48 شمعة مضيئة!!!

بقلم: رامي الغف


تطوي حركة "فتح" هذه الأيام 48 عاما من الجهاد والتضحيات والبناء، لتقف في طليعة الحركات الثورية والجهادية الفلسطينية والعربية والتي ناضلت ضد الصهاينة والصهيونية، وقدمت من أجل الدولة والإستقال والتحرير قوافل الشهداء والجرحى والأسرى، وتحملت في سبيل تحقيق أهدافها الكثير من الألم والبعد والغربة والجروح والغدر، وطرزت تاريخ جهادها ونضالها بأحرف من نور ونار حتى تحقق النصر الناجز في الخلاص من الظلم والإضطهاد والديكتاتورية وأشرق فجر الحرية في إقامة دولة فلسطينية مستقلة أمام أحرار وشرفاء العالم.

وعندما تحتفل حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بذكرى تأسيسها الثمانية والأربعون في أوقات بدت مختلفة كثيرا عن السنوات الماضية، سواء في فترة المقاومة والنضال أو فترة التأسيس والبناء لأنها تقف اليوم وقد شارفت على قطف ثمار نضالها ومقاومتها التي بذلتها طوال السنوات الماضية من أجل الحفاظ على الثوابت الوطنية المقدسة ومن أجل الخلاص من الحكم العسكري الصهيوني وإزالة الظلم والطغيان، الذي كان وما زال يجثم على صدر أبناء الشعب الفلسطيني.

تقف حركة "فتح" اليوم في طليعة الأحزاب والحركات الإسلامية والوطنية والثورية في الوقوف ضد الحكم البربري الصهيوني ورفضها لكل أساليب الترهيب والترغيب من قبل الإحتلال، فقدمت القرابين تلو القرابين، لأنها كانت تعلم أن طريق الحرية والإستقلال والخلاص لا يعبد إلا بدماء الشهداء البررة.

إن حركة "فتح" تواجه الإحتلال وجها لوجه وخندقا لخندق ولم تنكفأ على نفسها أوتشعر بالإحباط في أي يوم من سنوات المواجهة والجهاد والمقاومة، لأن قيادة الحركة كانت تعمل وفق مبدأ "التوكل على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه"، وبقيت مرابطة في سهول وأهوار وأغوار وجبال الوطن الفلسطيني، موطنه نفسها على الألم ونكران الذات والتفكير بتحقيق المصلحة العامة حتى لو تطلب ذلك إلغاء المصلحة الخاصة وهذا المنهج بقي جزءا من فلسفة هذا الخط التحرري النضالي الفتحاوي حتى يومنا هذا.

اليوم حركة "فتح" تبدو أقوى من أي مرحلة ماضية بفضل حنكة وحكمة قادتها بقيادة الرئيس أبو مازن رئيس دولة فلسطين ورئيس حركة فتح ومعه إخوته في اللجنتين المركزية والثورية والمجلسين الإستشاري والعسكري، وقدرتهم على إدارة الملفات سواء تلك التي تتعلق بإدارة الدولة أو العلاقات مع المحيط العربي والإقليمي والدولي، أو تلك التي تتعلق بالبناء التنظيمي للحركة خاصة بعد المتغيرات التي حدثت في الهيكلية التنظيمية للحركة خلال السنوات الاخيرة.

إن من حق حركة "فتح" أن تفخر بما قدمته للوطن الفلسطيني وشعبه الأصيل وأجيالهم الطلائعية سواء في سنوات النضال أو في سنوات البناء، ففي سنوات النضال قدمت آلاف الشهداء يقف في طليعتهم الشهيد الرمز القائد ياسر عرفات وشهداء اللجنة المركزية لفتح.

إن تاريخ حركة "فتح" بدأ منذ ثمانية وأربعون وهي فترة كافية للوصول إلى سن البلوغ والفتوة وإكتساب الخبرات، وحقيقة الأمر أن الفترة الحالية هي فترة للحركة لأن تضع كامل تجاربها وخبراتها في خدمة فلسطين وأبناء فلسطين، ولم لا وقد كشفت الأيام والسنين والازمات أن في "حركة فتح" تكمن كل الحلول للخروج من هذه الأزمات المتكررة التي أضاعت سنوات وسنوات من عمر الشعب الفلسطيني.

وربما يكون أحد أهم أسباب النجاحات التي تحققها "فتح" اليوم, هي إستراتيجيتها وبرامجها التي تتعامل بهما منذ تأسيسها، والمبنية على مبدأ الإنفتاح الإيجابي على كافة القوى الوطنية الفلسطينية, حيث كان هذا المبدأ في أولى إهتماماتها حتى وإن إختلفت مع بعض هذه القوى في رؤيتها للأمور والأوضاع التي تمر بالوطن، والأوضاع التي تحكمها معتبرة هذا الإختلاف في الرؤى والتصورات ليس معناه القطيعة خاصة مع القوى التي عملت معها جنباً الى جنب في العملية التحررية والنضالية.

لذلك تعتقد حركة "فتح" إن الحوارات والمكاشفات يجب أن تكون النهاية لحل الإشكاليات وإتباع الطرق الدستورية وإعتماد التوافقات من دون نكاية أو إستقواء بهذا الطرف أو ذاك من الأطراف الخارجية غير المعنية اصلا بالازمة الحالية القائمة في الوطن الفلسطيني.

لقد مثلت "فتح" نقطة مضيئة في تاريخ الخط النضالي المقاوم وهي إضافة كبيرة إلى إغناء هذا التاريخ بصفحة جديدة مشرقة من صفحات النضال في إتجاه بناء دولة المؤسسات العصرية لخدمة الوطن والمواطن، وبمراجعة تاريخها منذ تأسيسها في بدايات ستينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا نقرأ في كل صفحة من صفحاتها عنوانا من المجد والفخار والتضحيات والدماء الطاهرة التي روت أرض فلسطين بأغلى الرجال والشباب والاطفال والنساء, لانه تاريخ قائم على أسس التضحية في سبيل الوطن والقضية وفي سبيل بناء دولة المواطن الكريمة.

هذه المسيرة الطويلة "لفتح" والمتضمنة العديد من الإنجازات والنجاحات والمواقف الوطنية المميزة إنما هي نتاج للتاريخ الوطني المشرف لها ولرمزها التاريخي الممثل بشهيد فلسطين "أبو عمار" الذي أسس وقدم لتجربة وطنية مميزة وكبيرة بأبعادها وأرسى دعائم صرح تيار فكري مقاوم يقوم على أسس الشراكة والوطنية والعدالة والمساواة بين مكونات الشعب الفلسطيني من دون تهميش أو إقصاء أو إستبعاد لأي طيف من أطياف الشعب الفلسطيني، وبناء دولة المؤسسات والقانون وهو الشعار الذي ناضل من أجله شهيد فلسطين وإعتبره الهدف الأسمي والمقياس لنجاح الجهود والتضحيات التي قدمها الفلسطينيون طيلة سنوات النضال والمواجهة مع الحكم العسكري الإسرائيلي، حيث حققت الحركة وخلال الفترة الماضية مكانة مميزة وكبيرة وشكلت معادلة واضحة لها ثقلها في الساحة السياسية واثبتت انها الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه أو تجاهله وهي التي سمحت لها أيضا بأن توظف مكانتها السياسية تلك وحضورها الاجتماعي والسياسي والإقتصادي في بلورة مشاريع ومبادرات وطنية وسياسية تقرب المسافات بين الجميع وتعمل على تذويب الخلافات بين أطراف العملية النضالية والسياسية وهو دور رحبت به جميع الكل الفلسطيني نظراً لتقديرها لمكانتها ونزاهتها ولنهجها الوطني البعيد عن الإصطفافات العنصرية، وحرصها الواضح في المحافظة على الانجازات الوطنية، بإعتبارها تمثل نتاجا لهذه الجهود والتضحيات وترتبط بمصير العملية السياسية في الوطن بأكملها.

تجيئ الذكرى السنوية الثامنة والأربعون لتأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" وقد إنطوت صفحة أخرى من صفحات تاريخها الناصع والزاخر بالعطاء والتضحية والجهاد والفداء ونكران الذات، فقد إستطاعت هذه الحركة الديموميه أن تكون لها دورا فاعلا ومؤثرا على مجريات الاحداث على الساحة الفلسطينية، في حقبة زمنية مهمة جدا من تاريخ الوطن الفلسطيني المعاصر، والذي شهد تحولات جذرية من نظام الحكم الثوري الى نظام حكم الدوله المؤسساتية، بعد ان كان الوطن فيما مضى من نظام حكم إحتلالي صهيوني عنصري الى نظام ديمقراطي مؤسساتي حر تشوبه كثير من الاشكاليات وتعوقه مجموعة من المعوقات لعل من ابرزها طبيعة تركيبة المجتمع الفلسطيني.

وهنا لا نبالغ هنا لو قلنا أن "فتح" وفي فترة تصديها لمقارعة الإحتلال الصهيوني قد ركزت على هدف إستراتيجي واحد ومحدد وهو إسقاط الحكم العسكري الإسرائيلي, فسخرت كل السبل والعوامل من أجل تحقيق هذا الهدف المشروع، فعملت قيادتها ممثلة بالرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات وبجانبه إخوته باللجنة المركزية للحركة وأعضاء مجلسها الثوري والإستشاري والعسكري وجنباً إلى جانب مع قيادات المحافظات والأقاليم والمناطق، جاهدين لتوحيد صفوفهم وتوزيع أدوارهم من أجل تحقيق هدف القضاء على الحكم البربري الصهيوني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، فشكلت فصائل العمل المسلح المتثلة "بأيلول الأسود""وبالفهد الأسود"" وبصقور فتح""وبكتائب شهداء الأقصى" والمجموعات العسكرية والأمنية الفتحاوية، من أجل تحقيق هدف إسقاط الحكم العسكري الإسرائيلي والقضاء على أحلامه بالتوسع والسيطرة على الأرض الفلسطينية.

حرصت حركة "فتح" التي قارعت الظلم والإستبداد والقهر الاجتماعي الذي مارسه الإحتلال الإسرائيلي، الى تحمل المسؤولية مؤكدة على أن هذا العمل الوطني كله ما هو إلا تكليف شرعي ووطني وليس لإقتناص الفرص للحصول على إمتيازات شهوة الحكم والتسلط، وهذا ما يقرُّ به حتى المناوئين "لفتح" فضلاً عن كوادرها ومسؤوليها وقيادتها وأنصارها وجماهيرها وعناصرها ومناصريها الواسعة وقاعدتها الشعبية العريضة، وعندما تفتخر " فتح" بقاعدتها الشعبية العريضة وجماهيرها الواسعة فهو حق طبيعي لها ومن حقها الشرعي والأخلاقي أن يعرف بسعة هذا الإلتفاف الجماهيري الموحد حول مشروعها المستنير النهضوي الذي إختطه منذ تأسيسها لخدمة فلسطين وشعبها وكوادرها وأبناءها، دون شطب أو إقصاء أو تهميش لأي مكون من مكونات الطيف الفلسطين وهذا هو الإنصاف والعدل الحقيقي.
* أخر الكلام
يا أبناء فتح في كل مكان فلتتوحد كلمتكم ولتتلاحم صفوفكم تحت الراية الفلسطينية، من أجل إنقاذ وطنكم من كابوس الإحتلال الصهيوني، وبناء فلسطينكم حرة كريمة، تغمرها العدالة وتسودها كرامة الإنسان، ويشعر الكل الفلسطيني بأنهم إخوة يساهمون جميعاً في قيادة وطنهم وتنميته وإزدهاره، فعليكم بالوحدة والوحدة والوحدة ففيها قوتكم ونجاتكم ..

،،،عاشت الذكرى عاشت الوحدة، والنصر حليف شعبنا وقضيتنا ودولتنا دوماً وأبداً،،،

إعلامي ومفوض سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت