المصالحة إصلاحات وليست انتخابات

بقلم: فايز أبو شمالة


صندوق الاقتراع هو الحكم، وهو صاحب كلمة الفصل في حالة الانقسام الفلسطيني، فهيا إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية، فإما أن تكون الغلبة لكم في حركة حماس، أو تكون لنا في حركة فتح، ولا داعي لمزيد من لقاءات المصالحة والتفاهمات، ذاك هو مضمون حديث السيد عباس عن المصالحة الفلسطينية، والذي يبدو في ظاهره رقيقاً ناعم الملمس، ويعطي مصداقية في زهد الرجل في السيطرة والحكم، ولكن باطنه يخفي الكثير من حقول الشوك، والمصائب السياسية للقضية الفلسطينية! فكيف يكون ذلك؟
الذي يدعو لانتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة الغربية وغزة فقط، دون برنامج سياسي متفق عليه وملزم لجميع الفلسطينيين، يكون قد فصل بين أصول القضية الفلسطينية وفروعها، والأصل هو اغتصاب القدس وكل فلسطين، وليس احتلال الضفة الغربية وغزة فقط، ومن الجرائم السياسية أن نحصر المصالحة في موضوع السلطة الفلسطينية ووظيفتها الخدمية فقط، دون الالتفات إلى العمق السياسي من المصالحة.
والذي يدعو لانتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة الغربية وغزة فقط، هو لا يفرط بشبرٍ من صلاحياته في رئاسة منظمة التحرير، والتفرد بقراراتها، باعتبارها المرجعية العليا لرئيس السلطة الفلسطينية ولرئيس الوزراء، وهي صاحبة الولاية في إبقاء المجلس التشريعي، وفي تجميد عمله وحله إن تطلب الأمر، وهي صاحبة اليد الطولى في كل شأن فلسطيني.
والذي يكرر الدعوة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة الغربية وغزة يراهن على فوز حزبه في هذه الانتخابات، وبالتالي فهو يضمن بقاء كل الصلاحيات في يده، مع تفويض من القوى الأخرى لمواصلة السير على نهجه السياسي القائم على المفاوضات، أما في حالة خسرانه الانتخابات التشريعية والرئاسية، فإن حزبه الممسك بتلابيب منظمة التحرير سيظل المرجعية العليا للسلطة الفلسطينية التى خسر انتخاباتها، وعليه ستظل المناكفة بين طرفي الخصومة قائمة، بل سيتعزز الانقسام السياسي أكثر، وسيكبر الفشل الإداري، ويتفاقم العجز المالي، لتتعالى صرخات الاستغاثة حتى حافة العلم الفلسطيني المتذلل للرواتب.
إن مصداقية الدعوة لانتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة الغربية وقطاع غزة تتمثل في تحققها غداة التوافق على برنامج سياسي؛ ينبثق عن الثوابت الوطنية الفلسطينية التي نطبل ونرقص لها في الانطلاقات، على أن تجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية بعد إصلاحات جذرية في البنية الأساسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي اعترفت بدولة الصهاينة، وبعد تشكيل قيادة تنفيذية عليا للمنظمة تضم كل أطياف الشعب الفلسطيني.
باختصار: كيف يصير إصلاح الفرع دون معالجة الأصل، وكيف يصير الانتقالي بديلاً للدائم، ويصير التمسك بالثانوي قرين التخلي على الأساسي؟ وكيف ينبهر البعض بالطلاء الخارجي وماكياج الكلمات، ويغفل عن جوهر الحق ومنطلق البدايات؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت