غزة- وكالة قدس نت للأنباء
أكد مركز أسرى فلسطين للدراسات بان الاحتلال يحتجز في سجونه 36 أسيراً فلسطينياً يعانون من الإعاقة بأشكالها المتعددة في سجون الاحتلال سواء كانت هذه الإعاقات جسدية أو نفسية، ولا يقدم لهم أى علاج يناسب حالتهم المرضية أو يوفر لهم أجهزة مساعدة كالكراسي المتحركة أو العكاكيز وغيرها من الأدوات التي تساعدهم على الحركة ، مما يعرضهم للموت البطئ في سجون الاحتلال نظراً لإهمال علاجهم بشكل مستمر .
وأوضح مدير المركز الباحث رياض الأشقر في تقرير أصدره المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعاق الذي يوافق الثالث من كانون أول/ ديسمبر من كل عام أن الاحتلال لم يتورع عن اختطاف المعاقين من بيوتهم أو من الشوارع، ومن أماكن العمل، ويزج بهم في ظروف التحقيق القاسية دون مراعاة لظروفهم الخاصة ، الأمر الذي يفاقم معاناتهم ويضاعف إصابتهم بالأمراض .
اختطاف المعاقين
وبين الأشقر أن من المواطنين الذين اختطفوا وهم يعانون من الاعاقة الأسير "ناهض فرج الأقرع " من غزة حينما كان عائدا رحلة علاج في الأردن عن معبر الكرامة، ،ويعانى من بتر ساقه الأيمن من أعلاه و تهتك بالعظام في ساقه الأيسر المهدد بالبتر أيضاً ويرقد على كرسي متحرك، وعلى الرغم من ذلك اخضع لتعذيب قاسي، وحكمت عليه إحدى المحاكم الإسرائيلية بالسجن المؤبد 3 مرات، والأسير" خالد الشاويش" من رام الله المحكوم عشر مؤبدات يعاني من الشلل النصفي، والأسير المقعد منصور موقدة ( 44 عاما) من سكان الزاوية قضاء سلفيت، ومعتقل منذ يوليو/ تموز 2002 ومحكوم بالسجن المؤبد، ويقبع منذ عشر سنوات في مستشفى سجن الرملة الاسرائيلي، وخلال اعتقاله اشتبك مع الجيش مما أدى إلى إصابته بثلاث رصاصات في بطنه وفي ظهره وحوضه، وفور الإصابة انفجر بطنه وخرجت كل أعضاءه إلى الخارج، وبعد الإصابة وضع الأسير موقدة في مستشفى بلنسون الإسرائيلي لمدة 30 يوما في غرفة الإنعاش، وأدت هذه الإصابات إلى شلل نصفي في الجزء السفلي من جسمه ويتحرك الأسير على كرسي متحرك داخل السجن.
معاقين بسبب التعذيب
وأشار الأشقر إلى أن هناك من الأسرى من أصيبوا بإعاقات نتيجة ممارسة وسائل التعذيب القاسية والمحرمة ومنهم على سيبل المثال الأسير لؤي ساطي الأشقر (35 عاماً) من طولكرم، وهو شقيق شهيد الحركة الأسيرة محمد الأشقر الذي استشهد نتيجة إطلاق النار عليه بشكل مباشر في العام 2007 بعد اقتحام سجن النقب، وكان قد اعتقل في شهر نيسان من العام 2005، وتعرض حينها لتحقيق قاس باستخدام كل أشكال التعذيب في مركز توقيف وتحقيق الجلمة، حيث فقد الوعي خلال جولات التحقيق، ولم يسمح له خلال الأربعة أيام الأولى من قضاء حاجته، وكانوا يجلسونه على كرسي صغير حاد الأطراف لعدة أيام، وكان المحقق يجلس على صدره بكل ثقله، الأمر الذي تسبب له بشلل تام في رجله اليسرى، نتيجة ضغط إطراف الكرسي الحادة على أعصاب القدم ، وقد أطلق الاحتلال سراحه بعد 3 سنوات ، وأعاد الاحتلال اعتقاله مرة أخرى رغم إصابته بالشلل في ساقه، في شهر نيسان من العام 2008 وحكم عليه الاحتلال بالسجن لمدة 11 شهراً، وحين انتهائها رفضت مصلحة السجون الإفراج عنه وحولته للاعتقال الإداري واستمر اعتقاله لمدة 29 شهراً متتالية، وأفرج عنه في آب 2010، ليعيد الاحتلال اعتقاله مرة أخرى في سبتمبر من العام الحالي بعد اقتحام منزله وتفتيشه في بلدة صيدا قضاء طولكرم.
وكذلك الأسير" نادر عبد القادر مسالمة (45عامًا) من الخليل والذي أصيب بشلل نصفى نتيجة التعذيب الوحشي الذي تعرض له خلال فترة التحقيق ، حيث تعرض لضرب شديد على العمود الفقري أدى إلى شلل في رجليه ،وكذلك تعرضه للإهمال الطبي خلال فترة اعتقاله، وكان يستخدم كرسي متحرك في تنقلاته، ولا يستطيع المشي على رجليه ، وقد أطلق سراحه ، بعد أن أمضى في سجون الاحتلال 7 سنوات، وأعاد الاحتلال اعتقاله مرة أخرى لمدة 20 شهر بشكل ادارى وقد أفرج عنه قبل 4 أشهر فقط .
إهمال طبي متعمد
وأفاد الأشقر أن مئات الأسرى الفلسطينيين يواجهون مشكلة في أوضاعهم الصحية نظراً لتردى ظروف احتجازهم في السجون الإسرائيلية، فخلال فترة التحقيق يحتجز المعتقلون في زنازين ضيقة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الصحة العامة،و يتعرضون لسوء المعاملة ، والضرب والتعذيب، والإرهاق النفسي والعصبي ، كذلك تعانى السجون من افتقارها إلى الطواقم الطبية المتخصصة، وهناك بعض السجون لا يوجد بها طبيب، لذا ينتظر الأسرى فترات طويلة ليتم عرضهم على طبيب متخصص.
كما أن العشرات من المعتقلين الذين اجمع الأطباء على خطورة حالتهم الصحية ، وحاجتهم الماسة للعلاج وإجراء عمليات جراحية عاجلة ترفض إدارة السجون نقلهم للعيادات أو المستشفيات ، ولا زالت تعالجهم بحبة الأكامول التي يصفها الأطباء لجميع الأمراض على اختلافها.
كذلك أدى تأخر إدارة السجون المعتمد في إجراء بعض العمليات للمرضى إلى بتر أطراف من أجساد معتقلين، فيما أدى التأخير في إجراء بعض الفحوصات والتحاليل الطبية وصور الأشعة والتي تكتشف المرض في مراحله الأولى إلى استفحال الأمراض في أجساد الأسرى، فقد ينتظر الأسير المريض لشهور طويلة ولسنوات لكي تسمح له إدارة السجن بإجراء تحليل أو صورة أشعة، كذلك أدى التأخر المتعمد في إجراء عمليات جراحية عاجلة لبعض الأسرى الذين يعانون من أمراض خطيرة وصعبة إلى انعدام الأمل في الشفاء وتعرض الأسرى إلى خطر حقيقي على حياتهم.
افتقار للأجهزة
وأكد الأشقر أن سجون الاحتلال تخلو من الأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، كالأطراف الصناعية لفاقدي الأيدي والأرجل، والنظارات الطبية، أو أجهزة خاصة بالأسرى الذين لا يستطيعون السير، وكذلك أجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو والتهابات القصبة الهوائية المزمنة، وهذا يزيد من معاناة الأسرى المعاقين في السجون، حتى أن الاحتلال يرفض ادخل تلك الأجهزة الطبية عن طريق مؤسسات خاصة أو منظمات حقوقية.
و أن الأسرى المعاقين لا يحظون بمعاملة إنسانية خاصة نظراً للظروف الصعبة التي يعانون منها ،ويتعرضون لكافة الانتهاكات والممارسات التعسفية التي يعانى منها بقية الأسرى، ويحرمون من احتياجاتهم الخاصة، ولا تتوفر لهم الرعاية والمتابعة الطبية اللازمة، بل قد يتعرضون للضرب والاهانة خلال علميات التفتيش والقمع التي تمارسها سلطات السجون بشكل كثيف، كذلك لا تراعى إدارة السجون ظروفهم في عمليات النقل للمحاكم أو العيادات أو التنقلات بين السجون، حيث يخضعون للركوب في سيارة البوسطة التي لا تناسب الأصحاء فلا يوجد بها مكان للجلوس، وقد تستمر عملية النقل لعشر ساعات أو أكثر دون أن يسمح لهم بقضاء الحاجة أو الأكل أو الشرب.
معاناة مزدوجة
وأشار الأشقر إلى أن الأسرى المعاقين يعانون معاناة مزدوجة ، و مضاعفة عن الأسرى الآخرين ، لأنهم يجمعون ما بين معاناة الأسر وانتهاكات الاحتلال وممارساته الإجرامية بحق الأسرى ، وبين معاناة الإعاقة وعدم قدرتهم على الحركة، والحاجة لغيرهم في التنقل وممارسة أنشطة الحياة داخل السجن، وقد أصيب العديد من الأسرى بإعاقات نفسية نتيجة العزل الانفرادي لسنوات طويلة ، كحالة الأسير (فايز مطاوع الخور) 52 عاماً من سكان حي الزيتون بمدينة غزة ، وهو معتقل منذ 29/11/1985 ، ومحكوم بالسجن المؤبد ، ويعانى من مرض نفسي خطير نتيجة للظروف القاسية التي تعرض لها خلال سنوات اعتقاله الطويلة ، وخاصة انه أمضى أكثر من 10 سنوات في زنازين العزل الانفرادي، والذي تعرض خلالها إلى صدمة نفسية أثرت على وضعه النفسي بشكل كبير ووصل الأمر إلى عدم ادارك الأسير لما يدور حوله ولا يستطيع التعرف على زملائه ، ورفضت إدارة السجون حينها تقديم العلاج المناسب لحالة الأسير مما أدى إلى تراجع الحالة الصحية للأسير إلى حد الخطورة ، وكذلك رفضت سلطات الاحتلال إطلاق سراحه رغم الحالة الصحية السيئة التي يعانيها الأسير .
واعتبر الباحث الأشقر اعتقال المعاقين استخفافاً بحياة الإنسان الفلسطيني، ومخالفة صريحة لأبسط الأعراف والمواثيق الدولية التي تعتبر هؤلاء ذوى احتياجات خاصة لا يجوز الاعتداء عليهم بل تقديم العون والمساعدة لهم .
وطالب المركز المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، التدخل والضغط على الاحتلال لإطلاق سراح عشرات الأسرى الذين يعاون من إعاقات مختلفة ، حتى يستكملوا عملية تأهيلهم و وعلاجهم في الخارج .