الاشتراكيـــــــة ذات الخصائـــــص الصينيـــــــة

بقلم: دياب اللوح

الورقـــــــــة الرابعــــــــــة

الاشتراكيـــــــة ذات الخصائـــــص الصينيـــــــة

تميَّزت اللقاءات مع قيادات الحزب الشيوعي الصيني الصديق عن غيرها من القيادات الصينية الرسمية في الدولة بالعمق الفكري وخاصة حينما يقدم الحزب إيجازاً حول مؤتمراته وأعماله وسياساته , وتتسم اللقاءات بالعمق الفكري أكثر فأكثر حينما يستقبل الحزب وفداً من وفود حركة "فتـــــــح" أو فصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي تربطها علاقات صداقة تقليدية مع الحزب الشيوعي الصيني ومن بينها حزب الشعب الفلسطيني , الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين , الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين .

في إحدى اللقاءات مع وفد حركة "فتـــــــح" الذي يزور الصين في ضيافة الحزب الشيوعي الصيني , استخدم المُترجم المُعتمد وهو مسؤول في إدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا في دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني , وهي الجهة الرسمية في الحزب ذات الصلة مع فلسطين والأحزاب والحركات السياسية في غرب آسيا وشمال أفريقيا , إذٌ تربط الحزب علاقة تقليدية مستمرة مع حوالي (146) حزب وحركة سياسية في هذه المنطقة الواسعة والحيوية والساخنة في هذا العالم , استخدم المترجم مصطلح "صيننة الصين", بمعنى أن هذا التعبير يدلل على سياسة ومنهجية لدى الحزب والدولة بالعمل بكل الإمكانيات المتاحة على جعل كل شيء بالصين يتسم ويتصف وينطق بالصينية , والذي يُترجم نفسه في الشعار العظيم الذي ترفعه الصين " لنرفع عالياً الراية العظيمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية " .

فلقد دعا الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني , رئيس الدولة " خوجين تاو " في افتتاحية أعمال المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب المنعقد في بكين في قاعة الشعب الكبرى في الفترة من ( 8-14 / 11 /2012م ) , دعا كافة أعضاء الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني إلى التقدم بحزم وثبات على طول طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية , والكفاح في سبيل إنجاز مجتمع رغيد على نحو شامل , وطبقت الصين هذا النهج منذ دخول البلاد في مرحلة الإصلاح والانفتاح عام (1978م) وسارت على طريق التنمية المستدامة , والتنمية السلمية التي تعبر عن سياسة الصين الخارجية السلمية المستقلة , على أساس المساواة والثقة المتبادلة والشمولية والمنفعة المتبادلة والتعاون المتبادل في العلاقات الدولية , صيانةً لسيادة الدولة الصينية وأمنها ومصالحها التنموية , وبناء دولة قوية حديثة قادرة على استثمار مواردها الطبيعية والبشرية , وتحقيق التنمية المتواصلة للاقتصاد , وإنجاز الازدهار الاجتماعي , وتحسين معيشة وأحوال الشعب , ورفع القدرة الذاتية والاكتفاء الذاتي في العديد من المجالات الحياتية والإنتاجية , مما مكَّن الصين من الوصول للمركز الثاني في العالم من حيث إجمالي الحجم الاقتصادي , بعد الولايات المتحدة الأمريكية .

قطعت الصين شوطاً كبيراً في رفع مستوى القوى المنتجة الاجتماعية , والقوة الاقتصادية والقوة العلمية والتكنولوجية , ورفع مستويات معيشة الشعب ودخل السكان والضمان الاجتماعي , وزيادة القوة الوطنية الشاملة , وتحقيق التنمية في البلاد , مما مكَّن الصين من مواجهة سلسلة من التحديات الخطيرة التي مرت بها البلاد مثل وباء السارس , وفيروس إنفلونزا الطيور , وزلزال سيتشوان المدمر وغيره من الكوارث الطبيعية جراء الفيضانات والإنزلاقات الطينية , والأزمة المالية الآسيوية والعالمية , ومكَّن الصين حكومة وحزباً وشعباً من دفع الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى مرحلة جديدة من التطور , وبناء التحديثات الاشتراكية , ورفع مكانة الصين الدولية , حيث أصبح للصين وزناً أكبر في المعادلة الدولية ودوراً حيوياً هاماً في العديد من الملفات الدولية الساخنة وساهمت مساهمة فاعلة في صيانة السلم والأمن الدوليين .

إن تحقيق هذه المنجزات الهامة في مسيرة بناء جمهورية الصين الشعبية الحديثة منذ قيامها عام ( 1949م) ومنذ البدء في تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح عام ( 1978م) , زاد من التفوق العظيم والقوة الحيوية الجبارة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية , وعزز من ثقة الشعب الصيني والأمة الصينية بمختلف قومياتها (56 قومية) في صحة ومصداقية سياسة ونهج الاشتراكية ذات الخصائص الصينية وبناء مجتمع رغيد لعموم أبناء الشعب الصيني , وزيادة دخل الفرد لسكان الحضر والريف , وتوسيع الطلب المحلي , والطلب الاستهلاكي , وإطلاق الطاقة الاستهلاكية الكامنة لدى السكان , لغرض نمو الاستثمارات وتوسيع حجم السوق المحلي , وهذه السياسات تدفع نحو جلب المزيد من الاستثمارات الصينية من الداخل وعودة الرساميل الصينية من الخارج للاستثمار داخل الصين لإحداث التوازن المطلوب بين الاستثمارات الوطنية الصينية والأجنبية .

إن هذه النجاحات التي حققها الحزب الشيوعي الصيني منذ تأسيسه قبل أكثر من تسعين عاماً , والدولة الصينية منذ إقامتها عام (1949م) , وانطلاق مسيرة الإصلاح والانفتاح في عام (1978م) , استطاعت أن تُحول الصين من دولة قديمة فقيرة متخلفة إلى دولة جديدة نامية مزدهرة حديثة , شكلت مكاناً دولياً آمناً ومناخاً مناسباً للاستثمارات ونمو الاقتصادات العالمية .

تهدف سياسة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى التعجيل بتحسين نظام السوق الاشتراكي , وتشكيل نمط جديد للتنمية الاقتصادية , باعتبار أن البناء الاقتصادي , والتنمية المستدامة السلمية قواعد ومنطلقات هامة للنهوض بالدولة الصينية ومعالجة المسائل الملحة القائمة في الصين , حيث أن تحقيق ازدهار قوة الدولة وبناء مجتمع رغيد العيش من شأنه أن يدفع عملية التنمية الاقتصادية المتواصلة والسلمية في الصين الجديدة المعاصرة ويحقق التنمية العلمية , وإظهار تفوق النظام الاشتراكي في الصين , وحكم الدولة بالقانون , وإدارة المجتمع بالقانون , ودعم وحدة وقدسية وسلطة النظام القانوني للدولة , لضمان تمتع الشعب بالحقوق والحريات العامة الواسعة وفقاً للقانون , وتحسين نظام الخدمات العامة الأساسية وضمان حقوق الشعب الصيني في التعليم والعمل والرعاية الصحية والشيخوخة والإسكان من خلال بناء نظام للضمان الاجتماعي يغطي سكان الحضر والريف , وحماية البيئة ، والعمل على بناء الصين الحديثة وتحقيق التنمية المستدامة للأمة الصينية ورفع الراية العظيمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية , ودفع مسيرة التحديث الاشتراكي .



المراجــــــــــــــــــــع

- منشورات المركز العربي للمعلومات في بكين

- وثائق صادرة عن الحزب الشيوعي الصيني

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت