قلم حبر .... وقلم رصاص

بقلم: محمد سعيد العمور


البيان اسم جامع لكل شيء كشف لك قناع المعنى ، وهتك الحجاب دون الضمير ، حتى يفضي السامع إلى حقيقته ، ويهجم على محصوله كائنا ما كان ذلك البيان ..." هذا ما قاله الجاحظ في كتابه البيان والتبيين
ألتمس لكاتب البيان الصحفي الصادر عن وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية سبعين عذرا ، وأتصامم عن عبارات لا تليق بمقام الوزارة التى يمثلها ، ولا تليق بمقام أساتذة الجامعة الذين يخاطبهم من باب أن كل شيء جائز في الحب والحرب . لكني سأضرب صفحا عن هذا وذاك لأننا لسنا في هاتين الحالتين.
بادئ ذي بدء أبدأ بما لم يبدأ به البيان ... فأحمد الله العلي العظيم إلى كل من كتب أو صاغ أو طبع أو قرأ البيان المذكور وأصلي وأسلم على نبينا الخاتم أبدا ...
ما كان حديثا يفترى أن يصدر عن وزارة التربية والتعليم العالي بيانا صحفيا . ليؤكد لنا أن الوزارة نعمتها وسنى ونقمتها يقظى!!! ففي عام التعليم توجد حقيقة واضحة بينة وهي أن جامعة الأقصى لم تمر في تاريخها بفترة تغولت فيها وزارة التربية والتعليم العالى عليها وعلى مقدراتها كما هو الحال في زماننا الحالي حتى غدت الجامعة لا مجلس استشاري لها ولا نقابة فيها ولا اتحاد طلاب . بل يُراد لها أن تكون مدرسة ثانوية بحجم عائلي وأصبح من يطالب بحقة صاحب أجندة ! ومن يقول للمتغول حسبك .. صاحب نية غير حسنة ... ومن المفارقات أنه في عام التعليم الفلسطيني يسأل رئيس وزراء اليابان عن سر التطور التكنولوجي في اليابان ؟ فيجيب أعطينا المعلم راتب وزير، وحصانة دبلوماسي ، وإجلال الامبرطور .. وفي بلادنا إن قال أستاذ الجامعة إني مظلوم أصبح متهما في نيته . فالقائمون على الأمر يريدون عبيدا ... والعرب قالت من له سيد لا رأي له!!!!
إنني أبرأ الوزير مما ورد في هذا البيان ... فإن الرجل قد شهد فيه من تقبل شهادتهم في الدماء والقضاء أنه رجل صادق وصريح ، وما ورد في البيان لا يمكن أن يصدر عن شخص يتصف بهاتين الصفتين بعد أن نتعامى عن الأخطاء الإملائية والنحوية التى شوهت البيان .
ونتسامي عن لغته التى لا تليق بأن يخاطب بها أساتذة جامعة ... وقد سبق للعرب أن قالت " إن مما يسقط هيبة الرجل أن يأمر من لا يطيعه . ويعلم كاتب هذا البيان أننا أساتذة جامعة يستوي عندنا وعده ووعيده ، وكان حريا به أن يفرق بين صناع الفكر ، وموجهي الرأي العام . وبين معلمي الصبيان ، ولعاقي الصحون ، وحملة المباخر ، وسواح المناصب ... فأنى يستويان !!
في بداية البيان تحدث كاتب البيان عن الانتصار وقال نصا ( هذا الانتصار الذي ما كان له أن يكون لولا وحدة شعبنا في هذه المعركة وتكاتف الجميع هذه المرة في غزة والضفة من جهة ومن جميع ألوان الطيف الفلسطيني من جهة أخري ) وجوابه أنه جاء متأخرا ... ومتأخرا جدا ....
إننا في جامعة الأقصى شكلنا اللجنة المطلبية منذ سنة ونيف وشملت كل المكونات والشرائح النقابية داخل الجامعة . ورفضتم استقبال أعضائها أو التعامل معهم ، وكان عذركم انه لا يوجد مسمى في مكونات الجامعة بهذا الاسم .... فإن كان الأمر متعلق بالوحدة الوطنية والإيمان بالشراكة والعمل ضمن روح الفريق الواحد ... فلنا فضل السبق في جامعة الأقصى في هذا المضمار ممارسة وتطبيقا قبل أن تكون شعارا ...!
ويضيف البيان ( لكن المطالبة لها آلياتها القانونية ، وإجرائاتها السليمة التى تجعل الجميع يتجاوبون مع المطالب ... )
والسؤال : هل مارس العاملون في جامعة الأقصى غير آلية قانونية وإجراء سليم للتعبير عن مظلمتهم ؟
أولا : إن الاضراب عن العمل حق مكفول بسلطة القانون . وهذا ما مارسه أعضاء الجمعية العمومية وكان الأمر في غاية الحكمة والتحضر . فبدأ بمراسلات لمجلس الجامعة الموقر و اتصالات بالجهات المعنية ، ومراسلات لذوي الاختصاص مدة اسبوعين متواصلين ثم في الأسبوع الثالث تعليق الدوام لساعتين ، وفي الاسبوع الرابع تعليق الدوام ليوم واحد إلى أن وصلنا إلى الأسبوع الخامس في فعالية متصاعدة بمنتهى الاتزان والاعتدال .
ثانيا: تمت مقابلة أعضاء المجلس التشريعي وإطلاعهم على معاناة العاملين والمقترحات بالحل .
ثالثا : تمت مقابلة مستشار رئيس الوزراء وإطلاعه على المعاناة والطلب منه بإيصال الأمر إلى دولة رئيس الوزراء . وبعد كل ما سبق يتحدث البيان الآلية القانونية و الاجراء السليم !
تحدث البيان عن اجراءات اتخذتها الوزارة لصرف المكافآت وقال البيان نصا ( وكنتم الوحيدين الذي تلقوا مكافئتين واحدة من غزة وواحدة من الضفة ) وواضح أن كاتب البيان لا يفرق بين ثلاث ذمم مالية مستقلة وهذه الذمم عاملة ونافذة في الجامعة ومن الناحية القانونية لا علاقة لكل منهما بالأخرى
• فالذمة المالية الخاصة بديوان الموظفين بالضفة يتبعها 594 موظفا .
• والذمة المالية الخاصة بديوان الموظفين في غزة يتبعها 127 موظفا .
• والذمة المالية الخاصة بالجامعة يتبعها الموظفين بنظام العقد وتصرف منها الساعات الاضافية والبدلات الادارية والمصروفات التسييرية اليومية .
وما يقوم به أعضاء الجمعية العمومية من فعاليات حاليا يتعلق بجبر رواتبهم من الذمة المالية الخاصة بالجامعة أسوة بجامعة الاستقلال الحكومية . علما أن وزارة التربية والتعليم في غزة تصرفت في مبلغا ماليا يقارب النصف مليون دينار من الذمة المالية للجامعة دون قرارا من مجلس الوزراء أو تشريعا بجواز ذلك من المجلس التشريعي . لكن الأمر عندما يتعلق بحقوق العاملين يصبح في غاية التعقيد ويحتاج الى قرارات ، وفرمانات ، واجتماعات ، ومشاورات ، ولجان ، ولجان تراقب اللجان . وإذا أبدى صاحب المظلمة امتعاضا من طول انتظاره للإنصاف وإحقاق الحق فهو صاحب أجندة ! ونية غير حسنة .
ثم تحدث البيان عن تطبيق قانون الكادر الموحد في البدل الاداري والساعات الاضافية وكأن الأمر لم يقر في الضفة منذ عام 2009 وطبق عندنا من ميزانية الجامعة عام 2011 م والسؤال : هل يمكن أن تبادر الوزارة في غزة ولو لمرة واحدة أن تسبق نظيرتها في الضفة بقرار واحد لصالح العاملين في الجامعة
ذكر البيان ( ستقوم الوزارة ببذل قصارى جهدها لإنصاف العاملين وتحقيق مطالبهم ... ) ونذّكر الوزارة فقط بما يلي
في مؤتمر كلية العلوم الدولي الثاني قطع معالي الوزير على نفسه عهدا ووعدا أن ينصف العاملين بالجامعة والمؤتمر عقد في 30 مايو 2011 م وهذا أمر مسجل كتابة في كلمته أمام المؤتمر وموثق بالصوت والصورة.
وفي الجلسة الوحيدة لمجلس الجامعة التى حضرها سعادة الوزير كرر نفس الوعد، وسجل في محضر الاجتماع أن الوزير( يتعهد بأن لا ينتهي عام التعليم إلا وقد أنصف رجالاته وأن يطبق الكادر الموحد في الجامعة ) وها نحن نودع عام التعليم ولم ينصف رجال التعليم العالي .
وفي كلمته أمام المؤتمرين في مؤتمر الإمام الشافعي ذكر معاليه أنه ما زال عند وعده بإنصاف العاملين بالجامعة وظيفيا وماليا ومر على مؤتمر الإمام الشافعي نصف عام ....
لقد هرمنا ونحن ننتظر... ولم يعد في العمر متسع لسماع وعود أخرى يا وزارة التربية والتعليم العالي
تحدث البيان نصا ( ... فإننا ندعو الجميع إلى المحافظة على هذه الروح الوحدوية والتوافقية وعدم السماح لأناس ذوي نوايا غير حسنة باستغلال المطالبة بالحقوق لتحقيق أجندة لا تخفى علينا ولن نسمح بتحقيقها ....)
الكاتب المحترم : نقبل الخلاف لكن لا نقبل الاتهام !
إننا لا نمارس سياسة ولا نهدد الأمن العام ... نكفر بالحزبية والكوتة والأزلام ، والمناطقية والخلان . ونؤمن بالمهنية والصدق والأمانة والرجولة والمبادئ والقيم وكل ما يرضى الله ورسوله ، فألف عين لنا على الاخرة وعين واحدة على الدنيا .... وكان حريا بك وأنت توجه خطابك لأساتذة جامعة أن تحترم عقولهم فهم أكثر بكثير مما تصور في ذكائهم وعلمهم وفطنتهم وقدرتهم على التمييز ويعرفون من هو صاحب الأجندة ومن هو الذي لا يفرق بين جامعة ، ومدرسة ، ورياض أطفال !!!! وأما النوايا فعلمها عند ربي ... لكن قالت العرب رمتني بدائها وانسلت . وإن عدت بقلم رصاص عدنا لكم بقلم حبر!!

د. محمد سعيد العمور
أمين سر نقابة العاملين بجامعة الأقصى

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت