رغم رفض و غضبالولايات المتحدة الامريكية قامت الدولة الفلسطينية

بقلم: عزام الحملاوى


لقد اثبت التاريخ منذ بداية القضية الفلسطينية وحتى اليوم, إن عدو الشعب الفلسطيني الأول هي الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعى الديمقراطية, والدفاع عن الحريات, والعدل, والمساواة, ومساندتها للشعوب من اجل التحرر, وأثبتت إنها الأخطر على الشعوب في هذا العالم وتمارس النفاق, والكذب, والإرهاب السياسي و العسكري والاقتصادي, خاصة على العالمين العربي والاسلامى, ورغم ذلك لايجرا أحدا من الحكام العرب على الحديث عن ذلك إلا الشعب الفلسطيني الذي قال لها بتحدي "لا ", ورفض كل أوامرها عندما توجه إلى الأمم المتحدة لأنه صاحب حق وقضية عادلة0 لقد رفضت أمريكا قيام دولة فلسطينية خدمة لمصالحها وتنفيذا لسياسة إسرائيل, لهذا رفضت القيادة الفلسطينية الأوامر الأمريكية وأصرت على التوجه إلى الأمم المتحدة, خاصة بعد أن استمرت سياسة إسرائيل العدوانية في الاراضى الفلسطينية المحتلة والاستيطان, وبعد أن وصلت عملية السلام إلى طريق مسدود, ولم يعد هناك املآ في المفاوضات0

عارضت أمريكا قيام دولة فلسطينية لان الفلسطينيين ضجروا من كذبها ونفاقها بأنها المدافع وحامى عملية السلام بالمنطقة, ولان الفلسطينيين قرروا أن يتحمل العالم مسؤولية معاناة وتشرد وألام الأجيال الفلسطينية منذ النكبة وحتى اليوم, ورفضت خوفا من انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية, وهذا ما يرعب إسرائيل لأنها تخاف أن يتم التحقيق معها في ممارساتها العدوانية التي ترتقي إلى جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة0 لقد عارضت أمريكا الفلسطينيين في الحصول على عضوية الدولة المراقب في الأمم المتحدة، ليس لحماية حقوق الفلسطينيين كما تزعم وان هذا التوجه سيعيق عملية السلام, بل لأنها تريد أن تبقى أوراق القضية الفلسطينية في يدها, وان تفرض الحل الذي تريده والذي لن يكون عادلا ونزيها لتدعم إسرائيل كعادتها لتنفيذ مخططاتها في تصفية القضية الفلسطينية, وتمنع قيام اى دولة فلسطينية على الأرض الفلسطينية, وأن لايفكر الفلسطينيين سوى في إدارة شئونهم الداخلية فقط0

غضبت أمريكا وعارضت لان الفلسطينيون يعملون الآن بشكل دبلوماسي فلسطيني مستقل ومنظم ومدعوم من أغلبية دول العالم, ولا يخضع للمزاج والأجندة الأمريكية, ولأن الذهاب إلى الأمم المتحدة يعني فشل أمريكا في إدارة وحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلى, وخروج ملف القضية الفلسطينية من تحت عباءتها, وبهذا ستتغير مرجعية المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وستكون تحت المرجعية الدولية, وأميركا تعارض أي مرجعية دولية لأنه تجاوز لرؤيتها في دولة فلسطينية, بالإضافة إلى رغبتها في عدم فتح ملف القدس, واللاجئين, والمياه, وغيرها وضرورة اعتراف فلسطيني بيهودية دولة اسرائيل0 لذلك تعرضت القيادة الفلسطينية لضغوطات مكثفة وتهديد واضح وشديد اللهجة من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية, ومساعدها ,وحتى من الرئيس اوباما في محاولة لإجبار الفلسطينيين على عدم التوجه إلى الأمم المتحدة, أو التعهد بعدم الذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية في حال قبول دولة فلسطينية عضو مراقب بالأمم المتحدة، خوفا من محاسبة إسرائيل على جرائمها المتكررة بحق الشعب الفلسطيني, وتكثفت الضغوطات والتهديد في الآونة الأخيرة بعد أن أصبح التصويت مضمونا لصالح دولة فلسطين, ورغم كل هذا كان هناك قوة إرادة وإصرار فلسطيني بالرفض وتقديم الطلب والحصول على كافة الحقوق المترتبة على ذلك دون التعهد بتقديم أي ضمانات تمس هذه الحقوق0إن التصويت لصالح فلسطين كان درسا قاسيا لأمريكا وإسرائيل لتعرف أن الشعب الفلسطيني لايمكن أن يسكت عن المطالبة بحقوقه وانه تجاوز فترة الوصية عليه منذ تهجيره من أرضه وزرع إسرائيل بدلا منه, وان توجه الشعب الفلسطيني للولايات المتحدة ليس ضعفا منه بل لإيمانه الراسخ في البحث عن السلام لأنه أكثر الشعوب التي اكتوت بنار الحروب حيث يقدم الشهداء بشكل يومي, غير تدمير البيوت, وتجريف الاراضى ومصادرتها, والحواجز, والحصار والتجويع, وليفهم أمريكا وإسرائيل بأنه لاشئ يمكن أن يقف في وجهه,ولايستطيعوا أن يمنعوه من استرداد حقوقه كاملة وغير منقوصة, مهما حاولوا ثنيه ومنعه عن المطالبة بحقه في أرضه وهاهو في النهاية انتصر وهم من خسروا 0

لقد اختار الشعب الفلسطيني طريقه من اجل حريته ودولته المستقلة وكرامته, وهذا حقه وليس منة أو هبة من أمريكا أو غيرها فتمنحها لمن تشاء وتوقفها عمن تشاء, وإذا اعتقدت أمريكا ذلك فهي واهمة فالشعب الفلسطيني لن يستجدى حقوقه, وحريته, ودولته, وكرامته, وحرية أسراه, وهو الشعب المؤمن بعدالة قضيته, بل هو الشعب الذي علم العالم أشكال النضال المختلفة0لقد آن الأوان لفضح الممارسات الأمريكية المتشدقة بالسلام, والحرية, والعدل والاستقلال, ولنسقط تمثال الحرية المزيف, ولنكشف عن وجه أمريكا الحقيقي الظالم المتعدى على حقوق الشعوب, ولنعرف أن عدونا الحقيقي أمريكا قبل إسرائيل, ولكن حتى ننجح في ذلك علينا إنهاء الانقسام, وتوحيد شطري الوطن, حتى نكون موحدين وصفوفنا متراصة في وجه أمريكا ومن خلفها اسرائيل0

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت