حواديت ... لوحة جميلة من رفح

بقلم: أسامه الفرا

لوحة جميلة احتضنها الملعب البلدي في مدينة رفح، حفل زواج جماعي لم تقتصر أهميته على عدد المحتفى بهم، بل بما حمله من مشاركة الفصائل الفلسطينية المختلفة فيه، مشاركة غابت عن الساحة الفلسطينية على مدار سنوات الانقسام، وإن كنا نطمح أن تكون المشاركة أكثر اتساعاً، إلا أن الحفل يراكم على الأجواء الإيجابية التي تخيم على العلاقات الفلسطينية الداخلية، الداعية للمصالحة وطي صفحة الانقسام، الشباب الذين جلسوا على يسار المنصة بزي موحد وكذلك الحال مع الفتيات على يمينها لا يمكن لأحد من الحضور أن يميز بين من ينتمي منهم لحركة فتح أو حماس أو باقي الفصائل الفلسطينية، والجميل أيضاً أن الرايات الحزبية غابت عن الاحتفال لتترك الساحة للعلم الفلسطيني وبجانبه علم دولة الإمارات الشقيقة الداعمة للفعالية.

حفل الزفاف الجماعي الذي ضم 217 عريساً، جاء بتمويل من مؤسسة الشيخ خليفة للأعمال الإنسانية، من خلال اللجنة الوطنية الإسلامية للتكافل الاجتماعي، وسواء أقرت الفصائل الفلسطينية مشاركتها الفاعلة في هذه اللجنة أم حاولت أن تبتعد عن إطارها القائم، إلا أنها لا تستطيع أن تقف في موقف المعارض لنشاطها، كون الأمر يتعلق بأنشطة لا تتسم بعمل يجني محصوله فصيل دون غيره، وهي بالأساس تعمل على مساعدة أبناء الشعب الفلسطيني بغض النظر عن الانتماء الحزبي والفصائلي، داخل الملعب البلدي احتشد جمهور غفير لمتابعة هذه الفعالية، الغالبية من الحضور جاءت تبحث عن مكونات الوحدة الوطنية لطمأنتها بأن مسيرة المصالحة ماضية في طريقها، وأن الأجواء التي تشهدها الساحة الفلسطينية اليوم مغايرة عما كانت عليه في الماضي، الفرح الذي ارتسم على وجوه الحضور لم يكن مرده مشاركة المحتفى بهم فرحتهم، بقدر ما كان له علاقة بأجواء التوافق التي يبحث عنها كل مواطن فلسطيني غيور على الوطن ومستقبل قضيته.

قد يجد البعض ضالتهم في تبرير عجزهم من خلال توجيه سهامهم للإخوة القائمين على هذه الفعالية، بانتقادات ثانوية تعجز عن حجب المردود الإيجابي لهذا النشاط، سواء ما يتعلق منه بمساعدة الشباب الغير قادر على تأمين نفقات الزواج، أو ما يتعلق منها بإعادة روح التعاون بين فئات المجتمع الفلسطيني بأطيافه السياسية المختلفة.
إن كان لزاماً علينا تقديم الشكر لمؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية خاصة على رعايتها لهذا الاحتفال، والتي تأتي استكمالاً للنهج الذي سار عليه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، فمن الواجب أيضاً أن نثمن الجهد الذي بذله الإخوة في اللجنة الوطنية الإسلامية للتكافل الاجتماعي، ولكل الإخوة الذين أسهموا في إخراج هذا الاحتفال بالشكل الرائع الذي ظهر عليه، ومؤكد أن الفعالية لم تدخل الفرحة فقط للأسر الفلسطينية "تحت التأسيس" المستفيدة من البرنامج، بل أيضاً دخلت قلوب الكثير من أبناء شعبنا ممن يبحثون عن طي صفحة الانقسام وإعادة صياغة الوحدة الوطنية من جديد.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت