت لتصحيح خطأ تاريخي مازالت أمريكا وبريطانيا ومن لف لفيفهم تصر عليه , و أصبح العالم مطالبا بتجسيد هذا الاستحقاق التاريخي لشعب فلسطين في دولة بالتساوي مع الكيان الإسرائيلي على تلك الأرض التي حرم منها عقود من الزمان , و مع هذا كله فان الأمم المتحدة أثبتت أن وجهها أبيض وأعادت شرعيتها أمام الشعوب المقهورة والمحتلة , و أثبتت أن الاحتلال ومن سانده بقرارات البقاء ككيان احتلالي اسود قاتل ,وأصبحت الأمم المتحدة الآن في اختبار حقيقي وتاريخي لتبرهن أنها تستطيع إلزام العالم بتطبيق قراراتها بشأن فلسطين دون تحوير ودون نقص أو تأخير لينتشر السلم و الأمن والاستقرار في كافة أرجاء المنطقة العربية وتعيش الشعوب في أجواء تفاهم ونمو وتعاون شاملين

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت