اما المصالحة واما الانقسام

بقلم: مصطفى إبراهيم


ايام وينتهي العام 2012، والحال هو الحال، إما المصالحة وإما الانقسام، المؤشرات اصبحت تؤكد ان الانقسام مستمر وربما سيعمق اكثر، في حال لم يتم اقتناص الفرصة و اتخاذ قرارات شجاعة ومصيرية، كذبنا على انفسنا و نكذب بالمناخ التصالحي والأمل والتفاؤل والتآخي، والصبر والصمود والتسامح وقبول الاخر، وكأننا من طوائف متعددة، والصبر والتكيف والقلق يؤلمنا اكثر.

سوء طالعنا ان تحكمنا قيادة تغلب مصالحها الحزبية على مصلحة الوطن، وتعتقد انها تغلب المصلحة الوطنية العليا، ونحن مستمرون في التعايش مع الحال السيئ، كتب علينا الانقسام منذ خمس سنوات ونصف، ونطالع ذات الاخبار وذات المصطلحات السياسية، والشعارات الوطنية الرنانة.

قدرنا العيش مع هذه الحال ونتعاطى السياسة والأخبار، والعيش المستمر مع الاخبار مضر بالصحة كالسجائر. نحاول الهرب الى اماكن منزوعة من هموم وأوجاع الانقسام، والسياسة والاحتلال والاستيطان، وتهويد القدس، والعدوان والقتل والشهداء والجرحى، والأسرى وإضراباتهم، والمفاوضات والمقاومة، والخلاف والاختلاف، والمصالحة، والهم اليومي، والكهرباء ومياه البحر الملوثة، ومياه الشرب غير الصالحة للاستعمال الادمي، والرواتب والفقر والبطالة، وشظف العيش والبؤس والشقاء.

نصطدم اثناء محاولة الهرب بالسائلين عن احوال البلد والمصالحة، ويعتقد هؤلاء ان الكاتب او الصحافي انه يمتلك مفاتيح المعرفة بخبايا اهل الانقسام، وغموض الرئيس محمود عباس وقناعاته، وما يخفيه قادة حماس ونواياهم، وان قدرته على المعرفة اكثر من ما يكتب وينشر في وسائل الاعلام.

اسئلة الناس الدائمة وشغلهم الشاغل عن المصالحة، ومتى سنستطيع انهاء الانقسام؟ هل صحيح ما يتردد ان حماس غير معنية بالمصالحة بعد ما حققته من انجاز عسكري في العدوان الاخير على قطاع غزة؟ وهل حماس تستقوي بالرئيس محمد مرسي وان الربيع العربي يصب في مصلحتها؟ هل حماس حققت انجازات وحصلت على شرعية سياسية بدعم مصري؟ وهل ستستمر حماس بحكم قطاع غزة وحدها؟ هل ان حماس ستسيطر على منظمة التحرير، وخالد مشعل سيكون رئيساً لها؟ هل حماس عقدت هدنة طويلة الامد مع اسرائيل وسنشهد مفاوضات بينهما؟

وهل صحيح ان الرئيس محمود عباس عزز موقفه أمام حماس بعد قرار الحصول على الدولة غير العضو وتحقيقه انجازا دبلوماسياً وسياسياً؟ و لماذا يصر الرئيس محمود عباس على ان تكون الانتخابات اولاً قبل تشكيل الحكومة؟ وهل صحيح انه سيعود للمفاوضات في شهر فبراير/ شباط القادم؟ ولماذا لم يتقدم حتى الان بطلب الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة المسؤولين الاسرائيليين امامها؟ وهل صحيح ان هناك ازمة مالية في السلطة؟ وهل سيوافق الرئيس عباس على ان تكون كونفدرالية بين فلسطين والأردن؟

وهل تستطيع السلطة اتخاذ قرار حقيقي بمقاطعة البضائع الاسرائيلية؟ ولماذا القرار الان؟ وهل فياض صادق في ذلك أم هو يحاول احراج حركة فتح ومناكفتها؟ وهل يتم ذلك من دون توافق وطني واتخاذ خطوات حقيقية وإيجاد بدائل للبضائع الاسرائيلية؟ و لماذا ترفض حماس اقامة مهرجان لانطلاقة فتح في ساحة الكتيبة؟ ولماذا لم يتم حتى الان اتخاذ خطوات عملية لإنهاء الانقسام والإفراج عن المعتقلين السياسيين؟ ولماذا الاستمرار في تقييد الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير، واحترام حقوق الانسان الفلسطيني؟

اسئلة مستمرة تضيف لهمنا اليومي وأوجاعنا وجعاً كبيراً، والسؤال الكبير اين هو المناخ التصالحي؟ كما قال لي صديقي، اتمنى عليك التقليل من المناخ التصالحي!
نحلم بانتهاء الانقسام اكثر ما نحلم بإنهاء الاحتلال المستمر في سياساته وتنكره لحقوقنا ونحن ماضون في انقسامنا وتعزيزه، ونطلق شعارات الغضب والتهديد المضحكة، وبأيدينا نحجب شمس الحرية عن وطن الحرية، وتداس الكرامة والحقوق والعدالة غائبة، و تغيب من اجل برامج سياسية متنافرة ومصالح وقناعات شخصية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت