الحدث الفلسطيني يبقى في طليعة ما يجري لان قضية فلسطين هي القضية المركزية للامة العربية ، وان ما شكله الاعتراف بالدولة الفلسطينية كدولة غير عضو اي " مراقب " هو خطوة على طريق الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، وخطوة على طريق انجاز الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني اي حقه بتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس وضمان حق العودة للشعب الفلسطيني الى دياره وممتلكاته التي هجر منها عام 1948 وفق القرار الاممي 194 .
ان تباين المواقف وتسويف القرارات بدلا من التصدي لهذه للهجمة العدوانية الاحتلالية الاستيطانية على الارض بهدف تقويض الدولة الفلسطينية والعمل على تقطيع اوصال الضفة الفلسطينية ، يتطلب العمل من اجل ان تعطى قضية فلسطين أولوية عربية واسلامية خاصة بهذه الفترة الخطيرة .
ومن هنا نقول ان العدو لم يتوقف عن ممارسة العربدة ضد أهلنا في قطاع غزة ، فكل يوم يحمل لنا خبرا عن اختراق اتفاق التهدئة وسقوط شهداء وجرحى ، رغم ان راعي اتفاق التهدئة مصر مرسي منهمكة جدا ومشغولة تماما، وهناك صراع حاد مما قد تخشى عواقبه.
ولذلك فإن كيان الاحتلال بإعلانه عن سرقاته الجديدة للحق الفلسطيني على مرأى العالم ومسمعه، يريد من ذلك فعليا القضاء على أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة متصلة جغرافيا وذات سيادة، ولاختبار القيادة الفلسطينية ما إذا هي قادرة على أن تستثمر وضع دولة مراقب سياسيا وقانونيا بالتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمنع السرقة المستمرة للأرض الفلسطينية، محاولا في الوقت ذاته ابتزاز القيادة من خلال منع التحويلات المالية إليها والعائدة من الضرائب، ومن هنا يتعين على الأشقاء العرب في الالتزام بتقديم الدعم المالي وكذلك السياسي لتتمكن القيادة الفلسطينية من مواجهة محاولات الابتزاز التي يمارسها الاحتلال وداعموه، خاصة وأن لجنة المتابعة العربية سوف تعقد اجتماعها في التاسع من الشهر الجاري.
ان المعنى السياسي للصمود ولتصويت الأمم المتحدة وانتصار غزة يجب ان يتم استثمارهما في: انهاء الانقسام والعودة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية على أرضية التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية. اعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعدم العودة الى نهج المفاوضات مع العدو وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في محكمة الجنايات الدولية بالرغم من كل التهديدات الإسرائيلية والأميركية.
ان الشعب الفلسطيني يقاوم فعل الاحتلال، لذا من حقه ان يستمر بمقاومته وفقا لكل القوانين الدولية بما فيها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي شرعت المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها بما فيها الكفاح المسلح ضد الاحتلال للأرض الفلسطينية، لذا من واجبنا أن نُصر كفلسطينيين وعرب على حقنا في المقاومة طالما بقي الاحتلال الصهيوني لارضنا قائما وموجودا.
ان الشعب الفلسطيني يدرك عن وعي وايمان بأن الحق الفلسطيني سينتصر رغم التضحيات الجسام من الشهداء والجرحى والتشريد ومصادرة الاراضي وتهويد المقدسات والسجن والاعتقال والاغتيال والحصار والحرمان ،هذا كله ولد شرايين جديدة في حياة الشعب الفلسطيني انعكست من خلال وحدة الموقف في حرب غزة والتوجه للامم المتحدة ليشكلان هذان الانتصاران موجة من الهبة الشعبية تاييدا لمواقف القيادة الفلسطينية والتمسك بخيار الوحدة الوطنية والمقاومة حتى تشع شمس القواسم المشتركة بين مختلف الفصائل الفلسطينية .
امام هذه المرحلة يبدو من الواضح أيضا، بأن مطلب المصالحة الفلسطينية بات يكتسي أهمية استثنائية، في التوقيت الراهن، لما سيحققه النجاح في الوصول إلى هذه الغاية فائقة الأهمية، وهنا الاساس ليس المفروض مثلا أن يتنازل طرف للطرف الآخر ، وبعيداً عن الحسابات الفصائلية الضيقة والمحاصصات بل المفروض أن يتم التلاقي بين مختلف القوى والفصائل والأحزاب الفلسطينية لتدار الخطوط العامة، بل وربما التفصيلية لاستراتيجية العمل في المرحلة الراهنة الحاسمة من تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، وليس ما يتردد وكأنه تكريس لمقولة مغلوطة بالنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. فالصراع ذو بعد قومي مصيري، فالخطر الاسرائيلي ليس مقصورا على فلسطين، بل هو خطر يهدد المصير القومي ، وهذا يتطلب تحديد الأهداف المرحلية لسياسة (الوحدة الوطنية) القائمة تحديدا على التمسك بالثوابت الوطنية وعلى خيار المقاومة المشروعة بما أن فلسطين أصبحت اليوم رسميا وأمميا دولة تحت الاحتلال.
ان استثمار النجاح السياسي والدبلوماسي في الحصول على وضع دولة مراقب في بلورة تأثير حقيقي على الدول الداعمة والمتعاطفة مع الاحتلال التي استدعت سفراءها لنقل وجهة نظرها من الإعلان عن السرقة الجديدة في القدس الشرقية والضفة الفلسطينية المحتلتين، وكذلك توظيف الوضع الجديد في المحاكم والمنظمات الدولية بما يخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية.
ان آلام الذي نراه اليوم بعدم تنام الشعور الانساني عند المجتمع الدولي الذي يفقد بريقه من خلال اظهار ضعفه امام وضع الكيان الاحتلالي الاسرائيلي امام المسألة والمحاسبة على جرائمه بحق الشجر والحجر والبشر ومطالبته بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية نتيجة وقوف الادارة الامريكية الى جانب حكومة الاحتلال وتوفير الغطاء السياسي والاقتصادي والعسكري لهذا الكيان المجرم .
الحدث الفلسطيني اليوم، يتمثل بزيارة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بعد اتفاق التهدئة وبمناسبة ذكرى تأسيس حركة حماس وها هو الشعب الفلسطيني ينتظر ما بعد الخطاب ، حتى يقرأ ابرز ملامح وسمات المرحلة السياسية الجديدة كما نقرؤها في اللحظات السياسية الراهنة، حتى نحكم على الامور، وان القيمة الحقيقية للمقاومة المجيدة في قطاع غزة التي توحدت بكل فصائلها ميدانيا ضد العدو الصهيوني والتي تجسدت تتطلب انهاء الانفسام واستعادة الوحدة الوطنية وهذا اقل الوفاء للشهداء وتجسيد اهداف وتطلعات الشعب الفلسطيني ورفض برامج ورؤى تتناقض المشروع الوطني الفلسطيني ومواصلة النضال بكافة اشكاله الكفاحية والسياسية والجماهيرية من اجل حرية شعبنا وحقه في العوده وتقرير المصير على ارض وطنه فلسطين.
وختاما لا بد من القول ان استثمار انتصارات الشعب الفلسطيني تتطلب الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي يستند إلى قرارات مجلس الأمن ، والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية ، من اجل وضع آلية وجدول زمي لتطبيقها وليس المساومة عليها ، خاصة ان تلك القرارات اكدت على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وعلى حق عودته الى دياره .
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت