بعد 65 عاما , على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ( 181) , الذي ينص إلى تقسم فلسطين التاريخية إلى دولتين " عربية ويهودية , أي فلسطين وإسرائيل , , وهو نفس اليوم الذي أعلنته الأمم المتحدة يوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني اعتبارا من العام 2003 , توجه الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) إلى الأمم المتحدة , لطلب عضوية فلسطين كدولة " غير عضو " كمراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة , وبعد خطاب تاريخي للرئيس أبو مازن , تم التصويت بتمرير القرار , حيث تمت الموافقة عليه بأغلبية ساحقة , بلغت 138 صوتا , بينما امتنع عن التصويت 41 دولة , فيما لم يعترض على القرار سوى تسع دول فقط , فإلى جانب خمس دول هي الولايات المتحدة واسرائيل طبعا , وكندا وبنما والتشيك, دون معرفة لهذا العداء للشعب الفلسطيني من هذه الدول الثلاث الأخيرة , ظهرت أسماء أربع دول مجهولة الهوية والمكان هي : ميكرونيزيا, جزر المارشال , بالاو , وناورو. وعند محاولتي التعرف على هذه الدول الأخيرة , تنبن أنها جزر متفرقة تتبعثر في المحيط الهادي , وهي شبه مستوطنات تابعة للولايات المتحدة الاميركية , لا يتجاوز عدد سكانها بضعة آلاف .
في هذا اليوم ولثالث مرة تصوت دويلة " ميكرونيزيا " ضد قرارات لصالح الشعب , أولها كان عام 2002 بإدانة مجازر قوات الاحتلال الاسرائيلي في المجازر التي ارتكبتها في مخيم جنين في العملية التي أطلقت عليها اسرائيل " الجدار الواقي " عند اجتياحها للضفة الغربية , والمرة الثانية في قرار يدين الاستيطان اليهودي في القدس العربية المحتلة , فمن هي دويلة " ميكرونيزيا" هذه .
أنا شخصياً لم أكن أسمع من قبل عن هذا البلد الذي يدعى " ميكرونيزيا " قبل وقوفها إلى جانب أميركا واسرائيل عام 2002 , يومها فقط قررت البحث عن هذه الدويلة , ولكن لم تسعفني كل أطالس الجغرافيا الموجودة في مكتباتنا المدرسية والجامعية والخاصة ، في اكتشاف هذا البلد " الميكروسكوبي" رغم استعانتي بجميع النظارات الطبية المتوفرة لدي .
وقد أصبت " بالحول " و" الدوار " وأنا أقلب صفحات الأطالس والموسوعات ، وقررت الاستعانة أخيرا بـ " ميكروسكوب " الحشرات المهجرية للبحث عن هذا البلد " المجهري " الذي تقول الروايات الإسرائيلية أنه خلق عام 1986 , واستمرت بعد ذلك تحت الوصاية الاميركية حتى العام 1990 , في منطقة " عديمة المكان " تقع بين قارتي آسيا وأستراليا ، في بحر مظلم شرقي دولة الفلبين ، حيث برزت عدة " نتوءات " صخرية ورملية بفعل بركان غاضب ضرب المنطقة منذ مئات السنين ، اكتشفها طيار أميركي أثناء الحرب العالمية الثانية .. كانت هذه النتوءات أو الجزر الصغيرة تبدو له من على بعد آلاف الأقدام من الجو على شكل مخلوقات ميكروسكوبية تطفو على سطح البحر المحيط ، وأطلق على هذه الجزر اسم " الميكرو " نسبة لصغر حجمها ، صاحبنا الأميركي مكتشف هذه الجزر اكتشفنا أنه طيار يهودي في الجيش الأميركي يدعى شموئيل نيزيا ، ومن يومها أصبح هذا الأرخبيل يسمى " ميكرو – نيزيا" , وقد كوفئ هذا الطيار على اكتشافه بتعيينه حاكما أميركيا على هذا البلد الميكروسكوبي ، وعندما وصل الحاكم بأمر أميركا الى هذا الأرخبيل من الجزر، وجد على هذه الأرض قوما احرقتهم شمس خط الاستواء ، لا تستر عوراتهم سوى أوراق الشجر ، يعيشون حياة بدائية في غابات متناثرة على اراضي الأرخبيل ويعتمدون على صيد الحيوانات والسمك .
وقرر السيد الأميركي غزو هذا البلد المجهري لإقامة قواعد عسكرية له بحرية وبرية وجوية ، وبذلك أصبحت " ميكرونيزيا" أول مستعمرة أميركية في القرن العشرين بعد حرب استمرت لنصف ساعة ، أعلنت فيها القبائل التسع التي تسكن الأرخبيل عن تعيين شموئيل نيزيا ملكا عليها في احتفال دقت فيه الطبول وتعرى فيه الحضور حتى من ورقة التوت .
ومن يومها أصبحت ميكرونيزيا او " الولايات المتحدة الميكرونيزية " , جزءا من إمبراطورية الولايات المتحدة الأميركية ، وأصبحت الولاية رقم 53 , بعد إسرائيل طبعا في خارطة الولايات المتحدة الأميركية الحديثة .
وبعد هذا الاكتشاف الميكروسكوبي ، فإنني لا ألوم أو "أعارض" تصويت البلد المجهري ومعارضته للقرارات الأممية الخاص بإدانة جرائم الاحتلال الاسرائيلي , أو إدانة الاستيطان اليهودي في القدس المحتلة , وأخير الوقوف ضد قبول فلسطين كدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة ، وإنما ألوم النظام الدولي للأمم المتحدة الذي سمح لمثل هذا البلد المجهول بالحصول على مقعد في الجمعية العامة للأمم المتحدة رغم عدم معرفة أهل هذا البلد بأنهم أصبحوا دولة على خارطة الكرة الأرضية ، فهذا الأرخبيل الذي تقول آخر الاحصاءات , ان تعداد سكانه يبلغ مائة ألف نسمة , هم في الحقيقية بحجم سكان مخيم " عين الحلوة " بجنوب لبنان ، أو بعدد سكان أصغر من سكان مخيم في قطاع غزة , أو أصغر مدينة الضفة الغربية .
أرجو أن أكون بهذه المعلومات التي أقدمها عن جغرافية هذا البلد "الميكروسكوبي" قد أفدتُ جمهور القراء ببعض المعرفة التي لولا تصويت " ميكرونيزيا " ضد الإجماع الدولي في القضايا التي تخص فلسطين في الأمم المتحدة ، لما أمكنني التوصل اليها بعد عناء وطول ، وعذرا اذا كانت اطلالتي على الموضوع من عدسة الميكروسكوب وليس من منظار السيد الأميركي ، فهذا البلد المجهري أصغر من أن نطل عليه للقراء حتى من خلال هذا المقال ، وأجبرونا على النظر اليه من أصغر مجهر الكتروني توصلت لاكتشافه الصناعات العلمية الأميركية , ومن الغريب أن يكون هذا البلد المجهول عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة , بينما فلسطين التي تضرب بتاريخها وجذورها منذ آلاف السنين في هذه الأرض , دولة " غير عضو" , تعترض عليها ميكرونيزيا .
وأخيرا فإنني أخشى أن تصبح " ميكرونيزيا " بعد هذه المواقف العظيمة , دولة عظمى وتطالب الأمم المتحدة بأحقية اختيارها كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن ، ويصبح كاتب هذه الكلمات مطلوبا لرجال " الانتربول " والأمن الأميركي والإسرائيلي والميكرونيزي , بتهمة القدح في المقامات "العظمى " والتحريض على الإرهاب .
ملاحظة : بعض المعلومات الواردة في هذا المقال من وحي خيال الكاتب بهدف السخرية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت