لم يعد من المبرر ولا من المحتمل لحركة حماس أن تستمر في ممارسة سياسة الإذلال والقهر لحركة سياسية جماهيرية عريقة بحجم حركة فتح في قطاع غزة... حيث تعرف حماس أكثر من غيرها بأن المكان الأنسب لإقامة الاحتفالات الجماهيرية الكبرى هو "أرض الكتيبة"...
إن رفض حماس السماح لحركة التحرير الوطني فتح بإحياء انطلاقتها ال "48" في ذات المكان الذي أحيت فيه حماس انطلاقتها ال"25" قبل عشرة أيام، هو تعدّي واحتقار لرغبة جماهير فتح وطموحاتها في إحياء ذكرى انطلاقة العمل الفلسطيني المسلح والقرار الوطني المستقل وتنكراً لدماء الشهداء الذين قضوا لأن تكون راية فلسطين خفاقة بين رايات الأمم لحقبه من الزمن هي "ضعفي عمر حركة حماس"...
إنه لمن الأدب الثوري أن تؤدي حماس التحية لهذا التاريخ الوطني الفلسطيني المشرق،، وإنها لفرصة تاريخية لأن تبادر حماس وعلى نفقتها وتحت حمايتها تدشين الاحتفال كما تريد فتح وفي المكان الذي ترغب، وفاءً وتقديراً وعرفاناً لما دشَّنته فتح من أرضية وبيئة وطنية سمحت لحماس ولغيرها في أن تنمو وتتعاظم لكي تكون رديفاً لها في مقارعة المحتل الغاصب...
إنه لمن السخف والتفاهة وانعدام الثقة في الذات أولاً وفي مجمل الحركة الوطنية ثانياً أن يتم طرح أن تكون احتفالية انطلاقة فتح في أحد الصالات المغلقة،،، حيث يعلم الذين يطالبون بهذا بأن فتح وجماهيرها قد سدَّت عين الشمس بعيد الانقسام المخزي عندما أرادت إحياء ذكرى قائدها الشهيد "أبو عمار" في ذات المكان الذي ترفضه حماس الآن،،، لقد كان دعاة الفتنة والانقسام يعيون جيداً بأن تلك الجماهير كانت دعاة وحدة،، ورفض للانقسام،،، وهي اليوم كذلك لم تتغير،، وتوجب على حماس اليوم أن تصلح خطيئة الأمس بالمشاركة لا بالمنع والمماطلة...
قد تستمر حماس في رفض الموافقة على أرض الكتيبة كمكان للاحتفال الجماهيري،،، وقد تلغي فتح الاحتفال لأسباب المكان،،، ولكنه من المؤكد بأنه سيأتي قريباً اليوم الذي ستقيم فيه فتح احتفالاتها الجماهيرية في المكان الممنوع الآن،،، ولن يكون لحماس الفضل الذي منحته لها فتح وتلفزيون فلسطين في الضفة الغربية، وعندها سينالها من الحب جانب...
إن حركة التحرير الفلسطيني فتح وجمهورها الواعي العظيم هي قطاع واسع وطليعي من الشعب الفلسطيني، لا يرهبه شيء أكثر من إراقة الدم الفلسطيني بأيدٍ فلسطينية،، لذا لن يتحمل أحد من قادة فتح العظام قطرة دم واحدة تراق بيد أجهزة حماس في غزة لأجل احتفال الانطلاقة،، فكيف لحركة حماس أن تخشى جماهيرها"جماهير فتح" إن كانت حقاً حركة وطنية فلسطينية؟؟؟
لا شك بأن ضرب المحتل وردعه في حرب حجارة السجيل هو نصر بالمعنى العسكري ونقطة مشرقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية يرتقي بمعايير الأمس لمعركة "الكرامة"،،، ولحماس مع غيرها شرف القيادة في هذه المعركة البطولية،، كما أن لفتح مع غيرها نصراً سياسياً ودبلوماسياً قد تحقق في أروقة الأمم المتحدة قبل أسابيع...
إننا لازلنا نرقب نصراً أكبر يتمثل في إنجاز وحدتنا الوطنية التي باتت منذ زمن جرحٌ نازفٌ نخشى ألاَّ يندمل وتذهب ريحنا وانتصاراتنا إلى الجحيم بترسيخ الانقسام واستمرار إفرازاته وتصرفاته وتسلُّط أدواته التي استهوت القمع والإذلال لأبناء شعبها، من خلال سياسة المنع والقمع ومصادرة الحريات الفردية والجماعية التي يأتي في رأسها الاحتفال بالمناسبات الوطنية ..
إنني أنتظر أن ينتصر صوت العقل في قيادة حماس، ويغادر المشككون في الوحدة موقعهم لصالح تحقيق كل ما هو إيجابي ومحفِّز وداعم للفرحة والوحدة،، لأننا في حاجة حقيقية وملزمة وسريعة لكل ما يقربنا،، ولنتكاتف جميعاً ضد ما يفرقنا،،، لأن المأزوم لا يصنع نصراً،،، وأزمتنا عنوانها انقسامنا،،، واحتفالاتنا تجدد الولاء للوطن، وللشعب الذي ننتمي جميعاً...
ودمتم ودامت فلسطين...
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت