أسئلة الحائرين حول المصالحة

بقلم: مصطفى إبراهيم


يعيش الفلسطينيون أجواء كبيرة من التفاؤل والثقة بالنفس، ودبت فيهم الروح والأمل للتوصل الى انهاء الانقسام وإتمام المصالحة الوطنية الشاملة، واكتشفوا سر قوتهم بعد انتصارهم في رد العدوان والحصول على صفة الدولة، ويعتقد الفلسطينيين ان عوامل اتمامها في هذا الوقت حقيقية وقريبة ويجب اقتناص الفرصة لتحقيقها والخروج من الازمة التي مازالوا يعيشونها وتؤثر على عدالة قضيتهم، ومطلوب منهم الاسراع في ذلك.

وصدرت تصريحات إيجابية عن المسؤولين في كل من حركتي فتح وحماس تدل على وجود مؤشرات تعلن عن قرب انهاء الانقسام، على الرغم من بعض الامور الغامضة في ما تم التوصل اليه من وقف اطلاق النار وتبعاته السياسية، وحقيقة موقف الرئيس من المفاوضات مع اسرائيل.

ومع ذلك يعيش الناس فى أجواء من الحيرة والبلبلة السائدة على مصير المصالحة، ويتراجع يقينهم وثقتهم بإطراف الانقسام خاصة وانه لا خطوات عملية، ورؤية كل طرف لنفسه انه حقق انجازاً يضيفه الى رصيده، وتتكاثر الأسئلة وتتناثر في كل مكان، ويتعلق الناس بأي بارقة أمل تلوح في الافق، وفجأة يخرج تصريح من مسؤول من هنا او هناك يكدر عليهم الامل ويعصف به، ويتم استبدال ذلك بقائمة طويلة من الاسئلة المحيرة.

هذا هو حال الفلسطينيين بعد الانجازات التي حققوها، وما تلاها من زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الى قطاع غزة، وخطاباته الايجابية والمبشرة بالخير وقرب انتهاء الانقسام وحديثه عن تثبيته لمبدأ انها الانقسام في داخل المكتب السياسي للحركة وكذلك في غزة، ما يعني انه هناك تحول ايجابي لدى قيادة حماس في قطاع غزة.

وأصبح الانسان منا يتحدث و يكتب بحذر وتفاؤل اقل بعد ما استمعنا اليه من خالد مشعل وحديثه العاطفي الجميل الذي لم يأتي بجديد على الرغم من جديته وصدقه، ويستطيع المرء ان يشعر في ثنايا حديثه انه يعبر عن قناعات شخصية.

وعلى الرغم من الامل الذي تولد لدي كباقي عموم الفلسطينيين، إلا انني اصبحت حائرا كغيري ايضاً، ولم نجد تفسيرا مقنعا حتى الان يحول دون التوافق من دون تدخل اطراف عربية ضامنة لاتفاقنا على انهاء الانقسام وتغليب مصلحة الوطن على مصلحة الرؤى السياسية والحزبية.

فالأسئلة كثيرة التي يتداولها الناس وحيرتهم كبيرة في التوصل لإجابات حولها، ومنها:
هل المصالحة مرتبطة بما يجري في مصر والأوضاع المتفجرة فيها؟

متى سيكون العدوان الاسرائيلي القادم على قطاع غزة؟ في ظل نبوءات بعض المسؤولين الفلسطينيين بحدوث ذلك قريباً، وما هي قدراتنا على الصمود والتصدي للعدوان؟
وهل ستنتقم اسرائيل من قطاع غزة في ظل انزياح المجتمع الاسرائيلي بقوة نحو التطرف وأجواء العنصرية السائدة في اسرائيل؟ وشعورهم بالفشل في غزة، والاعتراف بالدولة.
وهل غزة تحتمل عدوان اسرائيلي جديد؟ وهل غزة ستبقى الجبهة الوحيدة لمقاومة الاحتلال؟ في وقت هي بحاجة لالتقاط الانفاس وإعادة ما دمره الاحتلال.
لماذا لم يقوم الرئيس محمود عباس بزيارة قطاع غزة واقتناص الفرصة؟ بعد اعتقاد الناس ان زيارة مشعل هي مقدمة لزيارة الرئيس واستقباله في غزة.
وما هي طبيعة اتفاق وقف اطلاق النار الذي وقعته حركتي حماس والجهاد الاسلامي مع اسرائيل؟ وعلى أي اساس اجريت المفاوضات بين الطرفين، وما هي الحقيقة في موافقة اسرائيل على وقف اطلاق النار، والتسهيلات التي ستقدمها اسرائيل للفلسطينيين في القطاع؟
وهل ذلك مقدمة لاتفاق سياسي؟
وما هو موقف الرئيس محمود عباس من التفاوض مع اسرائيل؟ وهل سينتظر لفترة طويلة لتقديم طلب الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية؟
و لماذا لم يتم حتى الان اتخاذ خطوات عملية لإنهاء الانقسام والإفراج عن المعتقلين السياسيين؟ ولماذا الاستمرار في تقييد الحريات العامة و حرية الرأي والتعبير، واحترام حقوق الانسان الفلسطيني؟ وغيرها من الاسئلة المحيرة والتي تزيد من حيرة الناس في انتظار مصالحة معطلة حتى الان.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت