ان النجاح الفلسطيني داخل الجمعية العامة للامم المتحدة سيجعل الموقف الأمريكي أكثر إحراجا امام العالم ، وهو بكل تأكيد خطوة على طريق النضال من اجل ان تكون فلسطين عضو كامل في الجمعية العامة ، وبذلك فإن أهمية القرار تكمن في اعتباره يلزم المجتمع الدولي بالتدخل من اجل وقف محاولات التهويد التي تتعرض له القدس والاستيطان الذي يلهم الارض باعتبار ان دولة فلسطين دولة تحت الاحتلال .
لقد أصر االرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية على تذكير العالم بالحق الفلسطيني الذي يقع عاتق الأمم المتحدة والقوى الدولية التي لا تزال تصر على التخندق في الخندق الموالي والمناصر لأبشع احتلال عرفه التاريخ البشري، وآخر احتلال يجثم على صدر شعب منذ ما يزيد على خمسة وستين عاما، احتلال صهيوني غاشم سرق الأرض وقتل من شعبها ما قتل، وهجر منهم ما هجرَ ولا يزال، ويعمل جاهدا مسنودا بالقوى الدولية التي تتشدق بالديمقراطية والحرية وحفظ حقوق الإنسان، على طمس قضية شعب ذي جذور راسخة على امتداد التاريخ، شعب أصيل متأصل في أرضه، وليس شعبا طارئا أو جلب من بقاع العالم، أو قطعانا تم تجميعها في شتات أوروبا وأميركا وغيرهما.
ان انتصار فلسطين الدبلوماسي بصفة دولة غير عضو هو خطوة سياسية فلسطينية بالغة الأهمية، فهو من الناحية الفعلية، إشهار إفلاس طريق التفاوض مع كيان الاحتلال، حتى لو قيل إنه سيسهّل العودة إلى طاولة المفاوضات، كما أنه يوجه ضربة معنوية وديبلوماسية هائلة لحكومات الاحتلال المتعاقبة التي أجهضت نفسها في محاولات منع الفلسطينيين من امتلاك هذه اللحظة. فالقرار الدولي يعني عملياً أن العالم يقر لفلسطين بحقها على ما تبقى من أرضها التاريخية في حدود العام 1967 وأن هذه الأرض ليس متنازعاً عليها.
أن التضامن مع الشعب الفلسطيني اصبح واجب وضرورة وطنية وقومية بخاصة في ظل المستجدات والمتغيرات التي تعصف بالقضية الفلسطينية ، وخاصة في ظل إصرار العدو الصهيوني على تنفيذ خططه ومخططاته التوسعية ضاربا عرض الحائط بالقانون الدولي، وتجسيده الوقائع على الأرض ليعمل على استحالة إقامة الدولة الفلسطينية المتواصلة جغرافيا، بعدما حوّل الأرض المحتلة الى جزر معزولة على غرار نظام “الابرتهايد” العنصري في جنوب افريقيا.
ان انتصار الطلب الفلسطيني بغالبية أصوات الجمعية العامة ،وتحوّل فلسطين الى دولة غير عضو ، يجب استثماره بشكل جيد وخاصة ان تجربة المفاوضات، قد فشلت طوال 20 عاماً، ، وكون فلسطين دولة تحت الاحتلال علينا النضال من اجل مواصلة مسيرة النضال الدبلوماسي لعقد مؤتمر دولي ، من اجل متابعة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وهو يشكل مصداقية عالية، في حال انعقاده، بعد ان اصبحت فلسطين عضواً في المجتمع الدولي، لها حقوق أي دولة، وخاصةانها دولة تحت الاحتلال ، ومن حق دولة فلسطين اللجوء للمحاكم الدولية، ومنها محكمة لاهاي، ومحكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية للبحث في اغتيال الرئيس الشهيد ياسر عرفات ولتقديم قضايا عدة، ابرزها قضايا الاغتيال السياسي،
ان الشعب الفلسطيني باصراراه على رفع صوته انما يؤسس لمرحلة جديدة من النضال، تبدأ من حيث بدأ إقرار تقسيم وطنه فلسطين، وبدء الاحتلال الصهيوني العد التنازلي لتصفية فلسطين التاريخية، واضعا العالم الحرمن اجل اثبات حريته وفق ما تكفله المبادئ والقيم والشرائع السماوية والقوانين الدولية.
إن هذه المرحلة الجديدة من عمر نضال شعبنا المستمر منذ ما يزيد على خمسة وستين عاما، اكدت على التمسك بنهج الرئيس الشهيد ياسر عرفات والقادة الشهداء جورج حبش وابو العباس وابو علي مصطفى والشيخ احمد ياسين والشقاقي وطلعت يعقوب وسمير غوشه وبشير البرغوثي وابو احمد حلب وعمر القاسم وعبد الرحيم احمد وزهير محسن وجهاد جبريل وكل الشهداء بأن الطريق إلى فلسطين لم تعد الا باستعمال كافة وسائل الكفاح حتى لا تبقى مضيعة للوقت بمفاوضات حاول الاحتلال استغلالها بالتغيير الجغرافي والديمغرافي على الأرض، والظلم والعدوان.
وفي ظل هذا الانتصار لا بد من التأكيد إن حقوق الشعوب لا تسقط بالتقادم أو مع مرور الزمن، ولا يمكن شطبها أو تصفيتها أو القضاء عليها مهما بلغ العدو من قوة وجبروت وارتكاب للمجازر والجرائم كما حصل مؤخرا في غزة، و أن هذه المجازر والجرائم لن تزيد الشعب الفلسطيني إلا تصميما وتمسكا بحقوقه المشروعة وفي مقدمتها حق العودة الى دياره وحقه في استعادة ارضه من خلال تطوير كافة اشكال النضال بمواجهة الأحتلال.
إن استثمار الانتصار الفلسطيني بقبول فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة وانتصار غزة يكون بالدعوة الفورية لكافة الفصائل والقوى الفلسطينية لرسم استراتيجية جديدة لمواجهة التحديات و الاتفاق على خطوط تفصيلية ضرورية لمواجهة المرحلة تتجسد بدءا بإنهاء الآنقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية ، ومشروعها الوطني، باعتبارها الاطار الوطني الجامع المعبر عن وحدة الشعب الفلسطيني، وقيادة لحركة تحرر وطني تناضل من أجل طرد الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال والعودة .
وامام ذلك اقول مهما اختلفنا في تقييم المرحلة فلا ينبغي أن نستهين بهذا المكسب الدبلوماسي الذي تحقق بالاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب وهي خطوة في اتجاه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
ختاما لا بد من القول يجب علينا استخلاص الدروس ، والاستفادة من المناخات التي وفرها التعاطف الدولي، وذلك من خلال تطبيق اليات اتفاق المصالحة و استعادة الوحدة الوطنية على قاعدة التمسك بالثوابت الوطنية وحق شعبنا في مواجهة الاحتلال بكل الأشكال المتاحة وهذا يتطلب المزيد من الأدوات السياسية والقانونية الدولية، ويعزز من أهمية تعزيز كافة اشكال النضال من أجل إنهاء الاحتلال وتحرير أراضي دولة فلسطين.
عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت