ضجة وردود فعل غير مسبوقة إثر قرار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية بإسقاط التهم الرئيسية ضد وزير الخارجية "أفيغدور ليبرمان"، والذي يجري التحقيق معه حولها منذ خمسة عشر عاماً، فـ "ليبرمان" يجيد المماطلة والكذب والخداع، ومن خلال موقعه وعلاقاته الواسعة فإن له تأثيرا على المحققين وعلى النيابة العامة، فالتحقيق الذي جرى معه بتهم تبييض الأموال والغش والخداع، وإقامة شركات وهمية، -نقل الشركة الكبرى منها إلى ابنته، هذه الشركة التي كانت عبارة عن قناة لتمرير ملايين الدولارات من خلالها إليه من جهات الإجرام والمافيا الروسية، إضافة لتهم فساد بجميع أشكالها، بينما يتهمه المستشار القضائي بخيانة الأمانة، ففي عام 2008، تسلم ليبرمان مغلفاً من سفير إسرائيل في بيلاروسيا وبه معلومات عن تحقيقات الشرطة الإسرائيلية التي تجري ضده، وقد قام "ليبرمان" بمكافأة السفير ومنحه ترقية، أما التهم الكبيرة فقد أسقطت بذريعة عدم وجود أدلة كافية لإدانته، وهذا لا يعني أنه بريء منها، وحسب النظام في إسرائيل، فإن أي وزير تقدم بحقه لائحة اتهام، عليه تقديم استقالته من الحكومة، وهناك سوابق عن استقالة وزراء قدمت ضدهم لوائح اتهام واستقالت من مناصبها الوزارية، لكن "ليبرمان" رفض الاستقالة في البداية، وذلك عشية الانتخابات للكنيست التي ستجري بتاريخ 21-1-2013، بحجة أن لديه استشارة قانونية تسمح له البقاء في منصبه، إلا أن جهات حزبية واعتبارية تقدمت إلى المحكمة العليا لإلزامه بالاستقالة، أو قيام رئيس الوزراء بإقالته من منصبه، فاضطر بشكل مفاجئ إلى تقديم استقالته كوزير للخارجية، و"ليبرمان" الذي تحالف مع حزب الليكود في قائمة مشتركة لانتخابات الكنيست، كان يتوقع هذا المصير، بل أكثر من ذلك، ففي أعقاب إبعاده لنائبه- نائب وزير الخارجية- "عامي ايلون" من شمله بقائمة المرشحين للكنيست، استقطب في قائمته الانتخابية وجهاً جديداً في المكان الثاني، هو "يائير شامير" ابن رئيس الوزراء السابق "إسحاق شامير" ليخلفه في قيادة حزبه "إسرائيل بيتنا"، في حال تعثر عليه الاستمرار في رئاسة هذا الحزب، ووفقاً للمحللين الإسرائيليين فإن القائمة المشتركة بين الحزبين سوف تتأثر سلبياً وتتراجع على هذه الخلفيات.
أربعة وثلاثون قائمة انتخابية حزبية وغير حزبية تقدمت إلى لجنة الانتخابات المركزية للمصادقة عليها، والتنافس على مقاعد الكنيست الـ (19) وعددها (120) مقعداً، وبينما معسكر اليمين متكتل ومتكاثف ومتجانس في تطلعاته وأيديولوجياته، فإن معسكر الوسط واليسار لم ينجح في الاتحاد فيما بينه، فهو متفكك ومهلهل، فمعسكر اليمين متفق على زعيم واحد لتشكيل الحكومة القادمة وهو "نتنياهو"، مقابل كثرة الزعماء لأحزاب الوسط واليسار، وتشير جميع الاستطلاعات بأن أحزاب الوسط واليسار لن تنجح في اختراق حاجز الحصول على (61) نائباً في هذه الانتخابات تؤهلهم لتشكيل الحكومة القادمة.
أما أهم شعارات ودعايات الأحزاب الإسرائيلية فهي:
- شعار ليكود-بيتنا: وحدة الصف في الأحزاب اليمينية، والتعتيم الإعلامي على حملتهم الانتخابية، مع إبراز "نتنياهو" كشخص وحيد يمكنه مواجهة التحديات الأمنية، وعلى رأسها البرنامج النووي الإيراني.
- حزب العمل: تشدد "شيلي"، رئيسة الحزب، على الفوارق الاجتماعية في مواضيع الاقتصاد والمجتمع مع حزب الليكود.
- قائمة "الحركة" برئاسة "تسيفي ليفني": "نتنياهو" و"ليبرمان" خطر، لفني هي الأمل، والتركيز على البديل للسياسة الخطيرة لحكومة "نتنياهو"، وعرض اقتباسات لـ "نتنياهو" و "ليبرمان" باللون الأحمر والأصفر، الأجندة ستكون سياسية بخلاف معظم الأحزاب، وهذا الموقف ينطبق أيضاً على قائمة المستقبل برئاسة "يائير لبيد".
- البيت اليهودي برئاسة نفتالي بينت": يوجد مكان للجميع بحيث يحتوي على المتدينين والعلمانيين، وزيادة تمثيل الشباب، وإخفاء أي وعود بالانضمام إلى حكومة "نتنياهو".
- يوجد مستقبل برئاسة يائير لبيد: شعاره هو جئنا لنغيّر.
- شاس برئاسة "إيلي يشاي": رسالة تتعلق بالحاجة إلى الحفاظ على عالم التوراة، وقسمها العلماني سيركز على مواضيع اجتماعية مع التشديد على الطبقات الضعيفة وليس على الطبقة الوسطى.
ومن بين الأحزاب والقوائم العربية أربعة قوائم هي:
1-الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة برئاسة النائب محمد بركة، 2-القائمة العربية المشتركة برئاسة الشيخ النائب "إبراهيم صرصور"، 3-التجمع الوطني "بلد" برئاسة د. "جمال زحالقة"، 4-قائمة "داعم" وهي عبارة عن حزب عمالي برئاسة "اغبارية" و"زحالقة" وليس لها تمثيل في الكنيست الحالية، ففي الانتخابات السابقة التي جرت عام 2009، شارك فيها 52% من الناخبين العرب فقط، بينما أشار استطلاع جديد للمواطنين العرب في إسرائيل أن 65% يفضلون اندماج القوائم العربية في قائمة واحدة، ففي الانتخابات الماضية أدخلت القوائم العربية (11) نائباً إلى الكنيست، كما فاز أربعة نواب من المرشحين مع الأحزاب الصهيونية، أي أن عدد النواب العرب وصل إلى (15) نائباً، إلا أن هذا العدد ارتفع إلى (18) نائباً، في أعقاب استقالات من الكنيست لنواب من الأحزاب الصهيونية، مما مكن المرشحين في قوائمهم التالية أسماؤهم، الوصول إلى عضوية الكنيست، فأصبح عدد النواب العرب (18) عضواً، لكنهم غير متجانسين مع نواب القوائم العربية، لا في التنسيق، ولا في المواقف السياسية، ولو توحد العرب في قائمة واحدة، وأقدم أصحاب حق الاقتراع على ممارسة حقهم ليصل إلى مستوى الناخبين اليهود، أي ليقترب نسبة المقترعين منهم إلى 80% لحصلوا على ما بين 15-17 نائباً للقوائم العربية، الموحدون في برامجهم السياسية والاجتماعية، غير أن د. أسعد غانم من جامعة حيفا، أشار إلى استمرار انعدام الثقة لعرب الداخل بأحزابهم وقوائمهم الانتخابية، وهم يعكفون عن ممارسة حقهم الانتخابي، كذلك قال 79% من المستطلعين العرب، بأن ليس لهم ثقة بالمؤسسات السياسية للدولة، ومع ذلك، فإن بعض الأحزاب الإسرائيلية تقدمت بطلب إلى لجنة الانتخابات المركزية، لمنع ترشح ثلاثة من أعضاء الكنيست العرب هم: الشيخ إبراهيم صرصور، د. أحمد الطيبي، وحنين الزعبي، إضافة إلى منع قائمة التجمع من خوض الانتخابات، وذلك تحت ذرائع معاداة الدولة، وتأييدهم للسلطة الفلسطينية، وتأييدهم للمنظمات "الإرهابية" وعلى افتراض أن لجنة الانتخابات المركزية استجابت لفصلهم، فمن حقهم الرجوع إلى المحكمة العليا للاعتراض على قرار اللجنة بفصلهم.
لقد بلغ عدد المواطنين العرب في منطقة 1948 يفوق عن مليون ونصف مليون مواطن، أما عدد أصحاب حق الاقتراع فإنه يقترب من (800) ألف ناخب، وفي إحصائية إسرائيلية أن نحو (13) ألف من مواطني القدس الشرقية حصلوا على الجنسية الإسرائيلية، وليس لنا معرفة إذا كان لهم حق الاقتراع، أو أنهم من ضمن (800) ألف من عرب الداخل أصحاب حق الاقتراع، ولكن ما علينا قوله أن وجود نواب عرب في الكنيست له أهميته، ذلك لكشف الممارسات العنصرية على الأقل، من أعلى منبر إعلامي ألا وهو الكنيست، كما أنه لو حصلت أحزاب اليسار والوسط على (50) مقعداً، فإن النواب العرب سيكونون بيضة القبان، فأصواتهم في هذه الحالة ستمنع وصول "نتنياهو" إلى هرم الحكم، وهذا مطلب لليسار والوسط إضافة إلى عرب الداخل، مع أن جميع التوقعات تميل إلى أن "نتنياهو" سيبقى رئيساً للحكومة القادمة.
مقال تحليلي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت